أكرم عطوة
لا شك أن ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية يتمثل بذكرى انطلاقة الرصاصة الأولى، والرصاصة الأولى هي تلك التي أطلقتها “قوات العاصفة” في حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” في 1/ 1 عام 1965.. حيث قام الشهيد أحمد موسى في ليلة رأس السنة.. ومعه مجموعة من الفدائيين.. بمهاجمة نفق عيلبون في الأراضي المحتلة عام 1948 وتدميره.. وأثناء عودتهم إلى قواعدهم.. تصدّت لهم دورية من الجيش الاردني وأطلقت عليهم النار.. فقتل الشهيد أحمد موسى.. الشهيد الأول للثورة الفلسطينية برصاص الأنظمة العربية.
وهذه العملية بزمانها ومكانها ونتائجها لها دلالات خاصة وواضحة.. ومن هذه الدلالات:
– أنّ الثورة الفلسطينية لم تنطلق من أجل إقامة دولة فلسطينية في حدود الأرض المحتلة عام 1967.. وإنما من أجل إنهاء واجتثاث وجود الكيان الصهيوني من كلّ فلسطين.
– أنّ المجابهة الحقيقية للثوار ستكون مع الأنظمة العربية.. أنظمة الفساد والاستبداد والتبعية..
والحقيقة أن هذه الانطلاقة قد ارتكزت على البعد القومي، وليس على البعد الفلسطيني كما يظنّ البعض.. أي ارتكزت على نظرية المجابهة بين الجماهير العربية وبين العدو الصهيوني ومن معه من الانظمة العربية.
لقد عبّر الشهيد “كمال عدوان” كأحد الرموز الأساسية في حركة “فتح” عن هذه النظرية بالشكل التالي:
– إسرائيل بصفتها قاعدة للاستعمار في المنطقة، تستنزف جهد وطاقة الشعوب العربية في هذه المنطقة، وتهدّد مستقبل التطور والتغيير فيها، فالأمن القومي مهدّد من خلال وجود هذه القاعدة بسبب الطبيعة الاستعمارية والعدوانية لهذه القاعدة.
– الكفاح المسلح من خلال حرب الشعب طويلة الأمد، هو أسلوب المواجهة الوحيد، الذي يستثمر المزايا والخصائص المتوفرة في المنطقة العربية، وتعبئة الجماهير وحشدها وتمليكها القوة من خلال القتال لتحقيق الانتصار، وهذا يعني إعادة صياغة الإنسان العربي .
للأسف .. لقد أسقطت قيادة “فتح” هذه النظرية تماما، وانحرفت عنها 180 درجة ..
لقد كنّا نعتقد أنّ الثورة الفلسطينية، ومن خلال المعركة (الطويلة الأمد) مع العدو الصهيوني.. ستجرف الانظمة العربية الفاسدة والمستبدة، وتحرّر الإنسان العربي من قيوده … لكنّ الذي حصل هو العكس.. فالأنظمة المستبدة والفاسدة والعميلة.. هي التي جرفت قيادة الثورة الفلسطينية إلى حضيض التسوية والعمالة والخيانة والاستسلام.