آلاء العابد
شهدت الساحة السورية في الأيام الأخيرة الكثير من التطورات فقد دخل قانون قيصر حيز التنفيذ وبالرغم من فرض العقوبات على سورية لأكثر من 8 سنوات إلا أن النظام السوري استشعر بالخطر الحقيقي من هذا القانون.
قانون قيصر أقره الكونغرس الأميركي في العام الماضي ووافق عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهدف حماية المدنيين وينسب قيصر إلى اسم مستعار لمصور عمل في الشرطة العسكرية السورية سابقاً وانشق عن النظام السوري عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة لأشخاص تم قتلهم تحت التعذيب بأساليب تظهر وحشية هذا النظام والانتهاكات التي يتعرض لها السوريين في السجون السورية.
سيستمر قانون قيصر لخمس سنوات قادمة وتوقع خبراء بأن تكون هذه السنوات عجاف على السوريين ويهدف القانون إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية على قطاعات أساسية يعتمد عليها النظام السوري وهي النفط والغاز بشكل أساسي وفرض عقوبات على كل من يساند هذا النظام بما فيها روسيا وإيران والمطلوب من النظام السوري لرفع العقوبات وقف القصف الجوي على الأراضي السورية وبالأخص المستشفيات والمدارس والأماكن السكنية إضافة إلى رفع القيود لوصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتأمين العودة الآمنة للسوريين اللاجئين مع ضمان عدم اعتقالهم والأهم من هذه البنود هي محاكمة مرتكبي جرائم الحرب في سورية.
طبق القانون اعتبارًا من 17 حزيران / يونيو من هذا العام وكانت البداية في فرض عقوبات على أسماء وكيانات من النظام السوري، ومنها بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد، وحسب تصريح الخارجية الأميركية فرضت عقوبات على أسماء الأسد لأنها أصبحت أكثر المستفيدين من الحرب السورية.
وفي نفس التوقيت شهدت الليرة السورية هبوطاً سريعاً بعد هذه الأحداث فقد وصل سعر الصرف إلى أكثر من 3600 ليرة مقابل الدولار الواحد وهذا الهبوط لم تشهده سورية من قبل ومع استمرار هذا الهبوط فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية والتموينية مما اضطر أصحاب المحلات التجارية إلى إغلاقها بسبب عدم ثبات سعر الصرف وفقدان الأدوية ومعظم المواد الأساسية مما اضطر السوريين إلى كسر حاجز الصمت من جديد وخروج أهالي السويداء ودرعا في مظاهرات جديدة احتجاجاً على سوء الوضع المعيشي التي وصلت إليه البلاد مع انهيار الليرة السورية وارتفاع الأسعار الجنوني.
خرجت السويداء إلى أكثر من ثلاثة أيام متتالية في مظاهرات سلمية في تحدٍ لعناصر وقوى الأمن طالبوا فيها برحيل النظام السوري وخروج روسيا وإيران من جميع الأراضي السورية.
تعاملت قوى الأمن مع المحتجين في السويداء بنفس الطريقة مع بدء الاحتجاجات عام 2011 اعتقلت منهم بعض الشباب من المتظاهرين مما يفسر لنا عدم تغيير عقلية هذا النظام حتى بعد قتل وتشريد السوريين لسنوات.
حاول الأسد امتصاص غضب الشارع فقرر إعفاء عماد خميس من منصبه وتكليف حسين عرنوس بمهام رئاسة الوزراء. استنكر السوريون القرار واعتبروه إبرة مخدر في نعش جسم ميت فالجميع يعرف أن المشكلة ليست في الحكومة السورية بل في رأس النظام بشار الأسد وأن لا قيمة لأي وزير سوري في سورية بل إن أصغر ضابط مخابرات أهم من رئيس الوزراء.
في ظل هذه الأحداث الأخيرة قررت المحكمة الفرنسية حجز أملاك رفعت الأسد وحبسه لمدة أربع سنوات بتهمة غسيل الأموال لكن يبقى السؤال لماذا الآن وفي ظل هذا التوقيت تم إجراء هذه الخطوة هل هي رسالة من المجتمع الدولي إلى النظام السوري بأنه حتى لو طال الزمن ولو هاجر مرتكبي الجرائم من سورية فستتم ملاحقتكم ومحاكمتكم؟؟
وبالرغم من أن سورية تواجه أكبر كارثة معيشية لم تشهدها منذ تأسيسها إلا أن بشار الأسد لم يكلف نفسه للحظة تطمين السوريين على الأقل أو شرح حجم الكارثة أو حتى تبريرها فقد ترك المهمة لمستشارته بثينة شعبان لتطلب من السوريين الصمود في وجه المؤامرة الكونية على وخرج وليد المعلم ليسخر كالعادة في كل مرة من العقوبات الدولية ويصرح بأن سورية بلد مستقل غير معني بقرارات الولايات المتحدة واصفاً قانون قيصر بأنه يهدف إلى إعادة نشر الإرهاب في سورية من جديد. أثارت هذه التصريحات الشعب السوري والمؤيدين خصوصاً واصفين عقلية النظام بأنها لا تتغير في حل المشاكل بل إنها تفاقم المشكلة أكثر.
فهل ستشهد سورية ثورة ثانية في وجه النظام السوري الذي لم يبق لديه أي شيء ليقدمه حتى لمؤيديه؟ وبعد الانهيار الكبير في الليرة السورية ودخول قانون قيصر حيز التنفيذ أين بشار الأسد؟ لماذا لا يخرج ويصارح مؤيديه بالكارثة؟
وهل من المعقول أن يتصارع بشار الأسد ورامي مخلوف على المليارات المنهوبة من السوريين بينما الشعب السوري يبحث عن لقمة عيشه في حاويات الزبالة؟
ومن يدفع ثمن الجوع والحصار هل الشعب السوري الذي مازال يدفع الثمن إلى الآن أم بشار الأسد المقيم في قصره؟؟ ربما تحمل الأيام القادمة المزيد من الضغوطات على النظام السوري والانهيار الكبير في العملة لكن نأمل من الله أن يخرج السوريين من هذا الوضع وينهي آلامهم في أسرع وقت ممكن.
المصدر: اشراق