صالح النعامي
أوصى “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، الاثنين، صنّاع القرار في تل أبيب باعتماد استراتيجية مغايرة لضمان منع إيران من التمركز جنوبيّ سورية. وحثّ على اتّباع سياسات “نشطة وواضحة ومصممة” للحيلولة دون مواصلة إيران استغلال “الفوضى” في جنوب سورية، وتحقيق هدفها بالتمركز في محيط الحدود مع إسرائيل.
وفي تقرير أعده كل من نائب مدير المركز، الجنرال أودي ديكل، والباحثة كرميت فلنسي، شدد المركز على ضرورة استغلال “ضعف المحور الإيراني” حالياً، وتبني سياسة مبادرة ونشطة في الجنوب السوري، تقوم على استهداف مباشر للوجود الإيراني والمليشيات هناك، وضمن ذلك قوات “حزب الله” اللبناني العاملة في المنطقة.
ونصح بإحداث تحوّل على طابع العلاقة الحالي مع الجهات المحلية داخل الجنوب السوري، بحيث تبني تل أبيب قنوات اتصال مع الأهالي عبر تقديم الدعم الإنساني، الغذاء، الوقود، والخدمات الطبية، لتعزيز التأثير الإسرائيلي في المنطقة، وهو ما يسهم في التشويش على مخططات إيران للتمركز في المنطقة، كما يقدّر المركز.
ولفت الباحثان إلى أن إيران تواصل أنشطتها في جنوب سورية، على الرغم من الجهود التي تبذلها كل من إسرائيل، الولايات المتحدة وروسيا لثنيها عن ذلك.
وحذرا من أنّ إيران ترمي من خلال محاولاتها لتكريس وجودها في الجنوب السوري تحديداً إلى توظيفه كساحة انطلاق لتنفيذ عمليات انتقامية ضد إسرائيل، حيث قدرا أنّ العمل من الجنوب يمثل أحد خيارات الرد التي يمكن أن تلجأ إليها طهران للانتقام من عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة.
وأضافا أنّ تمكّن إيران من العمل بحرية في الجنوب السوري جاء نتاج عدم قدرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على بسط سيطرته من جانب، وبسبب تضارب المصالح بين اللاعبين الذين يتنافسون على النفوذ داخل المنطقة، ويشملون: “حزب الله”، مليشيات محلية بدعم إيراني، وقوات روسية مدعومة بعناصر من الأهالي الذين ينتمون إلى “بقايا” المعارضة لنظام الأسد في المنطقة.
وبحسب معدي التقرير، يتطلب هذا الواقع من إسرائيل التدخل بسرعة قبل أن تتمكن إيران من تحقيق هدفها وتحوز تأثيراً أكبر في المنطقة.
ولفتا إلى أنه على الرغم من أن نظام الأسد تمكن من استرجاع سيطرته على جنوب سورية في صيف 2018، بعد أن التزمت روسيا لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل عدم السماح لإيران ومليشياتها بالتمركز في المنطقة، إلا أن النفوذ في المحافظات الرئيسة في المنطقة: درعا، السويداء، ومحافظة القنيطرة، تتقاسمه قوى كثيرة، وهو ما حسنّ من قدرة إيران على المناورة.
وزعم المركز أن بعض التشكيلات العسكرية التابعة لنظام الأسد تخضع عملياً للقوات الإيرانية، مثل “اللواء 313″، المتمركز في منطقة درعا، ويجري توجيهه من قبل الإيرانيين؛ في حين أن معظم القوات العاملة في محافظة القنيطرة تابعة لـ”حزب الله” والإيرانيين، حسب المركز.
وقدر المركز أنّ تكريس “المليشياوية وتضخم مراكز القوى أرسيا في جنوب سورية معادلات قوة هشة تتسم بقدر كبير من ممارسة العنف وحوادث أمنية، وتترافق باتساع دائرة الفقر وانعدام الاستقرار”.
واستدرك المركز بأنّ سياسة “الضغط الأقصى” التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والهجمات التي تنفذها إسرائيل في العمق السوري أدت إلى “إبطاء” الجهود الإيرانية في سورية، وضمن ذلك في الجنوب، مشيراً إلى أن إيران باتت تعتمد بشكل خاص على سكان المنطقة في بناء الأطر المليشياوية التابعة لها.
المصدر: العربي الجديد