عدنان أحمد
في تطور جديد يعيد تنظيم “حراس الدين” إلى واجهة الأحداث في سورية، ويضعه في مواجهة مباشرة مع روسيا، تبنّى التنظيم هجوماً استهدف القاعدة العسكرية الروسية بالقرب من قرية تل السمن في ريف الرقة الشمالي شرقي سورية، منتصف ليل الخميس ـ الجمعة. وهو الهجوم الأول من نوعه، وتسبّب في وقوع إصابات بين الجنود الروس، وفق مصادر متطابقة. وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن سيارة مفخخة انفجرت عند مدخل القاعدة التي تبعد نحو 32 كيلومتراً عن بلدة عين عيسى شمالي محافظة الرقة، تلا ذلك وقوع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة لفترة وجيزة. وأكدت المصادر وقوع قتلى وجرحى في صفوف القوات الروسية الموجودة داخل القاعدة العسكرية، مشيرين إلى دخول سيارات إسعاف إلى القاعدة إثر الهجوم الذي لم تعلن عنه روسيا رسمياً حتى عصر أمس.
من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، سقوط جرحى من القوات الروسية جراء الانفجار في تل السمن، مشيراً إلى أن رجلين اثنين قاما بركن الآلية المفخخة عند القاعدة الروسية، قبل أن يطلقا النار باتجاه القاعدة ويفرّا هاربين، وبعد ذلك قاما بتفجير الآلية. وتبنّى تنظيم “حراس الدين” المنتشر في محافظة إدلب ومحيطها شمالي غرب سورية، الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية، وهو أول عمل للتنظيم في الرقة، كون أعماله كانت تقتصر على منطقة إدلب. وتداول ناشطون بياناً أعلن فيه التنظيم مسؤوليته عن العملية، وجاء فيه أن “سرية من سرايا تنظيم حراس الدين، تمكنت من الإغارة على وكر للقوات الروسية المحتلة، في تل السمن التابع لمحافظة الرقة”. غير أن المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد” شككت في مسؤولية “حراس الدين” عن الهجوم، مرجحة وقوف خلايا لتنظيم “داعش” خلفه، مشيرة إلى أن “حراس الدين” ليس له أي وجود خارج محافظة إدلب ومحيطها.
وكان تنظيم “حراس الدين” قد تشكل في فبراير/شباط عام 2018، باندماج مجموعات وقياديين وشرعيين انشقوا عن “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) لمعارضتهم قرار الهيئة بفك ارتباطها بتنظيم “القاعدة”، في شهر يونيو/حزيران 2016. ويضمّ مئات العناصر في مناطق متفرقة من أرياف إدلب وحماة واللاذقية. وأبرز المجموعات المشكلة للتنظيم: “جيش الملاحم”، “جيش الساحل”، “جيش البادية”، “سرايا الساحل”، “سرية كابل”، “جند الشريعة”، ويقودهم عسكرياً أبو همام الشامي، وهو قيادي سابق في “هيئة تحرير الشام”. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلن برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع للخارجية الأميركية، أن واشنطن تعرض 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن القائد العام للتنظيم، المعروف بفاروق السوري.
وكثيراً ما يتعرض قادة التنظيم ومواقعه العسكرية، لغارات جوية يعتقد أنها من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كان آخرها في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين أعلن الجيش الأميركي مسؤوليته عن مقتل اثنين من قادة تنظيم “حراس الدين” خلال غارة جوية على محافظة إدلب السورية. كما شنت “هيئة تحرير الشام” أخيراً حملات أمنية استهدفت عناصر وقيادات في التنظيم، على خلفية سعي “الهيئة” لبسط نفوذها في كامل منطقة إدلب، إضافة لمحاولتها تقديم نفسها للمجتمع الدولي كطرف معتدل يحارب المتشددين.
و”حراس الدين” تحت المجهر الدولي والإقليمي لأسباب عدة، منها انتشاره في مناطق حساسة بالنسبة لجميع الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها روسيا وتركيا، مثل منطقة ريف اللاذقية، إضافة إلى أن التنظيم يضم عدداً كبيراً من المصنّفين على أنهم من أخطر الجهاديين في العالم، فضلاً عن ارتباطه الصريح بتنظيم “القاعدة”. ويجعله هذا، بنظر الدول الكبرى، مصدر تهديد لها، بسبب ميل “القاعدة” إلى شن عمليات عسكرية ضد أهداف غربية. لكن حتى الآن لم يسجل له القيام بأي عمل معروف ضد هدف غربي.
وكانت القوات الروسية بدأت تموضعها في قاعدة تل السمن قبل نحو أسبوعين فقط، وذلك بعد اتفاق روسي مع “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بهدف حماية بلدة عين عيسى من هجوم متوقع من جانب القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” التابع للمعارضة. وتل السمن قرية بريف الشمالي في الرقة تديرها “الإدارة الذاتية” الكردية، وفيها إضافة إلى القاعدة الروسية مخيم للنازحين.
وقال عضو هيئة المصالحة السورية سابقا عمر رحمون، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، في حينه إن اتفاقًا تم حول عين عيسى، تعهدت خلاله “قسد” بتسليم المدينة إلى الجانب الروسي وقوات النظام السوري، وذلك بعد أيام من المفاوضات، في حين ذكرت مصادر أخرى أن الاتفاق تضمن فقط تكثيف نقاط قوات النظام والروس في البلدة على أن تبقى حواجز “قسد” ضمن البلدة.
وواصلت روسيا، منذ نحو أسبوعين، إرسال تعزيزات عسكرية إلى بلدة عين عيسى، وبحسب موقع “روسيا اليوم”، فإنّ وزارة الدفاع الروسية نشرت وحدات إضافية من الشرطة العسكرية في البلدة، وسط توتر الأوضاع هناك مع اشتداد الاشتباكات بين “قسد” وفصائل “الجيش الوطني السوري” المدعومة مِن تركيا. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 400 عنصر من قوات النظام والمليشيات الموالية لها في المنطقة.
وسعت القوات الروسية إلى توسيع نفوذها في المناطق التي انسحبت منها القوات الأميركية شمالي شرق سورية، مستغلة الصراع بين تركيا و”الجيش الوطني السوري” من جهة، و”قسد” من جهة أخرى. وكانت روسيا قد دخلت محافظة الرقة أواخر 2019 وانتشرت في قواعد عدة أخلتها القوات الأميركية، بعد قرار الرئيس الخاسر دونالد ترامب إعادة انتشار قواته قرب حقول النفط.
المصدر: العربي الجديد