تضرب العقوبات المالية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، والفساد بشكل متساو تقريبا في كل سوريا، بلا فرق كبير بين المناطق التي يسيطر عليها النظام، أو المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في سوريا، والتي يطلب من المزارعين السوريين فيها أن يدفعوا “زكاة” تكون عادة نسبة معلومة من محاصيلهم أو منتجاتهم الزراعية.
مزارعو الزيتون مثلا، يدفعون خمسة بالمئة من محاصيلهم لحساب ما يسمى بـ “الهيئة العامة للزكاة” التابعة لـ”حكومة الإنقاذ” التي تعين موظفاً تابعاً لها في كل معصرة زيتون ضمن مناطق نفوذها.
ويبلغ مقدار “زكاة الزيت” نحو خمسة بالمئة من المحصول، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يقول إن “من يرفض الدفع يُهدد بأخذه إلى أحد مخافر الهيئة”.
ويقول الناشط الذي يعمل في المجال الإنساني في محافظة إدلب، تامر موسى (وهو اسم مستعار)، إن المواطنين هناك “يشعرون بالسخط والانزعاج من الضرائب التي تفرضها هيئة تحرير الشام على المواطنين لأنهم لا يجدون أي خدمات مقابلها”.
المواطنون، بحسب موسى، “لا يستطيعون أن يتهربوا من دفعها لأنها ستعرضهم للمساءلة والملاحقة وربما الإغلاق أو السجن أو الإيقاف عن العمل”.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن “هيئة تحرير الشام طوقت وقصفت بالأسلحة الثقيلة مدينة كفر تخاريم بريف إدلب، في الموسم الماضي، لرفض الأهالي دفع “الزكاة”.
وبالإضافة إلى “الزكاة” يعاني مواطنو مناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام من تراجع كبير في إنتاج محصول الزيتون والزيت المستخرج منه بسبب فترة جفاف طويلة في فصل الصيف، كما ترتفع أسعار المحروقات ووسائل النقل وأجور المعاصر وأسعار المواد المستخدمة في التعليب.
وقال الناشط تامر لموقع “الحرة” إن الهيئة تسيطر، من خلال “حكومة الإنقاذ”، على معبر “باب الهوى” الذي يعتبر الشريان الرئيسي الذي يربط منطقة إدلب وريفها بتركيا، وهو أيضا لمعبر الوحيد الذي تدخل منه القوافل الاغاثية التي ترسلها منظمات الأمم المتحدة الى الداخل السوري المحرر بكل مناطقه.
وتدفع الشاحنات المقبلة من تركيا، وهي تقريبا كل واردات المناطق خارج سيطرة النظام السوري، أجورا مقابل الدخول من المعبر، وتستحوذ تحرير الشام على هذه الأجور.
كما تجبر “حكومة الإنقاذ”، المواطنين على شراء المحروقات والغاز من شركة وتد التابعة لحكومة الإنقاذ التي تفرض ضرائب عليها وتقوم ببيعها للمواطنين، بحسب مصادر محلية تحدثت لموقع “الحرة”.
وتفرض الهيئة أيضا ضرائب على مراكز الانترنت، ولوحات السيارات، وأغلب النشاطات التجارية.
ولا يعتبر الحال في مناطق النظام أفضل بكثير من الحال في مناطق المعارضة، فالمقربون من النظام يستولون على كل النشاطات الاقتصادية التي لا تزال مفتوحة.
ويقول المعارض السوري، أيمن عبد النور، إن المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد تعاني من “نقص استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعات”.
وبحسب عبد النور فإن “غرفة صناعة دمشق واتحاد غرف الصناعة بكل سوريا يرسلون وبشكل يومي مطالبات لرئيس الوزراء ووزير الصناعة لتخفيف القيود والإجراءات والضرائب”.
وقال المعارض السوري لموقع “الحرة” إن المناطق الصناعية، مثل منطقة حلب، حاولت اجتذاب المصنعين السوريين المهاجرين من خلال دعوتهم لإعادة افتتاح نشاطاتهم في تلك المناطق، وعرضت عليهم خيارات تفضيلية مثل السماح لهم باختيار المنطقة التي يحبون افتتاح أعمالهم فيها.
“لكن هذا كان بدون فائدة”، بحسب عبد النور الذي يقول إن “ارتفاع أسعار النفط والمازوت، وعدم القدرة على تحويل أموال من وإلى سوريا بسبب انهيار المصارف اللبنانية”، صعب من قدرة المنتجات المحلية على المنافسة، و”خاصة الصناعات النسيجية التي تحتضر حاليا”.
ويقول عبد النور إن الفساد وحده يجلب الأموال مضيفا “فقط الأعمال الريعية مثل التجارة أو التهريب أو الاستيراد مفتوحة، وهي فقط للنظام والمحسوبين عليه أما كل الباقي فهو متوقف”.
ويضيف “من هنا يمكنك أن تعرف لماذا يقف سكان حارة ما ساعات طويلة في انتظار الخبز بالسعر المدعوم، بينما يقتني سكان حارة مجاورة أرقى أجهزة الهاتف التي تبلغ أسعارها ملايين الليرات” في إشارة إلى الفساد المتحكم بمراكز الأموال.
المصدر: الحرة. نت