أحمد مظهر سعدو
تستمر الثورة المدنية في لبنان فصولاً وتجددًا، ومازالت تهدد أركان النظام الطائفي بالانهيار. وهي بفعلها الشعبي القوي، وبتميزها ووضوحها السلمي الجذري، تؤشر بما لا يدع مجالًا للشك إلى أنها باقية وتتمدد، متواصلة ولن تقف عند حد، حيث الفعل الثوري الجماهيري عادة هو فعل متتابع وغير قابل للانتكاس أو التراجع. في وقت نرى فيه مراهنة مباشرة من حزب الله ورئيس الجمهورية ليس فقط على التدخل الفرنسي، بل على تدخل روسي أيضاً كي يقوم بدعم عون وحزب الله لبقائهما في خطف السلطة من الشعب اللبناني المنتفض. وبالتالي، تُسحق طموحات اللبنانيين في لعبة الأمم كما يشير الكثير من المتابعين. ويبقى السؤال هل سيتمكنون من ذلك عبر البوابة الفرنسية الروسية هذه المرة؟ وهل تستطيع السلطة في لبنان إفشال الحركة الشعبية اللبنانية المتواصلة والتي ما برحت تتألق يومًا إثر يوم؟ (المدار نت) سألت حول هذا المعطى بعض الكتاب والسياسيين السوريين والفلسطينيين، حيث أجاب المعارض السوري الدكتور خليل سيد خليل بقوله: ” الثورة اللبنانية اليوم ثورة لا يمكن لجمها، لأنها ثورة فقر وضد الفساد الطائفي لكافة اللبنانيين، من تدخلات ميليشيا حزب الله وغيره من الأحزاب المهيمنة على مقدرات البلد الاقتصادية والسياسية، ومهما تدخلت ميليشيا حزب الله وغيره من الأحزاب المهيمنة، لن تلجم الحراك الشعبي اللبناني، لأنها ثورة ضد الفساد ولتحقيق الإصلاح في لبنان بدون طائفية أو مذهبية” وعن الموقف الروسي والفرنسي قال ” أما الموقف الروسي والفرنسي في دعم الرئاسة اللبنانية، فإن روسيا على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا الجمعة الماضية تقول إن بلادها تأمل تسوية الوضع في لبنان، وقالت للصحفيين إن موسكو تأمل نجاح الاتصالات المكثفة المستمرة بين أطراف النزاع، لإيجاد أفضل طريق للخروج من الوضع الحالي، مما يسمح بتشكيل حكومة جديدة، وتنفيذ مسار الإصلاح الذي يهدف إلى تصحيح الوضع الاقتصادي ومكافحة الفساد. وهي تؤكد دعم سيادة الجمهورية اللبنانية ووحدتها واستقرارها، وتؤكد ارتياحها عبر تأكيد رئيس الجمهورية اللبنانية على لقاء نشطاء الحركة الاحتجاجية والاستماع إليهم، وفرنسا تعد أحد أبرز الشركاء السياسيين الأوروبيين للدولة اللبنانية، وخاصة للرئيس ميشيل عون”.
مانيا الخطيب الكاتبة السورية قالت للمدار نت ” إن أهمية الثورة المدنية الشعبية في لبنان أنها تسعى إلى الخروج من مستنقع الطائفية الذي غرقت فيه بشكل مشرعن منذ اتفاق الطائف وحتى الآن، إلى بناء دولة وطنية ديمقراطية يحكم فيها اللبنانيون أنفسهم بأنفسهم حسب ما تقتضيه مصلحة بلادهم. إلا أن هذه البديهية تصطدم حصراً في تعارضها الوجودي مع لاعبين أساسيين في السياسة الداخلية اللبنانية والذين يتبعون إلى أجندات عابرة للحدود والمقصود هنا تحديداً حزب الله ومن يتحالف معه من القوى المتحكمة بالبلاد. هذا الصراع الوجودي، الذي سينسف أحده الآخر، سوف ينجم في النتيجة الحتمية له إلى انتصار إرادة الشعب اللبناني، لأن الأمور وصلت عنده إلى نقطة اللاعودة، فهو قد غرق بالدماء حوالي 15 سنة من الحرب الأهلية، وغرق في نظام محاصصة سياسي، نصّب أمراء الحرب عليه عقوداً، أودت بلبنان واللبنانيين إلى هذه الهاوية السحيقة، التي يحاولون اليوم الخروج منها بثورة جميلة وساحرة ظهرت فيها معاني الكرامة الإنسانية في أبهى حللها. ولكن ما الذي سوف يسبق هذه النتيجة الحتمية طالما أن الصراع وجودي كما سبق وأن ذكرت. سوف تدخل لعبة الأمم على الخط” وعن سيناريو دخولها، وكيفيته قالت ” احتمالات دموية دخوله التي أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئة فيه، هو أمر متروك إلى تماسك اللبنانيين أنفسهم، وقدرتهم على بناء أجندة وطنية مشتركة، وعدم السماح للأجندات الخارجية بالدخول فيما بينهم ونخر صفوفهم وتشتيتهم، المراهنة كبيرة لأن هذا الشعب قد خرج من أهوال تجعله يقرر وبشكل نهائي طي صفحة الماضي المرير إلى غير رجعة. “
السياسي السوري جهاد أكرم حوراني أكد أن ” مراهنة حزب الله غير واقعيه ولا تصب لا في مصلحته ولا مصلحة لبنان، الانهيار حدث فعلاً وخير لحزب الله ان يتخلص من أوامر إيران وأن يقبل بوزارة تكنوقراط، ورط حزب الله لبنان توريطات لا تخدمه ولا تخدم لبنان ولا القضية الفلسطينية. العقل يقول إن سلاح حزب الله يجب أن يكون رديفًا ومرتبطًا بالجيش اللبناني للدفاع عن لبنان فقط.”
أما الكاتب الفلسطيني تيسير الخطيب فقال : ” تضيف انتفاضة الشعب اللبناني إلى كوكبة الثورات العربية التي سبقتها سمتها أو طابعها اللبناني المميز بشعاراته وأغانيه وأهازيجه وروح النكتة والظرافة، ناهيك عن مستوى مشاركة المرأة بصورة خاصة في فعاليات ويوميات الانتفاضة اللبنانية، فقد أضافت إلى طابعها المعادي للاستبداد والفساد المعبر عنه في شعاراتها وهتافات المشاركين والمشاركات في تظاهراتها واعتصاماتها، بعدًا سياسيًا استبطنت فيه هدفًا آخر يضاف إلى أهدافها وهو الخلاص من الهيمنة الايرانية كقوة تدخل خارجية، معبرًا عنها بوكلائها المحليين، من خلال الروح الوطنية الجامعة برفض الطائفية والمحاصصة الحزبية، الأمر الذي استثار طرفين رئيسيين وهما حزب الله وتيار رئيس الجمهورية ميشيل عون، لأن كلا الطرفين يحملان في سلوكهما ورؤيتهما مشاريعًا طائفية وعلى حساب وحدة لبنان وهويته، وعلى حساب بقية الطوائف، مستندين إلى دعم إيراني غير محدود كما أكد ذلك حسن نصر الله نفسه في تصريحات ومقابلات عديدة، ولعل مبادرته إلى أول خطاب له بعد الانتفاضة، والذي أتى بعد ثلاثة أيام من انطلاقتها معتقدًا أن بإمكانه أن يضع سقوفًا للمنتفضين رافضًا أية أهداف سياسية للانتفاضة محاولًا استثمار حضوره العسكري القوي كميليشيا خارج سيطرة الدولة تحت اسم المقاومة ليهدد اللبنانيين (إنكم لن تستطيعوا أن تسقطوا العهد ولن تستقيل الحكومة ). إلى آخر ما جاء في خطابة، الذي عكس فيه صورة مخاوفه ومعنى أن يثور الشعب اللبناني على حكومة التسوية التي أتت بعد اعتقال رئيس الحكومة اللبنانية في السعودية وإجباره على الاستقالة، والتي فهم منها حزب الله أنه آن الأوان لاحتكار حكومة لبنان من خلال فرض صيغة تجعل منه لعبة بيده، ولعل أول مفاجأة تلقاها نصر الله وحزبه هي استقالة سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية متجاوزًا التهديدات الشخصية من نصر الله بمحاكمته إن هو قدم استقالته”. ثم أضاف ” مع تصاعد الهتافات في الشارع اللبناني ضد حزب الله وحسن نصر شخصيًا ولدى بعض الأوساط، ازداد شعوره بالخطر، فذهب إلى القول عن تمويل خارجي للمنتفضين وتدخل للسفارات ودعمًا خارجيًا للثوار. لقد أعلن حسن نصر الله وحزب الله عن نفسه كحامي للفساد وراعي للعهد يفرض وصايته عليه، وقد تخيل لوهلة أنه يستطيع أن يملي على اللبنانيين ما يقولونه وما لا يقولوه ، وقد ثبت له هزال تصوراته ورؤيته وتشخيصه لمجريات الأحداث فأتى خطابه الثالث بغضون عشرة أيام ليتراجع عن كثير مما قاله سابقًا محاولًا إعادة التوازن لبعض ما أطلقه من مواقف، مستبطنًا تهديدًا بأنه أقوى طرف داخلي في لبناني، بعد أن أسهب كثيرًا في الحديث عن السباب والشتم وأنه لا يليق باللبنانيين مثل هذه الشتائم الخ…ولكن بعد أن كان يهدد من يريد أن يستقيل راح يثني على إيجابيات المتظاهرين متقمصًا دور المؤيد لمطالب اللبنانيين لأنه أدرك بأنه لن يستطيع أن يثني اللبنانيين عن مطالبهم”. وقال ” مع استقالة الحريري، واعتبار الحكومة المستقيلة هي حكومة تصريف أعمال، كان من المفترض أن تبدأ استشارات نيابية يتوصل فيها رئيس الجمهورية إلى من هو رئيس الحكومة المكلف، ولكن ذلك لم يحصل إلى الآن في مخالفة صريحة للدستور اللبناني. وعلى ما يبدو فإن أمر تشكيل الحكومة الجديدة يخضع لعدة اعتبارات داخلية وخارجية، ومنها وفي المقام الأول أن هذا التشكيل سيأتي على وقع التظاهرات الرافضة للمحاصصة الحزبية الطائفية، بينما ترغب الأحزاب والقوى الطائفية المشاركة في الحكم الإبقاء على حصتها والحفاظ على الامتيازات التي حققتها خلال الفترة السابقة، ما يجعل من حل المعادلة استنادًا إلى العناصر الداخلية غير ممكن مما يرشح الأمور إلى مزيد من التصعيد، فكلما طالت مدة الفراغ بعدم تشكيل الحكومة الجديدة سيزيد من حدة التوترات الداخلية، ويفاقم المشاكل الحياتية والسياسية، والعقبة الأساسية هي موقف حزب الله الذي يعتبر أن إخراجه من الحكومة عبر تشكيل حكومة تكنوقراط يطالب بها المتظاهرين ، سيجعله بموقف ضعف داخلي وخارجي، وربما بسبب طبيعة مشروعه الطائفي الذي يقوم على ركيزتي السلاح في الداخل المستند إلى الدعم الايراني، وعدم الاصطدام بالغرب بالتحديد أوربا وفرنسا على وجه الخصوص بغطاء تحالفه مع التيار العوني، معتقدًا أن حكومة بدون مشاركته أو حتى هيمنته ربما تطلب لاحقًا نزع سلاحه من الأمم المتحدة وتحت البند السابع، مما يجعله يخوض معركة مع المجتمع الدولي لا يريد في الظروف الحالية خوضها في مرحلة يعيش فيها حلفاؤه في إيران والعراق أزمة حقيقية. لهذه الأسباب يحاول حزب الله تعطيل تشكيل أي حكومة لا يوجد فيها تمثيل وازن له، كما أنه لا يريد إخراج حلفاءه من التيار العوني الذين يشكلون له غطاء غربيًا لمنع اعتباره أوربيًا حزبًا ارهابيًا. ومع الفشل في تشكيل الحكومة ومع تفاقم العوامل المسببة للانتفاضة فلإن هذا سوف يفاقم من عوامل الصراع، وسيزيد من حدة التظاهرات والفعاليات الشعبية، ولكنه من غير الواضح إلى الآن أن حزب الله يريد أن يستعجل صراعًا مسلحًا أو أن يفرض على اللبنانيين خيارًا غير سلمي في التعاطي مع الأزمة حاليًا وهو بانتظار تدخلات فرنسية أو غيرها للتغلب على العقبات الداخلية، فعقبة تمسك حزب الله بمواقفه التي في جوهرها أنه يرى ما يجري سيسفر عن معنى واحدًا هو استهداف المقاومة أو بمعنى آخر الهيمنة الايرانية. سيجعل من إمكانية الحلول العاجلة أمرًا غير مرجح في الوقت الراهن، ويرشح الوضع اللبناني لمزيد من التدخلات الاقليمية والدولية.”
من جهته الأكاديمي السوري الدكتور أحمد الحمادي قال للمدار نت : ” تتميز الحياة السياسية العامة في لبنان بهيمنة الطائفية ونظامها الطائفي، حيث مزقت وأحدثت شرخًا عاموديًا وعرضيًا في المجتمع اللبناني فمزقته لطوائف متصارعة مع بعضها البعض على النفوذ والسلطة والمصالح المتناقضة والمتصادمة، وعُمق هذا الشرخ المجتمعي، وشُرعن في الدستور اللبناني واتفاق الطائف، ثم أفرز نظام المحاصصة الطائفية في الهيكل التنظيمي لسلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية ومؤسسات الدولة المختلفة، فأصبحت الوظائف والمسؤوليات من أعلى سلطة إلى الوزارات والادارات في كل مجالات الحياة العامة تتبع نظام المحاصصة المقيت، مما أثر على حياة المواطن اللبناني بشكل سلبي، بل تحكمت في جل حياته، والأنكى أنها تحكمت حتى بنجاح ورسوب الطلاب في الجامعات، حيث يجب نجاح عدد محدد من الطلاب وفق هذا النظام ، مما خلق أحزابًا وتنظيمات سياسية مرتكزة على الطائفية ومفرزاتها والاعتماد على التجييش والحشد الطائفي من خلال إثارة الغرائز الطائفية لدى اللبنانيين، مما عمق الانقسام في هذا المجتمع، الذي عانى ومازال الويلات الطائفية ومفرزاتها منذ الاستقلال حتى الآن .ومع صحوة اللبنانيين على وقع ضغوط حياتهم القاهرة وتدني الخدمات العامة المقدمة لهم، فلا كهرباء ولا ماء ولا تعليم ولا علاج ولا دواء ولا حل لمشكلة النفايات المتراكمة الخانقة للأنفاس، ناهيك عن التمييز والمحسوبية والتبعية شبه المطلقة للزعماء في تسيير أمورهم الوظيفية، أو تحريك معاملاتهم وقضاياهم في الدوائر الرسمية، والفساد المستشري والقضاء المنحاز غير النزيه، وانعدام أو شح فرص العمل، وسوء الأحوال المعيشية والضرائب التي أنهكتهم، وغير ذلك مما يعانونه، حيث دفعهم كل هذا و غيره لتفجير ثورتهم، وخرجوا من قمقم الانغلاق والتقوقع على الذات للطائفة، إلى رحاب الوطن الفسيح متطلعين لوطن يحقق ذاتهم الوطنية ومواطنيتهم ضاربين بالطائفية وزعمائها وثقافتها ومخلفاتها وانعكاساتها عرض الحائط، التي لم تقدم لهم سوى التبعية والقهر والذل والخيبة والحرمان والخذلان لذا طرحوا شعار( كلن يعني كلن ) لإدراكهم بأن كل ما يعانوه جاء به هؤلاء (الكلن).
فكانت ثورتهم السلمية والتي مازالت كذلك، مستخدمين كافة أشكال وسائل التعبير الثوري السلمي للإفصاح عما يريدون ولتحقيق خلاصهم من جميع هؤلاء الفاسدين المفسدين الذين يسيرون أمور بلدهم لتحقيق مصالحهم الخاصة، وتكريس سلطات ونفوذ واستمرارية الزعيم وحزبه وأبنائه من بعده، مع ما تخلل بعض تحركاتهم من اعتداءات على المتظاهرين والثوار في الساحات من قبل شبيحة أمل وحزب الله الذين شعروا بالتهديد الحقيقي لسلطتهم ونفوذهم وانعدام البقاء على حياة القطيع الطائفي المنفذ بإشارة الزعيم وتوجهاته، وهذا ما دفع (أمير الضاحية) لتهديد ووعيد الثوار ووصف ما يجري بالمؤامرة ووفق أوامر وتوجيه السفارات وأجهزة أمنية أجنبية وبتمويل خارجي وتقسيمه الثوار لعدة فئات من باب اللمز و الهمز ومحاولة زرع بذور الفتنة بينهم والشك والريبة فيهم، بأن هناك من يحصل على التمويل الخارجي لإثارة الفتنة وهو تابع لهذه الجهة الخارجية أو تلك”. وأضاف الحمادي ” التدخل الخارجي تجلى واضحًا وصريحًا بتصريحات الايرانيين وفتاويهم، فالخامنئي اعتبر ما يجري في لبنان والعراق يعيق تحرير القدس (المتاجر بها وبقضيتها لسفك دمائنا هو ومحوره) وكذلك دعوة خطيب الجمعة في طهران لقتل المتظاهرين، ونرى وفق هذه الطروحات حسب رؤيتهم واتهاماتهم بأن الثوار أعداء ويندرجون وفق المعادلة الصراعية مع اسرائيل وضد محور المقاومة والممانعة ومحورها مما أدى إلى صدور فتاوي القتل والقضاء عليهم في العراق ولبنان وقبلها في سورية.” ثم قال ” تفجرت الثورة اللبنانية بكل قوة وإرادة عالية للخلاص ولسان حال الثوار يقول: نريد الخلاص من كل هؤلاء الفاسدين المفسدين الذين ينعمون بحياتهم وبذخهم وترفهم على حسابنا و(تعتيرنا)، نريد وطنًا حرًا عزيزًا كريمًا نحقق فيه ذاتنا الوطنية الحرة الكريمة ونعيش في ظله بحريتنا وكرامتنا بعد أن سرق هؤلاء منا حتى الحلم بأن يبقى أولادنا معنا دون تشتتهم في أصقاع المهاجر وغيابها بحثًا عن العمل والحياة الأفضل.” وعن التدخل الخارجي قال ” التدخل الايراني واضح وملموس من خلال تبعية حزب الله وحركة أمل لمشروع الولي الفقيه، مشروعها التي تعمل على تحقيقه وهاتين القوتين هما من أدواته وجنوده في لبنان والمنطقة وضمن تابعيته علنًا. أما عن التدخل الفرنسي والروسي فمن المؤكد أن التدخل الخارجي بشكل عام قد يعيق تحقيق أهداف الثورة اللبنانية لبعض الوقت، إذا ما كان لصالح النظام الطائفي والقائمين عليه ضد الشعب ورغباته ولكنه لا يستطيع القضاء على الثورة بشكل نهائي. ففي حال تدخلت فرنسا وكما يعرف الكثيرون لها علاقاتها التاريخية مع لبنان كدولة وطوائف وشخصيات، ولبنان دولة (فرانكفونية) أي ضمن المنظمة الثقافية الفرنسية، ولكن فرنسا لن تضحي بمصالحها التاريخية وتقف إلى جانب عون وحزب الله المهيمن على مقدرات الدولة اللبنانية والمتحكم بمفاصلها الحياتية بقوة السلاح وإرهابه وهو المصنف والمدرج ضمن قوائم الارهاب.
وكان التدخل الفرنسي تاريخيًا بذريعة حماية المسيحيين وخاصة الموارنة ولكن في الثورة اللبنانية تلاشت الطائفية أو تحجمت بشكل كبير، ففيها العدد الكبير من المسيحيين والسنة والدروز والشيعة والارذثوكس والعلويين والأرمن. كل هؤلاء ضد الزعماء وسياساتهم وأحزابهم وتوجهاتهم ويرددون جميعًا (كلن يعني كلن) فإذا ما تدخلت فرنسا ضد الثورة اللبنانية ماذا ستكون ذريعتها؟؟!!! هل ستكون المحافظة على ميشال عون؟! وعون حتى عائلته (نتيجة سياسته والثورة) انقسمت على نفسها فمنها المعارض والمؤيد والمحايد اتجاه الثورة؟!!! وهل ستطرح ذريعة تنفيذ رغبات حزب الله الارهابي الذي يرفع شعاراته الزائفة بالموت لأميركا والموت لإسرائيل والمتاجرة بذلك؟؟!!! أم ذريعة حماية المسيحيين وهؤلاء غالبيتهم في ساحات الثورة والتظاهر؟؟؟!!! “. ثم أضاف ” لنفرض جدلاً أن فرنسا ستتدخل فإنها لن تتدخل إلا لصالح ولجانب الشعب اللبناني والمساعدة في الوصول لحل يرضي الجميع، فمصلحتها مع المسيحيين بشكل خاص واللبنانيين بشكل عام ولا مصلحة لها في إجهاض الثورة وقمعها كرمى لعيون عون المتهالك والذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، و من ناحية ثانية فرنسا لا يوجد لديها ثقافة قمع المظاهرات والتي هي أداة تعبير شرعية عما يريده الشعب وهي أحد قيم الجهورية الفرنسية، ولنا خير دليل في مظاهرات السترات الصفراء الذين حرقوا وكسروا أغلى شارع في العالم شارع الشانزليزية ولم يتعرض أي منهم لخدش، هل ستنسف ثقافتها وديمقراطيتها وأخلاقيتها وستحرم ما تطبقه على نفسها وتحرم الآخرين منه كيف ؟؟؟!!!
أما بالنسبة لروسيا وتدخلاتها فلقد لاحظنا آثارها المدمرة ضد رغبات الشعوب وتطلعاتها ولصالح الأنظمة الديكتاتورية الدموية الشبيهة لنظامها القمعي الديكتاتوري، شاهدناه في سورية و أوكرانيا وأفغانستان و غيرها، و تدخلها التاريخي في لبنان كان بذريعة حماية الدروز ولكن الدروز حاليًا غالبيتهم مع الثورة والوضع اللبناني الحساس والهش والمعادلات الدولية لتوزيع النفوذ بين القوى العالمية قد يحجم أي تدخل روسي وإن تدخلت ستتدخل إلى جانب الميلشيات الطائفية المتمثلة بحزب الله والمصنفة في لوائح الارهاب العالمية، مما يخلق لها معضلات مستقبلية ويهدد نفوذها في كل المنطقة وسيؤدي لخلق معادلات جديدة هي بغنى عنها .
ولا أظن أن التدخلات الخارجية سوف تؤدي لقمع الثورة اللبنانية وإجهاضها إذا ما بقي الثوار يمتلكون إرادة النصر والخلاص وتحقيق الاهداف التي ثاروا من أجلها.”
المصدر: المدار نت