لجين النعيمي / خالد سميسم
اتسعت رقعة مطامع الميليشيات الإيرانية في محيط العاصمة دمشق فوصلت إلى قرى “مثلث الموت” المنطقة التي تربط ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وبدأت فعلياً بحسب مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا بتعزيز وجودها في المنطقة الغربية من دمشق عبر نشر المزيد من القوات وفتح مقارّ جديدة وتجنيد وكلاء.
اتساع رقعة المطامع الإيرانية في “مثلث الموت”
مع انحسار المعارك أو انتهائها في مناطق ريف دمشق الغربي وريف القنيطرة، بدأت إيران بتوسيع رقعة وجودها، في منطقة قرى وتلال “مثلث الموت” وخاصة في الريف الغربي للعاصمة دمشق، وما يوازيه من أرياف القنيطرة ودرعا، وهذه الأماكن تعتبر مواقع استراتيجية، ترى فيها إيران منطقة نفوذ تخدم مصالحها.
وبدأت إيران بالانتشار في كلٍ من تل قرين وتل العروس وتل الغشم وتلول فاطمة وتل أيوب وتل الشعار، وبسطت سيطرتها عليهم، بعد طرد قوات النظام من المنطقة، ونشر ميليشيات تابعة لها، وتعمل بشكل جدي للحفاظ على وجودها في هذه التلال باعتبارها نقطة ربط بين كل من الريف الغربي لدمشق ومدينتي درعا والقنيطرة، ووسعت وجودها بشكل خاص في تل الشعار بريف القنيطرة الجنوبي والذي يعتبر عين إيران على هضبة الجولان المحتلة، لعدة أسباب منها ارتفاعه واحتواؤه على معدات عسكرية دفاعية ونقاط رصد.
الوجود الإيراني يقلق إسرائيل وأهالي المنطقة
بعد سيطرة الميليشيات الإيرانية وقوات الفرقة الرابعة المقربة من إيران، على تلال منطقة مثلث الموت، بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالنظر إلى المنطقة كونها منطقة خطرة، خاصة وأن المنطقة قريبة جداً من الحدود مع إسرائيل، وبخط مستقيم لا تتجاوز ال 15 كيلومتراً بين مقارّ الميليشيات والمنطقة المحتلة في الجولان.
وكون وجود الميليشيات الإيرانية في نقطة قريبة من إسرائيل، عمدت إسرائيل إلى توجيه ضربات جوية متكررة بهدف كبح جماح إيران عن التقدم إلى الحدود، ومنذ سنوات، تتعرض مناطق سيطرة النظام، في جنوب سوريا من حين إلى آخر، لقصف إسرائيلي يستهدف مواقع لقواته وقواعد عسكرية تابعة لإيران وميليشياتها، حيث تقول إسرائيل إنها تريد منع التموضع العسكري الإيراني جنوبي سوريا.
إيران تتخفى بزي قوات النظام جنوب سوريا
عمدت إيران بعد توجيه إسرائيل عدة ضربات جوية استهدفت قواتها في جنوب سوريا والمناطق القريبة من المنطقة المحتلة بالجولان السوري، إلى التخفي عبر تغيير مواقعها بشكل مستمر ومنع الميليشيات التابعة لها من رفع راياتها على المقارّ العسكرية، فضلاً عن استخدام آليات عسكرية وصبغها بألوان آليات قوات النظام ولبست لباسهم، إلا أن مصادر موقع تلفزيون سوريا أكدت أن المقارَّ العسكرية الموجودة في المنطقة تتبع بشكل كامل للميليشيات الإيرانية ويديرها قادة أجانب من إيران ولبنان.
عدم جدية الموقف الروسي أمام الضربات الإسرائيلية التي استهدفت الميليشيات الإيرانية، في سوريا، الذي وصف بتراخيه وعدم جديته وحزمه مع تلك الضربات، أجبر الميليشيات الإيرانية على البحث عن حلول جديدة لتفادي الضربات خاصة مع عدم قدرتها على الرد عليها. وقد يرجح ذلك للتنافس الاقتصادي والسياسي والثقافي بين إيران وروسيا، بالإضافة إلى ازدياد الغضب الشعبي من وجودهم في المنطقة من جهة ومن جهة أخرى خوف روسيا من توسع إيران في منطقة مثلث الموت، على حساب الفيلق الخامس الذي تدعمه روسيا جنوب سوريا أيضاً.
مصادر من المنطقة قالت لـ موقع تلفزيون سوريا إن التوسع الإيراني في منطقة “مثلث الموت” بدا جلياً بعد بدئهم بشراء منازل والعمل على صبغ المنطقة بصبغة طائفية وتوطين أعداد كبيرة من الميليشيات فيها، كما حصل في مدينة داريا بغوطة دمشق الغربية.
أين تبرز أهمية تلول فاطمة؟
تمركزت كل من ميليشيا “الحرس الثوري” الإيرانية و”فيلق القدس” التابع له تحت قيادة قاسم سليماني سابقاً، والذي قاد المعارك الأخيرة في المنطقة وكل العمليات العسكرية فيها، قبل سيطرتهم وحزب الله اللبناني وقوات النظام معاً على المنطقة في أواخر العام 2018، تمركزاً في مختلف تلال منطقة مثلث الموت، وعززت تمركزها في “تلول فاطمة” والتي تعد بمثابة “القلب” للوجود الإيراني وميليشياته المتعددة الجنسيات، والتي يقودها “فيلق القدس”.
ولاتخفى نية إيران في العمل على دمج المنطقة والتي تعتبرها إحدى أهم المناطق الاستراتيجية لها في سوريا، حيث استولى عناصر ميليشيا “لواء فاطميون” الإيراني على تلول فاطمة والتي تعتبر إحدى أكبر التلال في المنطقة إلى جانب تل الشعار والذي اتخذه حزب الله اللبناني مقراً عسكرياً له وذلك قبيل انحسار وجوده فيه بعد استهداف الطيران الإسرائيلي له، فهي تعد من إحدى أكبر التجمعات العسكرية للميليشيات الإيرانية، حيث تضم كلاً من “لواء فاطميون” وحزب الله اللبناني وحركة النجباء، تحت إدارة عسكرية بقيادة “الحاج أبو عبد الله” لبناني الجنسية والحاج هاشم وابنه جواد أيضاً هم مسؤولون لدى حزب الله في المنطقة حتى اللحظة، بالتعاون مع فرع سعسع التابع لجهاز الأمن العسكري، وخالد أباضة قائد كتائب فوج الجولان، والقيادي لدى حزب الله المدعو حازم كبول.
اتفاقية تفاهم روسية إسرائيلية حول جنوب سوريا
وقّعت كلاً من روسيا وإسرائيل، عدة تفاهمات في سوريا سمحت من خلالها لقوات النظام بإعادة السيطرة على مناطق جنوب سوريا حتى الحدود مع الجولان المحتل، في أيار عام 2018، إلا أن شروط إسرائيل كانت تفيد بمنع تقدم الميليشيات الإيرانية إلى الحدود، ولن يسمح لإيران وحزب الله بالمشاركة بهذه العملية بحسب ما أوردته صحيفة “جيروزاليم بوست” في عددها الصادر يوم 28 من أيار من العام ذاته.
وأضافت الصحيفة أن مذكرة التفاهم الروسية الإسرائيلية تخللها بند تحتفظ فيه إسرائيل بقدرتها على التصدي للتوسع الإيراني في سوريا وهذا ما وافقت عليه روسيا بحسب الصحيفة، وبعد سيطرة قوات النظام عملت كلٌ من إيران وميليشياتها إلى توسعة نفوذهما على الحدود، إلا أن الاتفاقيات أجبرتهم على الانسحاب من المنطقة، إلا أن الميليشيات الإيرانية رفضت الانسحاب من منطقة تلول فاطمة، إحدى أهم النقاط الاستراتيجية المطلة على الجولان.
وتستخدم الميليشيات الإيرانية نقطة تلول فاطمة بشكل مؤقت وتعمل على بسط سيطرتها عليها بشكل ظاهري، من أجل الضغط على إسرائيل، خاصةً وإن قررت الأخيرة، القيام بعمل عسكري لايحابي المصالح الإيرانية في المنطقة.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا