منجد الباشا
مما لاشك فيه..أن تناول هكذا موضوع ..أي دور الأحزاب التاريخية في الثورة السورية ،لايمكن ايفاءه حقه الا من خلال مقال بحثي يقف على مختلف عناصره بدقة وشمول…الا ان ذلك لايمنعنا من تناول هذا الموضوع ،باي اسلوب سردي كان.. وخاصة في زمن الثورة الذي نعيش..
بداية….لابد من التاسيس..على ان تناولنا لهذاالموضوع انما هو مبني على قاعدة تبنيناها في سياق الثورة والتي تقول : باسقاط كافة المعايير التي تُعتمد للنظر الى الاشياء في ماقبل الثورة..واطلاق معايير ثورية خالصة تضع في الحسبان التدمير الممنهح للوطن والابادة الناعمة التدرجية للفئة الاوسع من فئات شعبنا والتشظي المحدق بكيانية هذا الوطن …فلا مجاملة ولامداهنة ولاتملق ولا شخصنة…ولا انتهاز….الموضوعية والعلمية والجرأة والشفافية المطلقة …هي معاييرنا لمقاربة مواضيع الثورة جميعها…
واذا كنا كذلك فذلك لاننا من الجيل الذي حمل حلم الثورة والتغيير منذ اليفاعة …ولاننا من الجيل الذي حصد مرارة الفشل والخيبة بآن…..عندما انطلقت الثورة السورية العظيمة في الخامس عشر من الشهر الثالث…٢٠١١كانت الاحزاب السياسية المعارضة للجلاد الاسد الاب سابقا.. منضوية في اطار التجمع الوطني الديمقراطي . الذي دفع اثمانا باهظة من حياة اعضائه على مدى اكثر من ربع قرن…في موازاة عدد من الاحزاب نفسها استطاع الطاغية ان يستقطبها لخدمة مشروعه التدميري في اطار ماسمي بالجبهة الوطنية التقدمية .
وبالرغم من الاثر الثقافي والسياسي والتوعوي، والمفاهيم والافكار الديمقراطية ودولة المؤسسات والحريات ،وحقوق الانسان والدولة الحديثة ، الذي ترك في الفضاء السياسي والوعي الشبابي والمجتمعي…الحجم الهائل منه…
الا ان جميع ذلك لم يكن ليصب في البوتقة التي كانت ينبغي ان تستقبله في سبيل انجاز ماكانت تدعو اليه هذه القوى من تغيير ديمقراطي وتجاوز لمنظومة الاستبداد واقامة دولة القانون والمواطنة والحريات..
بل ان الثورة التي انطلقت، كانما جاءت لتقول : انها وليدة بوتقة اخرى ورحم آخر… وان الفريق الذي ربما اعد لهذه الانطلاقة لم يكن لينتمي الى هذا الفضاء الحزبي على الاطلاق.. مما ادى الى دفع هذه الاحزاب الى مطبات وانتكاسات وهزات وانفجارات وانكشافات … كرست الفجوة والشرخ الذي تشكل بينها وبين الواقع الثوري والحواضن الشعبية التابعة لها وفرض نفسه على الساحة الثورية والسياسية منذ الانطلاقة حتى اللحظة..
بل ويمكن القول ان هذه الاحزاب قد تعرضت بفعل الثورة الى اكبر عملية تعرية على الاطلاق في تاريخها..تناول كافة بناها التنظيمية والايديولوجية والفكرية والثقافية وكذلك استقلاليتها.. وهذا ما يدفعنا الى القول من منظورنا الثوري … ان هذه الاحزاب قد باتت في حكم التشظي والتلاشي… وبرهاننا على ذلك انه بالرغم من مضي اكثر من عشر سنوات من عمر الثورة ..وبالرغم من ان الوطن بات محتلا لاكثر من دولة من دول العالم وان الكيان المجتمعي هو قيد التفتت والتجزؤ ..وان العدو التاريخي الاول الممثل بالكيان الصهيوني ..بات في اوج انتصاره وتحقق احلامه الايديولوجية ….. بالرغم من كل ذلك فلم تتمكن هذه الاحزاب من مغادرة موقع العجز والخيبة والفشل الذي وجدت نفسها فيه ابان الثورة…
اخيرا… لقد اثبتت التجربة الثورية ان جميع متطلبات الثورة الراهنة المتمثلة بالقيادة الثورية والخطاب الثوري السيد المستقل … والحاضنة الشعبية الملازمة لهذه المتطلبات انما هو مرهون بالعمل على تلاقي القوى السياسية والثورية القائمة على اسس ثورية خالصة… علمية وموضوعية وعقلانية…بعيدة عن الحزبية والفئوية والايديولوجية الهدامة .. تحت عنوان واحد .. وهو المجموعة الثورية السياسية الحديثة.