فايز هاشم الحلاق
رَكعنا ورَغْمَ الأَنفِ صَلَّينا
لغيرِ اللهِ والقِبْلَهْ.
رَسَمْنا على ظَهْرِ اليَدِ القُبْلَهْ.
وبِتْنا في حَظائِرِنا،
بلا عَلَفٍ
وها نَحْنُ قَدْ عُدْنا،
إِلى إرْضاءِ راعينا،
وأَسيادٍ لراعينا.
حكايَتُنا لمنْ تُروى؟
إلى بَرَدى؟
إلى العاصيْ؟
إلى جيلِ الغَدِ الآتيْ؟
إلى جيلٍ تاهَ في الماضيْ؛
ولَمْ يَعْلَمْ؟
بأَنَّ الرَّاعِ ثُعبانُ،
له سُمٌ وأَنْيابٌ،
إِذا أَخَذَ العَصى عُنْوَهْ.
—
كما الأَغْنامُ تَنْصاعُ،
إِذا ناداها مِرياعُ،
على رنّاتِ قِرْقاعٍ.
فَتَحدو نحوَ مَرْعاها،
وتَبْكِيْ على أَنْغامِ مِزْمارٍ.
أَنينُ النَّايِ أَحْزَنَها،
وذَكَّرَها مواجِعَها.
كلابُ الراعِ أَعْداءٌ،
تَمصُّ دِماءَها نَهَمًا.
وذاكَ الجوعُ أَضْناها؛
لقحطٍ في مَراعيها،
فلا ماءٌ ولا كَلَؤٌ،
ولا (باعٌ) ولا (ماعُ).
رياحُ الشَّمسِ تَكويها،
تُسَلِّمُ أَمْرَها طَوْعًا
إلى تَقَلُّبِ القَدَرِ.
—
وبَعدَ الشَّمسِ للمأْوى،
فتلقى ليسَ ما تَهوى،
من الرّعيانِ ذَباحًا،
يَسِنُّ الحَدَّ يَشْحَذْهُ،
ويَنْسى كُلَّ تِحْنانٍ،
فَيَقْسو في خِيانَتِهِ.
من الساسانِ مَأْمورٌ،
مَجوسٌ بَيَّتوا حِقْدًا
على الإيمانِ بالواحِدْ.
ضياعُ التَّاجِ آلَمَهُمْ،
فكسرى لم يَزلْ يبكيْ،
أفولَ عبادَةِ النَّارِ،
لدى فُرسٍ بإيرانٍ،
وفي مَرْوٍ وطَهرانِ.
—
وقَفْنا على أَبوابِ قُدْسيّا،
تَركنا سُكنَ دارَيا،
وإسقاطَ البراميلِ،
على الأطفال والعُزَّلْ.
ودوما لا تُناسِبُنا،
قَذائِفُها كَأَمْطارٍ،
مِنَ الأَجْواءِ تَنْهالُ.
تَساءَلْنا كَجُهالٍ:
لماذا حمصُ قدْ هُدِمَتْ؟
لعلّ اللهَ عاقَبَنا؛
على أَنَّا بِإِهْمالٍ؛
تركنا أَمرَ ساسَتِنا،
فقادَتْنا سراحينٌ،
منِ الغاباتِ قدْ جاؤوا،
كأَمْواجٍ.
مَغولٌ مع التَّتَرِ،
عِصاباتٌ منَ البَرْبَرْ.
على الأَحقادِ قد جُبِلوا،
فلا إِلٌ ولا ذِمَمُ،
وكم بَطَشوا لِكيْ يَصِلوا،
إلى شامٍ بلا فيجَهْ،
إلى بردى بلا ماءٍ،
وغوطَتِهِ بلا شَجَرِ،
بتَشْريدٍ لأَجْيالٍ،
وتَقطيعٍ لشِريانِ
—
تفاءَلْنا بأَنْ نَنْزَحْ؛
منَ اليرموكِ ثانِيَةً،
لأَسبابٍ عروبيَّهْ،
فإِنَّ الخَصْمَ حِرْباءُ،
صهايِنَةٌ بأَعْرابٍ.
ولم نَعْلَمْ خفاياهُمْ،
أَسَبْعٌ كانَ أَمْ كَلْبُ،
فتاجُ النَّصْرِ مَشْهورٌ،
إذا ما يَغْفُ أَحْرارُ،
بأنَّ (تَسلُبُهُ فجّارُ).
—
طَوَينا جُرْحَنا طَيّا،
وذُقنا الصَّبر مَشْوِيّا،
قَصَدنا اسمَ بَلْدَتِنا،
فَبِنْتُ القُدْسِ قُدسَيّا.
تَخَشَّبْنا كأَصْنامٍ،
غَفَونا بِضْعَ ساعاتٍ،
جُلوسًا،
وكانَ الظَّهرُ مَحْنيّا،
وبعدَ الصَّحوِ فاجَأَنا،
سَخيفٌ كانَ قد حَيّا،
فلمْ يُتْمِمْ عِبارَتَهُ،
تَمنّى الأرضَ تَطويهِ،
تَوارى عن النّظر،
لزخّاتٍ من الحَدَقاتِ صائِبَةٍ،
على الصِّدغينِ تَأْتيهِ،
عِتابٌ ليسَ يَقْتُلُهُ،
ولكنْ سوفَ يُحْييهِ،
– أَخصمٌ أنفهُ عَقْرَبْ؛
ولا رَدٌ بإِقبالٍ!
كأَنَّ الوَجْهَ سكينٌ،
على الأَزهارِ تَنْهالُ،
ولا بَشاشَةٌ فيهِ؛
أهذا الشَّخْصُ نَلْتامُ؛
إِذا كُنّا تَعَمَّدْنا:
بأَنّا لا نُحييه؟
—
تَسَمّرْنا معَ القَهرِ،
حَمَلْنا بِضعَ خُبزاتٍ،
من الأَوغادِ تُبتاعُ،
كأَنّا نَشتريْ ذَهَبًا،
فسمْسارٌ ونَخّاسٌ وبَيّاعُ،
ولا تَدبيرَ لا جَدْوى،
فقدنا الصّاغِ للشَّكوى،
ولا سِلوٌ ولا سَلوى،
وأَدْمَنّا على البَلْوى،
لَدينا بِضْعُ أَطْفالٍ،
وشيخٌ قاربَ المائهْ،
وكهلٌ صارَ في عَرَبَهْ،
عليهِ البيتُ قد هُدِّمْ،
فإنَّ الكلَّ قدْ جاعوا،
وهذا عَسْكري الحاجِزْ،
يصيحُ: (الكلُّ يَبْتعِدوا،
ومن ْ لا يحملُ الإذْنَ،
مِنَ الأَسيادِ في الأَعْلى،
عليهِ العودُ لا يَرْجِعْ،
فلن يَدْخُلْ إلى الجَنَّهْ،
ولا حتَّى إلى النّارِ،
وأمَّا حاملُ الوَرَقِ،
عليهِ تَركُ مَأْكولٍ،
من الخُبزِ والخُضْرَهْ،
وفاكِهَةٍ معَ اللَّحْمِ،
أَصيخوا السَّمْعَ ثانِيَةً،
أُناديْ الكُلَّ أُنْذِرْكُمْ،
فهيّا الرّجْعُ للخلفِ،
وأمّا منْ عَصى أَمرًا،
يكونُ العاصي إِرْهابي).
—
وعُدْنا، ونحنُ لا نَدري،
لمنْ يا ربِّ نَلتَجِئُ،
فإنَّ الدَّربَ مَسدودٌ،
سِلاحُ الجُنْدِ مَرْفوعٌ،
على الأَطفالِ والنُّسوَهْ،
ورشاشٌ لشبيحٍ،
إلى الأجسامِ مَمْدودُ،
أَيرضى اللهُ سُبحانَهْ؟
بهذا الّذي يُدميْ؟
قطيعُ الضَّاْنِ مقهورٌ،
بتشريدٍ وتنكيلٍ،
وتذْبيحٍ لأَطفالٍ وفِتيانِ،
وإمحاءٍ لما يُعطيْ،
بَنينا بذرَةَ الأَرضِ.
وأَمَّا الجاني يا سادَهْ؛
فما كانَ صُهيونًا.
فوا أَسَفي لما يَجْريْ،
علينا داخِلَ الدارِ،
فَسَيِّدُنا وراعينا،
يبيعُ ترابَ سوريا،
إلى روسٍ وإيرانِ.
وإنْ كُنَّا نُعارِضُهُ،
يُذبِّحُنا ويَرْمينا،
كأحطابٍ داخِلَ النَّارِ.