أصدر تنظيم “الدولة الإسلامية” فيلمًا وثائقيًا يتحدث عن ظهوره في سورية، وعملياته العسكرية وحروبه بروايته الخاصة.
وذكر “التنظيم”، بحسب ما رصدت عنب بلدي عبر حسابات له في تطبيق “تلجرام”، مساء السبت 2 من كانون الثاني، أنه “بعد النجاح الذي حققه “فيلم الموصل- الرواية الأخرى” على مستوى التوثيق والانتشار، فيلم وثائقي جديد بعنوان “النهاية والبداية” ولكن هذه المرة يوثق لإنجازات ومعارك الدولة الإسلامية في سوريا”.
وأضاف التنظيم في تقديمه للفيلم، “كيف ومتى وصلت الدولة الإسلامية إلى سوريا؟ هل سقطت من الجو؟ أم خرجت من باطن الأرض؟ ماذا قدمت لأهل الشام يوم كانت البراميل المتفجرة تنهال فوق رؤوسهم؟ من هي الجهات التي تآمرت ضد الدولة؟ من خان من؟ من خذل من؟ هذا ما يجيب عنه فيلم النهاية والبداية”.
وحمل غلاف الفيلم صورة لمؤسس جماعة “التوحيد والجهاد” أبو مصعب الزرقاوي، وزعيم تنظيم “الدولة” السابق أبو بكر البغدادي، ووزير الحرب في تنظيم “الدولة” أبو عمر الشيشاني.
يستحضر الزرقاوي
عنب بلدي لخصت أبرز ما جاء في الفيلم الذي بدأ بكلمات من خطاب للرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، يتحدث فيه عن ضرورة الحرب في العراق ضد تنظيم “القاعدة”.
وأرفقه بتسجيل صوتي لمتحدث باسم التنظيم يقول، “إذا أردت بناء وطن ضع في مسدسك عشر رصاصات تسعة للخونة وواحدة لعدوك، لكن من يدري لعلك تحتاج كل الرصاصات للخونة”.
وتحدث الفيلم عن اتفاق قوات تمثل السنة والشيعة مع القوات الأمريكية في العراق لمحاربة “التنظيم” باتفاق مع زعماء العشائر، بعد سيطرته على مدن عراقية منها محافظة الأنبار.
وانتقد الفيلم من وصفهم بممثلي “الأخوان المسلمون” في العراق، الذين مثلوا القوات السنية وحاربوا تنظيم “الدولة”، وأطلق عليهم اسم “الصحوات”.
وقال التنظيم إن الجهاد في العراق مع بدأ مع تأسيس “أبو مصعب الزرقاوي” الحركة الجهادية ضد القوات الأمريكية.
وأشار إلى أن الجماعات الجهادية يجب أن تبايع “الدولة” وليس العكس.
وكان الزرقاوي قائدًا لفرع تنظيم “القاعدة” في العراق بعد الغزو الأمريكي، قبل أن تقتله غارة أمريكية في عام 2006.
وينحدر كثير من قادة تنظيم “الدولة الإسلامية” من نواة جماعة الزرقاوي التي قاتلت في العراق.
الجولاني والدخول إلى سوريا
جاء في الفيلم أن قوات النظام السوري واجهت المظاهرات في 2011، بالأسلحة ودفعت الثائرين لحمل السلاح، بالتزامن مع انشقاق عناصر من قوات النظام للانضمام إلى الثورة السورية.
وقال “التنظيم” عبر الفيلم إنه راقب الوضع في سوريا وقرر مساندة الشعب السوري، وأرسل من العراق قادة مع أسلحة وأموال تحت مسمى “جبهة النصرة لنصرة لأهل الشام”.
ووجهت “الجبهة” في بداية دخولها المعارك ضربات قوية للنظام السوري، أبرزها اقتحام هيئة الأركان في دمشق وتفجير المخابرات الجوية، بحسب الفيلم.
وتضمن الفيلم تسجيلًا لقائد ومؤسس تنظيم “الدولة الإسلامية” الأول، “أبو بكر البغدادي”، قال فيه، “انتبدنا الجولاني من العراق إلى الشام ليلتقي خلايانا في الشام، ودعمناه بالرجال والمال”.
جميع الأطراف تستخدم تنظيم “الدولة” في البادية.. لكنها لا تحاربه
كما تضمن تسجيلًا للجولاني يعترف فيه بما قاله البغدادي، بأنه أُرسل من العراق إلى سوريا ودعمه بالمال والمقاتلين، شاكرًا البغدادي على الدعم و”الثقة”.
بعدها، بحسب الفيلم، وصلت أنباء عن فساد في “جبهة النصرة” تدور حول الجولاني ومقربين منه سعيًا لاعتراف بأنها قوة غير إرهابية، لكن البغدادي لم يقتنع بها بداية، وأرسل نائبه “أبو علي الأنباري”، وهو الرجل الثاني في “الدولة الإسلامية” ليتفقد نقاط الجبهة في سوريا، ورأى أن تلك الأخطاء يمكن إصلاحها.
وأقام الأنباري، في مقر إقامة الجولاني ودرس شخصيته ليعرف كيفية إدارته للأمور، ليرسل (الأنباري) لاحقًا إلى البغدادي بأن الجولاني “شخص ماكر ذو وجهين يحب نفسه لا يبالي بدين جنوده ويسعى للظهور الإعلامي ويطير فرحًا إذا ذكر اسمه في الفضائيات”، بحسب رواية الفيلم.
إثر ذلك دخل البغدادي من العراق إلى سوريا للإطلاع بنفسه من كثب، وبعد جولات قليلة على الجنود والقيادات، حسم أمره وتأكد أن القائمين على جبهة النصرة “أفسدوا الأمر”.
اجتمع البغدادي مع الجولاني ليستمع منه “وبدأ الجولاني بمسرحية بكاء”، وأصر شرعي “جبهة النصرة” أبو ماريا الهراري (القحطاني)، على تجديد البيعة للبغدادي، أملًا في كسب الوقت والسيطرة الكاملة على الجبهة.
لكن البغدادي كان يسبقهم بخطوة، بحسب الفيلم، إذ أعلن البغدادي إلغاء اسم جبهة النصرة والدولة في العراق ودمجها باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وكان ذلك الإعلان العلني لـ”الدولة الإسلامية” في سوريا.
ودفع ذلك الجولاني للتآمر ضد “الدولة” ومبايعة أيمن الظواهري زعيم “تنظيم القاعدة”، بحسب الفيلم، ليخلط الأمر على عناصر فصيله، لكن “أبو علي الأنباري” استطاع جذب القسم الأكبر منهم.
انحلت “جبهة النصرة” بعد ذلك في “جبهة فتح الشام”، معلنة فك ارتباطها بتنظيم “القاعدة”، لتندمج منذ عام 2017 مع مجموعة فصائل لتشكل “هيئة تحرير الشام” العاملة اليوم في إدلب السورية، تحت قيادة الجولاني.
ولم تصدر “تحرير الشام” بعد ردًا على الأحداث المذكورة في الفيلم، وروايتها لهذه الأحداث.
ما بعد الجولاني
بعد الانسلاخ عن “النصرة”، أعادت “الدولة الإسلامية” صفوفها، وقاتلت النظام السوري، وتضمن الفيلم تسجيلات مصورة توثق هجمات “التنظيم” ضد قوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وجاء في الفيلم أن “الدولة الإسلامية” تصدرت مشهد القتال في سوريا ضد النظام حينها، ورأت أن “اقتحام المناطق العلوية هي بداية النهاية للنظام السوري، ورتبت عمليات واسعة في تلك المناطق خاصة ريف حماة واللاذقية وحلب”، بحسب تعبير المتحدث داخل الفيلم.
لكن، بحسب الفيلم، أصدرت القوى الإقليمية والدولية أوامر للمعارضة السورية بمنع مهاجمة تلك المناطق، بالتزامن مع محاولات الدولة في حماة فك الحصار عن فصائل المعارضة في حمص.
وقال التنظيم إن المجتمع الدولي وقف حينها بوجهه لمنع إسقاط النظام السوري.
وعن معارك الساحل، صيف 2013، جاء في الفيلم أن مقاتلي “التنظيم” وصلوا ريف اللاذقية وسيطروا على نحو 15 قرية على بعد 20 كيلومترًا عن القرداحة التي قصفها المقاتلون بالصواريخ.
لكن أتت أوامر أمريكية لفصائل معارضة متحالفة مع “الدولة” بالانسحاب، ثم التفت قوات النظام على مقاتلي “الدولة” وأدت لخسائر كبيرة، بحسب رواية التنظيم في الفيلم.
وفي تلك الفترة بدأت الاتصالات الأمريكية لاستنساخ التجربة العراقية، لقتال “الدولة” بحجة أنهم “خوارج”، وكان مستغربًا أن زعيم تنظيم “القاعدة”، أيمن الظواهري، أهدر دم مقاتلي “الدولة”.
وفي مطلع كانون الثاني 2014، كان “التنظيم” يخطط للسيطرة على مدينة دير الزور، بالتزامن مع جبهة قوية في حلب لاقتحام المدينة، وأخرى في إدلب لمهاجمة 11 حاجزًا للنظام، وأخرى لمهاجمة مواقع في حماة، بحسب الفيلم.
وفي 3 كانون الثاني، هاجم “الجيش الحر” مقرات للتنظيم في مختلف المحافظات، بقيادة “أحرار الشام” وفصائل أخرى ما قتل مئات من عناصر “الدولة” خاصة من المقاتلين “المهاجرين” (الأجانب).
اضطرت حينها “الدولة” لسحب قواتها من دير الزور ومحاربة “الجيش الحر”، وسيطرت على مدينة الرقة ومناطق في محافظة حلب.
بعدها تقدم تنظيم “الدولة” في العراق وسيطر على الموصل، ونجح بطرد “الجيش الحر” من المنطقة الشرقية في سوريا، ليعيد ترتيب صفوفه ويسيطر على “الفرقة 17″ و”اللواء 93” ثم مطار الطبقة في الرقة.
دمشق
وقال التنظيم إن الولايات المتحدة تدخلت مباشرة لإيقاف زحفه نحو بغداد ودمشق، وأعلنت عن تحالف دولي لشن ضربات جوية، ثم كانت معركة عين العرب (كوباني) في كانون الثاني 2015.
ونجح القصف الجوي في إيقاف تقدم “الدولة” في العراق والحسكة في 2015، ليبدأ بعدها التدخل الروسي في أيلول 2015.
ورغم القصف الروسي والأمريكي حاول تنظيم “الدولة” التقدم نحو دمشق لفك الحصار عن الغوطة في بداية 2016، بحسب الفيلم.
وهاجمت خطوط النظام الدفاعية من محطة تشرين الحرارية بريف دمشق، ومطاري الضمير والسين.
وكان فك الحصار عن الغوطة قريبًا، بحسب رواية التنظيم، لكن فصائل “الجيش الحر” هاجمت مواقع “الدولة” في البادية بعد تدريبها في الأردن، لتجبر “الدولة” على وقف فك الحصار عن الغوطة.
عقب ذلك تكررت الهجمات ضد الدولة وهاجمها “الجيش الحر” بدعم تركي في شمالي حلب، ثم التحالف في الرقة ودير الزور
وحاول التنظيم من خلال سرده لأحداث الفيلم التركيز على أنه ليس صناعة غربية أو أنه لم يقاتل النظام السوري.
وأرسل التنظيم عبر الفيلم رسائل بأنه عائد بقوة إلى الساحة عبر بث تسجيلات من فضائيات تظهر حديثًا عن أن قوة النظام تزداد في الفترة الأخيرة.
توقيت الفيلم
خلال الأشهر القليلة الماضية، كثّف التنظيم من عملياته انطلاقًا من البادية السورية، وآخر هذه العمليات هجومه بعبوات ناسفة على حافلة تقل عناصر من قوات النظام السوري على طريق دير الزور- تدمر، قتل فيه نحو 40 عنصرًا، بحسب التنظيم.
وهذا الكمين هو الثاني الذي يتبناه التنظيم ضد حافلة تنقل عناصر من “الفرقة الرابعة” وضمن نحو 50 عملية تبناها التنظيم خلال كانون الأول 2020 في سوريا، معظمها ضد قوات النظام، و “قسد”، شملت قياديين وضباطًا، بحسب ما رصدته عنب بلدي من إعلانات التنظيم عن تبني عمليات في المنطقة.
كما لم تستثنِ هجمات التنظيم الروس، إذ قُتل جنرال روسي برتبة لواء وأُصيب عسكريون آخرون بانفجار، في آب 2020، بريف دير الزور الشرقي.
ويلاحَظ من هجمات تنظيم “الدولة” الأخيرة تمدده إلى عمق مناطق سيطرة “قسد” في شمال شرقي سوريا، واستهدافه قياديين في “قسد” وقوات النظام، إذ تبنى عدة عمليات في ريف دير الزور الشمالي، بعد أن كانت عملياته تتركز في ريف المحافظة الشرقي المتصل بالبادية السورية.
المصدر: عنب بلدي