د- محمد حاج بكري
لا شك أن معظم الشعب السوري كان قبل الثورة السورية المباركة يعيش حالة من الاخلاق فرضها نظام الأسد على الشعب. وكان أحد اسباب الثورة الرئيسية هو محاربة هذا الفساد الأخلاقي. وقدم الشعب الشهداء بكل سخاء وكرم على محراب الشعارات الحرة لتضمن حياة أفضل لجيل المستقبل.
في البداية كانت الحالة الأخلاقية جيدة وكان التكافل الاجتماعي ظاهرا من اغاثه وايواء للمشردين وحتى النساء شاركت بزخم كبير فمنهم من باعت المجوهرات ومنهم من عجنت الخبز وأمنته للمقاتلين والتمريض وخلافه والجميع يتطلع الى المستقبل غير مهتم بأخلاق قديمة بالية تحرر منها وغرد خارج سربها.
شدة الحرب وسعيرها وتعقد المشهد العسكري بوحشية لا تصدق من النظام وحلفائه والتهجير وقسوته وشظف العيش وسوء الادارة وتحكم المنتفعين وعدم وجود قيادة ووجود منظمات بدون مرجعية للحساب وتدفق المساعدات دون حسيب او رقيب واسباب اخرى كثيرة وعدم التنظيم فتحت الباب امام اروقة الفساد لتعود من جديد وتتسلط على رقاب الناس تحت مسميات ثورية لتضرب الثورة في الصميم وهو الاخلاق.
وهنا بدأ الانكفاء ودمرت معظم الروح المعنوية بغد أفضل وزادت الصعوبة بسبب استخدام الاسد لجيشه الالكتروني لتعزيز هذه الظاهرة والتي هي موجودة اصلا مما ساهم في تصديق قسم كبير من الشعب لها كونها تترافق مع معيشته وظواهرها، يراها ويلمسها من غنى واثراء لقادات وسياسيين ورؤساء منظمات ومتسلقين وأصبح الاصلاح شبه مستحيل وخاصة في ظل غياب المؤسسات الرقابية والهيئات التفتيشية وأصبحت السرقات مشرعه للجميع وعاد معظم المتنفذين الى ما تربوا عليه زمن نظام الاسد وبوقاحة ثورية.
المفارقة ان معظم الشرفاء في الثورة والمتمسكين بالقيم والمبادئ اضطروا الى الانسحاب والابتعاد اما بسبب هجمه الفاسدين عليهم ليبتعدوا عن الواقع السليم والمعافى والذي يتناقض تماما مع هؤلاء الانتهازيين، واما بسبب قسم ممن رفعوا راية الجهاد واستغلوها لمآربهم الشخصية وخونوا يمينا وشمالا وفق شعاراتهم.
حقيقة معظم البنية الاخلاقية مدمرة وحالة السرقة والانانية متفشية وحكمت معظم العاملين في قطاعات الثورة المختلفة وعززها غياب المختصين في العمل. وما زلنا حتى اليوم نعاني من هذه الظاهرة المدمرة. المطلوب من المعنيين إيجاد آلية لتنظيم العمل على كافة المستويات.