عاد النظام السوري، الثلاثاء، إلى مزاعمه باتهام فصائل المعارضة والدفاع المدني (الخوذ البيضاء) بـ”فبركة استخدام أسلحة كيميائية في محافظة إدلب” لاتهام قواته، فيما ترى المعارضة ومراقبون أن ذلك يأتي ضمن “حرب نفسية” أو تحضير محتمل لهجوم كيميائي أو عمل عسكري.
وزعمت “وزارة خارجية” النظام السوري، الثلاثاء، أن فصائل المعارضة السورية و”الخوذ البيضاء” تقوم بـ”محاولات فبركة مسرحية استخدام أسلحة كيميائية في محافظة إدلب”، شمال غربي سورية، لاتهام قوات النظام السوري بتنفيذها.
وبحسب المزاعم التي أوردتها وكالة أنباء النظام (سانا)، فإن ما وصفتها الوزارة بـ”الفبركة” جاءت “بتوجيه ودعم من الولايات المتحدة الأميركية، وبعض الدول الغربية، وأجهزة المخابرات التركية”.
وأضافت الوكالة، نقلاً عن مسؤول في “وزارة خارجية” النظام السوري، أن “التنظيمات الإرهابية وإرهابيي جماعة (الخوذ البيضاء) ومن يدعمها في الميدان، وفي بعض المنصات الدولية، لم يتوقفوا عن التحضير لأعمال إرهابية من خلال الإعداد لمسرحيات استخدام أسلحة كيميائية في بعض المناطق بمحافظتي إدلب وحماه، لاتهام الجيش العربي السوري به”، وفق ادعائها.
وادعى المسؤول قيام عناصر من “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة الإرهابية سابقاً) بإدخال صهاريج محملة بالكلور الخام عبر معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا، حيث سلكت مسار “باب الهوى – سرمدا – تل عقربات – أطمة”، مضيفًا أن “هناك معملًا للصناعات الكيميائية في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا”، فيما أشار إلى أن “المعمل يحوي مخبرًا متخصصًا بتصنيع غاز الكلور”، إذ “ستقوم هيئة تحرير الشام بالتنسيق مع تنظيم (الخوذ البيضاء) بتعبئة قذائف بمادة الكلور واستخدامها ضد المدنيين في ريف إدلب لاتهام الجيش العربي السوري وحلفائه”.
وقبيل بدء أي حملة عسكرية أو موجة تصعيد من قبل النظام وحلفائه، يلجأ النظام إلى حملة دعائية مدعومة من قبل الإعلام الروسي أيضاً، يتهم فيها فصائل المعارضة السورية ومنظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) بنية تنفيذ هجمات كيميائية، لتكون ذريعة للروس والنظام أمام المجتمع الدولي في تبرير شن أي حملة عسكرية، أو استخدامهم فعلاً السلاح الكيميائي في حال تعرضت قواتهم للضغط والخسائر.
وتأتي هذه الاتهامات بالتزامن مع التصعيد الأخير لقوات النظام وروسيا خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب ومنطقة سهل الغاب غرب حماة، حيث قتل ما يزيد عن 32 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، فيما جرح 66 مدنياً، ونزحت عشرات العوائل من المنطقة المستهدفة إلى المدن والبلدات الآمنة نسبياً شمال غربي محافظة إدلب، وسط تكهنات بنية النظام والروس ومعهم المليشيات الإيرانية شن هجوم جديد باتجاه عمق إدلب.
وحول هذه الاتهامات، قال العقيد مصطفى بكور، الناطق الرسمي باسم “جيش العزة”، أحد الفصائل المنضوية ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين”، إن “هذه الإشاعات من الروس ونظام الأسد تأتي في إطار الحرب النفسية على الحاضنة الشعبية للثورة والفصائل الثورية، إذ عادة ما تطلق هذه الشائعات في إطار التحضير لهجوم كيميائي أو عمل عسكري”.
وأضاف بكور، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن هذه الادعاءات تأتي أيضاً “في إطار تحريض المجتمع الدولي ضد الثورة السورية باتهام الفصائل بامتلاك أسلحة كيميائية واستخدامها، خاصة عندما يتحدث الغرب عن نظام الأسد واستخدامه للسلاح الكيميائي وجرائم الحرب والمحاكم الدولية”.
وتابع القيادي في المعارضة السورية: “كنا قد تحدثنا سابقاً عن أن أي حملة عسكرية على الأرض عادة تبدأ بعد نهاية اجتماع أستانة، وبالتالي أصبح معروفا لدى الجميع أن ما يحصل في أستانة هو ما ينعكس على الأرض حرباً أو سلماً، لذا لنؤجل الحديث عن إمكانية أي حملة عسكرية لما بعد أستانة”.
بدوره، أكد مدير “الدفاع المدني السوري” رائد الصالح، في حديث لـ “العربي الجديد”، أن “ماكينة البروباغندا التابعة لنظام الأسد ومن خلفه روسيا لم تتوقف يوماً عن نشر الادعاءات الكاذبة عن عمل الدفاع المدني السوري، ومحاولة تشويه صورته، وخاصة أن متطوعي الدفاع المدني السوري هم المستجيبون الأوائل لإنقاذ المدنيين جراء الغارات الجوية الروسية، وبالتالي هم الشهود الأوائل على الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين”.
وأضاف الصالح أن “النظام يشن حملته على الدفاع المدني السوري لأنه يمتلك وثائق وأدلة على جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد وروسيا بحق المدنيين في سورية (لأن متطوعيه هم المستجيبون الأوائل)، حيث لا يدخر الدفاع المدني جهداً في عرض هذه الوثائق في أي محفل دولي لإدانة روسيا، إضافة إلى القاعدة الشعبية التي تمتلكها الخوذ البيضاء بين السوريين، وكذا قدرتها على إيصال صوت السوريين إلى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على الرغم من قوة الآلة الدعائية لنظام الأسد وروسيا، والتي حاولت على مدى سنوات تشويه الحقائق وتزييفها.
وأشار مدير الدفاع المدني إلى أنه “في كل مرة يجدد النظام وروسيا هذه الاتهامات نشعر بالريبة مما قد يحدث بعدها، فقد يشن التحالف الروسي مع النظام هجوماً كيميائياً لاتهامنا به، لا سيما أنه تم استخدام هذا السلاح أكثر من 200 مرة موثقة دون أي رد فعل دولي حقيقي يرقى لمستوى هذه الجرائم”.
ولفت الصالح إلى أن “الاتهامات المتكررة تهدف لإبعاد التهمة عن نظام الأسد والتشويش على نتائج التحقيقات التي تقوم بها الجهات الدولية في ما يخص ملف الهجمات الكيميائية في سورية، بعدما أيقن النظام أن المحاسبة قادمة لا محالة، وأنهم لا يمكنهم دحض الأدلة المقدمة عن الهجمات الكيميائية (بما فيها أدلة الخوذ البيضاء)”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “الاتهام الذي صدر اليوم عن نظام الأسد لم يكن مفاجئاً لنا أبداً، وكنا نتوقع أن يجددوا الاتهام للخوذ البيضاء قبيل جلسة مجلس الأمن حول تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، وأن تتصاعد هذه الاتهامات خلال الأيام القادمة”.
وكانت القوات الروسية المتواجدة في قاعدة “حميميم” الجوية في منطقة جبلة شرق اللاذقية قد اتهمت، في بيانٍ لها في الـ25 من نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2018، المعارضة، وخاصة تنظيم “جبهة النصرة”، بتنفيذ هجوم بغاز الكلور السام على أحياء مدينة حلب قبل يوم من البيان، حيث أدى الهجوم، وفق وسائل إعلام النظام، إلى إصابة مائة مدني، فيما زعمت روسيا حينها أن “القذائف التي أطلقت على المناطق السكنية في حلب والمحشوة بالكلور مصدرها الجماعات المُسلحة في إدلب، وبمساعدة من الخوذ البيضاء”، لكن المعارضة نفت ذلك واتهمت النظام وحليفه الروسي بتنفيذ الهجوم.
المصدر: العربي الجديد