محمد عمر كرداس
فشلت اللجنة الدستورية في اجتماعها السادس خلال عامين وخمسة أشهر من تشكيلها بإحراز أي اختراق أو تقدم في عملها لصياغة أو تعديل الدستور السوري الذي فرضه النظام عام 2012 والمفروض أنها تشكلت حسب القرار الدولي الخاص بسورية رقم 2245.
وثبت للقاصي والداني بعد هذه المدة الطويلة من مماطلة النظام أنها مضيعة للوقت وملهاة ضمن المأساة التي يعيشها شعبنا، وكونها لا تملك تفويضًا ولا ولاية من الشعب فهي ليست منتج سوري كما ينبغي أن تكون، ولكنها من مخرجات سوتشي الروسي الذي وجد للإلتفاف على القرار الدولي الخاص بسورية حيث نص ذلك القرار بالحرف على ما يلي :
1__ وقف إطلاق النار.
2 __ إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسريًا لدى كافة الأطراف.
3 __ تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات يعهد إليها تشكيل حكومة مؤقتة تعمل على تأمين عودة اللاجئين والبدء بالإعمار وتشكيل جمعية وطنية ينتخب نصف أعضائها من الشعب ويتم تعيين النصف الثاني بالاتفاق وتعمل هذه الجمعية على إصدار قانون انتخابات وصياغة مشروع دستور جديد للبلاد يعرض على الإستفتاء العام وبعد أن يحوز على موافقة الشعب تباشر الحكومة بتهيئة الأجواء الأمنية والسياسية والإعلامية لإجراء انتخابات نيابية ورئاسية بإشراف ورقابة منظمات المجتمع الأهلي المحلي والعربي والدولي وفقًا لمواد الدستور الجديد حيث تنتهي مهمة الحكومة المؤقتة حكمًا بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية وتشكيل حكومة جديدة .
من هنا يتضح أن اللجنة الدستورية التي ابتدعها الروس ماهي إلاّ انحراف عن مسار جنيف وأهداف القرار الدولي وبذلك يختصر الروس وحلفائهم ذلك القرار إلى هذه اللجنة الهزيلة لتمييع الحل السياسي المتفق عليه عالميًا، ولا شك أن الروس ضمنوا موافقة الكبار لتخطي القرار الأممي حيث أن هؤلاء الكبار يحضرون جلسات سوتشي ولو بشكل مراقبين حتى أن البعض يتهم الأميركان أنهم وراء ذلك.
وإذا دخلنا لمجريات الأمور داخل اللجنة يتضح لنا أن وفد النظام غير مفوض باتخاذ أي قرار أو إنجاز أي اتفاق كما الوفد المسمى بالأهلي يقدم صياغات مبهمة وأقرب إلى دستور عام 2012 الذي فرضه النظام، ولا شك أن الوفد المسمى بوفد المعارضة بحقيقة الأمر هو ليس وفد المعارضة الحقيقية حتى أن رئيسه هادي البحرة رجل الأعمال السوري الذي عاش لفترات طويلة خارج سورية وهو مهندس مقاول وليس قانونيًا صرح قبل عقد الجلسة الأخيرة بأن اللجنة قادرة على إقرار مشروع الدستور خلال أربعة أشهر إذا كانت هناك إرادة دولية. إذن في أحسن الحالات هو دستور تضعه الإرادة الدولية وليس الشعب السوري التي جرت أعراف تشكيل الدساتير في العالم ان يكون كما نص القرار الدولي ناتج عن جمعية تأسيسية يفرضها الشعب.
من حضر ويحضر جلسات هذه اللجنة ومن قبل العمل بها بهذه الصيغة قبل بتعطيل مسار جنيف للحل في سورية الذي لو طبق لكان سيجنب سورية وشعبها الكثير من الكوارث ومن القتل والتشريد التي تتم على يد النظام وحلفاؤه ومحازبيه والمجموعات الإرهابية كداعش وغيرها التي استقدمها ودعمها بشتى الوسائل والطرق.
ولو فرضنا جدلًا أن اللجنة استطاعت{وهذا غير واقعي }أن تنجز دستورًا جديدًا أو تعديلات دستورية كما يقولون،ألم يسأل أعضاء اللجنة أنفسهم من سيشرف على تطبيق الدستور، طبعًا في هذه الحالة النظام هو الذي سيشرف وهو الذي صاغ أكثر من دستور ولم يحترم أي منها.
مايجري الآن هو تعبير واضح عن ضعف القوى الدولية وهيئة الأمم المتحدة وعدم اهتمامها أولاً بقرارتها وثانيًا بمأساة الشعب السوري، ومع انتهاء الجولة السادسة الفاشلة كسابقاتها أعرب المبعوث الدولي بيدرسون عن خيبته الكبرى وهو الذي بشر قبل انعقاد الجولة أنها ستبدأ بوضع المبادئ التي سيرتكز عليه الدستور الجديد أو التعديلات الدستورية ولايدري بيدرسون أنه سيبقى يصارع طواحين الهواء هو ومن معه لفترة طويلة إلاّ أن المريح له وللجنته أن هذا الصراع يتم في جنيف وفي فنادق وقاعات خمس نجوم وهو يعرف تمامًا أن ذلك محسوب ضمن المساعدات التي تقدمها الدول الغنية للشعب السوري.
لن يقبل الشعب السوري بأقل مما ورد في القرار الدولي 2254 وهو الحد الأدنى الذي يمهد لاقتلاع نظام الإجرام الذي دمر سورية وشعبها.
المصدر: اشراق