عبدالرحيم خليفة
في مثل هذا اليوم 22 شباط/ فبراير من عام 2020، أي قبل عامين، أطلقنا موقع (ملتقى العروبيين) ليكون صوتًا لملتقى العروبيين السوريين، ومعبرًا عنهم، والذي تم تأسيسه في كولن/ ألمانيا في 28 تشرين أول/ اكتوبر من عام 2017، للدفاع عن قضايا الهوية والانتماء الثقافي والحضاري لسورية العربية، في مواجهة الدعوات ما دون الوطنية والمشاريع الضيقة ذات الصفات والملامح القومية والطائفية والمذهبية.
كان إطلاق موقعنا تحديًا كبيرًا نظرًا إلى محدودية الامكانات المادية، وسط العدد الكبير من المواقع الالكترونية في فضاء الاعلام السوري، التي تتبع لمؤسسات كبيرة، وبعضها يملك امكانات ضخمة، تستقطب أسماء لامعة ذات شأن وحضور وتأثير، وزاد في عناصر التحدي شرط الاستقلالية الذي ألزمنا أنفسنا به، تفاديا للوقوع في شباك ومرامي الجهات الداعمة، التي لها أجنداتها ومراميها، معتمدين على امكاناتنا الشخصية وتبرعات المخلصين من الأخوة العروبيين، الذين آمنوا بالمشروع وغاياته.
كان قرارنا جرأة محفوفة بالمخاوف، حذرنا منها البعض، ولكن بالرغم من ذلك تجرأنا على الحلم بما نملكه من ثقة بأنفسنا وخبرة راكمتها سنوات طويلة، لبعضنا، من العمل الصحفي الاحترافي، وكان دوما رهاننا على غدنا، والقادم من الأيام، التي نستطيع فيها جذب خبرات وكفاءات، انطلاقا من الإيمان بمشروعنا الوطني وما نمثله من ركن أصيل في البنيان الوطني العام لسورية وشعبها وثورتها العظيمة.
لم يكن قرارنا سهلا، كما لم يكن استمرارنا بأقل سهولة، ونحن ندخل العام الثالث بطموح أكبر عما كان في لحظة البدء والانطلاقة، خصوصا أن موقعنا المتواضع استطاع ترسيخ حضوره وأصبح له متصفحيه ومتابعيه في زحمة المواقع السورية، وكرس نفسه صوتا للعروبيين في سورية، الذي لم يكن لهم صوتاً إعلامياً قبل انطلاقة موقعنا، بهذا الوضوح والشمولية والقدرة.
نحن نعلم أن ما نقدمه ليس غاية طموحنا ولا أقصى أمانينا، ولكننا اجتهدنا ونجتهد، حاولنا ونحاول ما أمكننا ذلك، وبالطبع معيارنا في كل ذلك المهنية والموضوعية، بعيدا عن الايديولوجيا والتعصب والانغلاق التي ربما يوحي فيها اسم موقعنا وملتقانا، والذي أوضحنا منذ البداية أنه منبر إعلامي مفتوح يسعى لدمقطرة العروبة ونفض غبار الاستبداد، ويؤمن بقضايا حقوق الانسان ويدافع عنها باعتبارها قيم معيارية في عالم اليوم.
لا نستطيع اليوم، ونحن ندخل العام الثالث، القول بأننا حققنا نجاحات باهرة، ولكننا بكل تأكيد أنجزنا الكثير مما يمكن أن يضاف إلى رصيدنا الإعلامي والوطني والعروبي، بالنظر الى الامكانات والمعوقات التي كنا ندركها منذ بداية مشوارنا، ومنذ أن كان مشروعنا مجرد فكرة تبلورت بجهود المخلصين الذين حملوا المشروع، أمانة ورسالة.
هنا، لا بد لنا من الاشارة إلى أن اختيارنا ليوم 22 شباط/ فبراير ليس اعتباطا أو صدفة فقد كان مقصودا بذاته تأكيدا على فهمنا وقناعتنا بانتماءنا للعروبة فكراً ومنهجاً، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وتزامنا مع انطلاقة الثورة السورية العظيمة التي آمنا بها وعملنا مخلصين وبكل جدية لها، والتي جاء رأي الملتقى في يوم انطلاقة الموقع، تأكيدا لذلك، تحت عنوان: (بين حدثين تاريخيين ملحمة النهضة مستمرة).
عامان ونحن مستمرون، وفي هذا المجال لابد لنا من أن نشكر كل من وقف معنا، وساندنا، ومدنا بالقدرة على المتابعة ولو كان بكلمة تشجيع بسيطة، وكل من اختلف معنا، وغادرنا، إيمانا منا أن ما ينفع الناس يمكث في الأرض، فالتحية والشكر لكل هؤلاء.
في سياق هذه الذكرى ليس لنا الا أن نستذكر أحد مؤسسي موقعنا، والذي كان يحمل صفة مستشار التحرير، الراحل الكبير محمد خليفة الذي قدم خبرته الاعلامية الطويلة في خدمة موقعنا، وسخر كل امكاناته الشخصية للموقع ولمشروع ملتقى العروبيين السوريين برمته، وساهم معنا في كتابة زاوية (رأي الملتقى) ورفد الموقع دوما بما هو مفيد وغني، فلروحه النبيلة الرحمة والمغفرة، والعهد له ولكافة العروبيين الأحرار، الأحياء منهم والأموات، على مواصلة المشوار حتى منتهاه.
كل عام وموقعنا وملتقانا ووطننا بخير وصوتا للذين لا صوت لهم من المهمشين والفقراء والضعفاء والمؤمنين بسورية عربية، هوية وانتماءً، ثقافة ووجدانا، حرة وموحدة، منحازين للحق والخير والجمال، في مواجهة القبح والرذيلة والظلم والفساد، كما عرفنا أنفسنا في (من نحن) على صفحة موقعنا، ومازلنا حافظين للعهد والأمانة، بكل صدق وشجاعة وصلابة.
كل عام وأنتم ونحن بخير.
المصدر: موقع ملتقى العروبيين