مصعب عيسى
يواصل فعل الثورة
افعاله الكنعانية
في المخيم
سيدة من قضاء حيفا
تبلغ من العمر
ضعفي عمر هذا الكيان
تطالع في وجهها قصة الحضارات
التي عبرت على هذه الأرض
في المخيم
خارطة الطريق الى الوطن
المصاب بالزعتر والبرتقال
خارطة كاملة المساحة والتضاريس
تبلغ سبعة وعشرون ألف كيلو مترا مربعا
مضاف اليه تسعة ونيف من جهة الشمال
في المخيم
تزاوج التراب مع الصفيح وبقايا اسمنت
فوق الاسطح المتلاصقة
على طول الزقاق
زواج غير علني أنجبه اللجوء
فصار معلما واضحا في قلب المدينة
في المخيم
تاريخ كنعان القديم
وذاكرة الملكي صادق
وداود …ومقلاع بيد طفل يطارد به
سربا من الحمامات العابرة
من الجوار
في المخيم
سورة الاسراء والمعراج
محفوظة عن ظهر قلب
ومنقوشة في صدر كل خيمة
كمحراب مقدس
في المخيم
جفرا …تنادي من خلف المسافات
على أنغام زريف الطول
في المخيم
شيخ جليل يرتل القران والانجيل
يعلم الصغار السير على درب القيامة
يلقن الميت وصايا الوطن القيوم
يؤذن في الناس
حي على الحياة والعمل
حي على الثورة والامل
في المخيم
وطن لكل لاجئي الأرض
فامرر على ازقته
واقرا ..على جدرانه المتكئة كعجوز من قضاء عكا
اقرا سورة الفاتحة والإخلاص
اقرا ترتيلة الدم الأول والرصاص
اقرا تصاميم الحبر في قلم حنظلة
في المخيم
تطريزة كنعانية
نقشت بالأحمر الارجواني
فوق سجادة من الصوف الأبيض
ثم اضافت الى دائرها حبكة سوداء
وزينتها بعود اللوز الأخضر
فغدت حكاية ثورة وعلم
في المخيم
لا تفاوض ولا مرحلة ولا تسوية
يعشعش في ازقته كتاب اللاءات المحرمة
محفورا في مفاتيح العودة
خوفا من تلاشي الذاكرة
في المخيم
طريقا واحد الى فلسطين
يمر عبر فوهة المارتين
وشعارا لكل مرحلة
في المخيم
تجد فلسطين وشما على يدا مبتورة
اخذت نصيبا من صدى المعركة
تجد وطنا يتدلى من عنق سمراء
كتب عليه …عائدون
في المخيم
كوفية وسجارة
ولحية مبعثرة
وصور لكل ثوار الأرض
في المخيم
دفء غريب حميمي النبض
رائحة البن المحمص مع حب الهال
وصوت مهباج يدق ناقوس الصمت
ويجبر الحياة على الديمومة
واصوات الحديث المتبادل في فناء غرفة
عن استحالة الصفقة
وعن التراب الممتد من عين جالوت
الى غزة
في المخيم
انبياء الله.. كل الأنبياء
من إبراهيم الى اخر النبيين
كل الرسل.. كانوا لاجئين
لم تذكر الكتب المقدسة آية
عن نبي عاش في ارضه
وظل نبيا
كان لابد للدعوة من هجرة
وكان لابد للعودة من مخيم
والا لن يكون للوطن ذاك الطعم الغريب
حين يتلقفك ترابه
في المخيم
حياة كاملة …حياة جيل واجيال
بين نكبة ونكسة ..ومجزرة
وأطفال على قارعة الطريق
يلفون اعناقهم بكوفية
يرددون كل صباح
عائدون يا وطني
فكيف لهذا الوطن ان يندثر