بات من المُسلم به أنّ أول وأسرع سبب لإجهاض الثورات هو الدخول عليها من أخلاقها، فإذا تجردت الثورة من أخلاقها سهُل انهيارها، حيث شهدت ساحة سورية في ظل ثورتها على نظام البعث الاستبدادي منذ انطلاقتها في آذار 2011، كيف لجأ مضادُّها في الخارج على ارسال بعثات كأجندة مخابراتية مشبوهة إلى أرض سورية، وإطلاق سراح المعتقلين القياديين من تنظيم القاعدة من قبل النظامين السوري والعراقي، حتى يبدأ اللعب على ورقة الإرهاب والمتوقع قد حصل فعلاً! فالثورة عندما تفقد أخلاقها بعامل الشرذمة المصلحية والمنفعية غير الأخلاقية ، ذات الطابع الإيديولوجي أو الديماغوجي ، تسقط من عيون شعبها بتراجع نسبة التأييد في المظاهرات والاحتجاجات الشعبية بل وتضاؤل الشعارات الثورية ، وفي نفس السياق حيث سعى أعداء الثورة بدورهم الشيطاني في إضعاف الخيار الديمقراطي لصالح الخيار الإسلامي في الثورة ، كي يصرخ العالم مقتنعاً أنّها ثورة الإرهابيين ويُصدق كذب الدجالين أمثال بشار الجعفري الذي يجلس ويتحدث بصفاقة في مجلس الأمم المتحدة ، عن مجزرة الكيماوي التي وقعت مؤخراً في دوما بغوطة دمشق، أمام مرأى العالم أجمع والتي استخدمت فيها أفتك أنواع الأسلحة الكيماوية من الغازات السامة والمحرمة دولياً . إنّ أخلاق الثورة تدهورت وقربت من العطب، ورافقها تشوّه بالمفاهيم كمفهوم الهوية السورية، بأنّ أصبحت رهينة دول الخارج ، من التبعية إلى الذوبان والانبطاح ، وأخطر أشكال الارتهان هو المال السياسي ، الذي أفسد الثورة وحَرفها عن مسارها الطبيعي بأول عهدها ، فسلب القرار وتشتت الأهداف وتضاربت الأفكار لدى المكونات السورية المتعددة ، وباتت سورية ساحة صراع للدول الحليفة والصديقة والوسيطة ، على تقاسم المناطق وتوزيعها سلطوياً بشكل مباشر وغير مباشر ، ولا عجب فقد فعلها سابقاً بعض ممثلي الثورة في المناطق المحررة … فكيف لنا أنّ نحارب العنصرية والتطرف ! ومازال العقل يتماهى مع المناطقية والمذهبية والعرقية، متى نفهم أنّ القضية سياسية احتلالية ويجب الوقوف ضدّها سياسياً بالنّد وبالمثل؟! ولا أقلل من أهمية الجانب العسكري وضرورته الذي انخفضت أسهمه في 2018، بمعنى ألّا نقحم الثورة وأبنائها في تيارات إيديولوجية وخاصةً التيارات الإسلامية، فخدمة الأوطان والذّود عنها، لا تكون باستعمال الأديان مطية وليس بالتباهي في المحافل الدولية بالرغبة في دولة إسلامية …! أهكذا تكون الحكمة كما علمنا إياها النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟! وبالمقابل إنّ عجلة التاريخ لا تكتفي بمبادئ مجردة من الهدف والمضمون حتى تطلق حكماً، بل تسجل النتائج طبقاً للواقع الملموس والحراك الشعبي المعقود، فإما السعي بتسجيل أهداف تاريخية ترفع بها مجد الأمة العربية والإسلامية أو السماح لأعداء البشرية والإنسانية باعتلاء ظهر الأحرار والثوار وليرسموا لهم منهج الحياة المجرد من الهوية والكرامة … لهذا كان لِزاماً علينا أنّ نفهم كيف تدور دورة العالم المتمثلة بسيطرة ثورة المعلومات والاتصالات، لكي نستعد للمرحلة الجديدة القادمة.
مالك ونوس لدى المقاربة الحقيقية لجذور إجرام دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن فصل هذا الإجرام بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني أخيراً،...
Read more