عبد التركي
الغموض يلف ما تم الاتفاق عليه بين أردوغان وبوتين وما قيل في المؤتمر الصحفي لا يتعدى أن يكون خطوطاً عامة وإطار يخفي وراءه بعض الخلافات العميقة بين الطرفين ولينقذا اجتماعهما من الفشل حتى لايتم التصعيد.
لكن الواضح في الاتفاق والذي لا لبس فيه هو أن الطرفان متفقان على عدم إعطاء أي دور للسوريين على كافة الصعد حتى وإن كان هذا الدور شكيلياً وهو ما لمسناه في أن الاتفاق قد تمت كتابته باللغات الإنكليزية والروسية والتركية وكان من يتفقون عليها كدولة وكشعب هي من إحدى هذه القوميات أو الدول في تجاوز لكل البروتوكولات وشكليات السياسة مايعيدنا إلى ماتم الاتفاق عليه في السابق بين فرنسا وانجلترا في رسم شكل منطقتنا العربية فهل يسعى الروس والأتراك إلى هذا العمل ؟ وهل ستقوم الدولتان برسم حدود مصالحهما على حساب السوريين ؟
هذا مالا نراه فوق الطاولة على الرغم من الغياب الكامل لأي سوري لكن ماتحت الطاولة لايعلمه إلا الله وهم ونحن بهذا الموضوع نتكلم عن غيب وهذا ما اعتدنا عليه في كل الاتفاقات بين ضامني سوتشي وأستانة وسرية اتفاقاتهم التي عقدوها ولانزال نعيش تحت وطأة مخرجاتها وسرية بنودها
والظاهر فوق الطاولة أن الدولتان تتحدثان عن وحدة سورية ولا أحد يعلم عن أي سورية موحدة يتحدثون ومن هو حاكمها فكل يغني على ليلاه لأن الروس يتحدثون عن النظام الذي يحاولون إعادة تسويقه وشرعنته بينما يرفض الأتراك ذلك لأنهم لايقبلون به كما أن الواقع على الأرض يرسم خطوط تماس بين الأطراف التي ربما تستدعي قوات فصل بينها وهذا مايعني الثبات على هذه الحالة لزمن طويل قد يهدد بالتقسيم الموجود فعلاً على أرض الواقع
فهل ستحمل لنا الأيام القادمة تفاصيل أخرى ربما يتم الاتفاق عليها لأن ماسمعناه اليوم من الطرفين لايبشر بخير وإن كانت الحرب ستتوقف لكن هذا التوقف لن يستمر طويلاً لأن هناك الكثير من المشاكل التي ستبرز في التطبيق وهي التي لم يتم التطرق إليها ولعلنا سمعنا الخلاف في التفسير خلال المؤتمر الصحفي فقد قال وزير خارجية روسيا أن الإتفاق تم على خطوط التماس الحالية أما وزير الخارجية التركية فقد عبر عن هذا الأمر بطريقة أخرى عندما قال إن الخطوط هي التي تم رسمها في سوتشي
ثم ماهو مصير نقاط المراقبة المحاصرة؟ لأنه لم يتم الحديث عنها وما هو مستقبل الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة الذي سيصبح جنوبي الطريق M4 معزولاً بالقوات الروسية والتركية وكيف يتم التواصل بينه وبين باقي مناطق المعارضة وكيف سيتم إمداده لكي تستمر فيه الحياة المدنية والعسكرية
كثيرة هي الأسئلة التي يجب طرحها والتي لم تجر عليها خلال المؤتمر الصحفي للرئيسين هذا مايجعلنا نسأل إذاً على ماذا تم الاتفاق؟
ربما سيسري وقف إطلاق النار لساعات معدودة لكن الانهيار هو سيد الموقف فما لم تتم الإجابة على كل الأسئلة ووضع النقاط على الحروف وبوضوح تام ستبقى كل الاتفاقيات ناقصة اللهم إلا اتفاق واحد أجمع عليه الجميع هو استبعاد السوريون عن كل شيء يخص مستقبلهم وذلك لأن من يتصدرون المشهد في النظام والمعارضة قد باعوا سورية وشعبها لهذه الدولة أو تلك من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية ومكتسباتهم حتى وإن كانت على حساب تدمير سوريا وقتل وتهجير شعبها فقد اجرمت كل الأطراف بحق سوريا وشعبها وأصبح من يدعي الرئاسة وقادة الفصائل والميليشيات أمراء حرب يتبارون بقتل وسجن وتهجير البسطاء كما يتسابقون على تعفيش الممتلكات .هل يستيقظ السوريون من غفلتهم ويرسمون مستقبلهم القادم بعيداً عن الداعمين والأشقاء والأصدقاء؟ ربما يحتاج هذا الأمر إلى زمن ولكن هو عمل لابد منه فعلى كل الموالين والمعارضين أن يلفظوا قادتهم أولا ويتعاملوا مع الأشقاء والأصدقاء بندية وعلى قاعدة المصالح المشتركة للطرفين وهذا يحتاج حكماء من كل الأطراف فهل نجدهم في المستقبل القريب.