محمد عمر كرداس
روسيا (تبق البحصة كما يقال) وعلى لسان موفدها إلى اجتماعات أستانا ( نور سلطان) تنعي القرار الدولي 2254 وتنسف اللجنة الدستورية التي دعمتها مطولًا لتلتف بها على القرار الدولي وتقول بوضوح أن سورية لاتحتاج إلى دستور جديد والحكومة السورية راضية عن دستورها المقر عام 2012 وأي محاولة لإبعاد الأسد أو تقليل صلاحياته لن تنجح. ولن تكون هناك أي تغييرات طالما الأسد في السلطة.
وبالتزامن مع انتهاء الجولة السابعة عشرة من مباحثات أستانا الفاشلة يطلع علينا المبعوث الدولي بيدرسون متفائلًا بوضع يده على بداية حل للأزمة بسياسة الخطوة خطوة التي استوحاها من الخطوة خطوة التي اقترحها ملك الأردن عبد الله الثاني على الرئيس الأميركي بايدن لتأهيل النظام وعودته إلى الحضن العربي والمجتمع الدولي عبر إعادة إحياء خط الغاز العربي لتزويد لبنان بالغاز المصري/الإسرائيلي ثم بالكهرباء الأردنية عبر سورية. بيدرسون التقط خط الخطوة خطوة عبر سياسة الإنعاش المبكر التي ابتكرتها الأمم المتحدة رضوخًا لمخططات روسيا التي تعني ترميم البنية التحتية كشبكات المياه والصرف الصحي وترميم المدارس والمشافي وإعادة الحياة لسبل العيش التي وافقت عليها أميركا كما تقول على مضض خوفًا من خرقها لنظام العقوبات على النظام، ومن حيث المبدأ لسنا ضد هذا الإنعاش لو تم بشكله المرجو ولكننا نعرف أن الأمم المتحدة تفشل في أي مشروع خدمي تقوم به لأن أدواتها ستكون عبر النظام وأزلامه ولن يستفيد الشعب إلا الفتات في حين ستكون التكاليف باهظة والمستفيد الأول والأخير هو النظام وزبانيته وما زلنا نذكر تدخل الأمم المتحدة في الصومال في التسعينات، فعلى لسان أمينها العام في ذلك الوقت بطرس بطرس غالي الذي ذكر في مذكراته أن زجاجة الماء سعة اللتر ونصف كانت تكلف الأمم المتحدة لتصل ليد المواطن الصومالي 19 دولار. وتحت عنوان الإنعاش المبكر سينتعش النظام الذي وصل الآن إلى أسوء حالاته فهو يغلق المشافي في وجه المواطنين لعدم وجود أطباء تخدير أو مستلزمات العمليات الجراحية.
أما المعارضة السورية الغائبة عن الوعي وعلى لسان رئيس وفدها إلى أستانا أحمد طعمة الذي قال لم نتمكن إلى الآن من فهم ماهو المقصود بسياسة الخطوة خطوة و الإنعاش المبكر لذلك ليس لنا موقف من ذلك حتى نعرف من المستفيد.
أما أميركا فهي تكتفي بالتصريحات التي لايفهم منها أي موقف أو استراتيجية أو هدف في ظل إدارة بايدن الديمقراطية والتي نتصور أنها لن تخرج عما رسمه لها الرئيس السابق أوباما المغرم بالفرس والمعادي للعرب والإسلام، لذلك يبقى هم هذه الإدارة إنجاز العودة للاتفاق النووي الذي أبرمته عام 2015 وخرج عليه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب ولو كانت العودة بأي ثمن ولأول مرة لاتلتفت إدارة أميركية للموقف الإسرائيلي المعترض على هذا النهج المتهالك. ولنا في خروجها المذل والمرتبك من أفغانستان خير مثال على إدارة يديرها رئيس عجوز.
كما قلنا نعود ونقول أن الروس يفعلون على الأرض وأميركا تصرح فقط. أما الاتحاد الأوربي والحليف الأكبر لأميركا فهو كما وصفه أحد قادته بأنه عملاق اقتصادي ويرقة سياسية أي في السياسة الدولية هو تابع ولا حول ولا قوة له، وحتى قضية العملقة الاقتصادية أصبحت موضع شك.
في ظل هذا الوضع البائس، تزداد معاناة الشعب السوري في الوطن ومواقع النزوح واللجوء فهو يخضع لعدة حكومات في الشمال الغربي وفي الشرق وفي الشمال وفي مناطق النظام، فمن حكومة النظام إلى الحكومة المؤقتة إلى حكومة الإنقاذ فحكومة الأمر الواقع في الشرق وسلطة داعش في البادية. خمس حكومات وحكومة النظام تطلق شعارات السيادة بالكلام لأنها حتى في مناطق سيطرتها ليس لها من الأمر شيئًا. فهناك الإيراني والروسي وسلطة المافيات والعصابات حتى النظام ليس له عصابته المستقلة وسيادته منقوصة حتى على عصابته ومافياته.
الجوع والمرض والعنف يسيطر على كل مناحي الحياة في سورية وكل هذه الحكومات لاترى مايعانيه الشعب فما يهمها مكاسبها الشخصية ومايجنيه أزلامها من مكاسب والشاهد على ذلك الحياة المرفهة في القصور مما جنوه من دم هذا الشعب المسكين.
أعان الله سورية وشعبها المكلوم والتي لن ترضى إلا بانتصار ثورتها وإقامة السلطة الوطنية الديمقراطية الذي قام الشعب بثورته السلمية لتحقيقها والخلاص من طغمة المافيات والفساد والاستبداد.
المصدر: اشراق