“إنه معاً بطل وساحر، مغوٍ وشقيق لإيروس، إله الحب عند الإغريق. في استطاعته أن يحقق المستحيل، ويملأ القلوب الإنسانية المسكينة بشعر جميل ورائع.”
بهذا الوصف ومثله يحلق الكاتب العالمي “هرمان هسه” في روايته الجميلة “بيتركامنتزيند”، نحو السمو، فيدخل أوار الوصف والسرد الروائي المحبب للقارئ، وينقلك من حيز إلى آخر، ومن قرية إلى مدينة، ومن عشق إلى آخر، دون الإدراك أنه بهذا العمل وهذا الانفتاح الإنساني إنما يدخل في الكينونة، ويعاقر (ليس الخمر فقط) بل الطبيعة، والسحر، والبحر، والأنهار “وكل ما خلق الله وما لم يخلق “.. وبطريقة متميزة في الترجمة، ينقلنا المترجم “أسامة منزلجي” من صياغة إلى أخرى، ومن أشعار إلى قص أدبي.. دون أن ينسى جمال الحبكة، ورونق القلق اللاواعي أو الخفي.
كان الكاتب، كما شخوصه “هادئاً وتبدو عليه الثقة بالنفس، يشمخ برأسه برجولة، وتصميم وجدية، ولا يكاد يتبادل الكلام مع رفاقه”… في فصول الرواية التي وقعت ضمن /188/ صفحة من القطع المتوسط، “لم تكن مهمة كل الأشياء الماضية، وإنما ذات قيمة دائمة وتتألف من ذكريات الناس كلهم التي خصص لها مكاناً في قلبه بدءاً بروزي الهيفاء، وانتهاء ببوبي المسكين “.
وهو يتابع على لسان أحد شخوص الرواية قائلا: “لقد درست عامية المتشردين في الشوارع، ولكن من الممتع أن أبحث عن معنى عبارة معينة بين حين وآخر ” وهو لم يضل الطريق وسط تفاصيل القص الأدبي ولم يخف في بعض الأحيان خيبة أمله، وشعوره بأن الدوائر التي يدور ضمنها لا تمده بالناس الذين يبحث عنهم.. وكما قال: “لقد كنت أسعى وراء الأنماط وليس الشخصيات وهؤلاء لم أعثر عليهم لا في الحلقات الأكاديمية ولا بين الزمر الاجتماعية. ورحت أفكر يحدوني الشوق في إيطاليا وفي باقة الأصدقاء ورفاق نزهاتي العديدة هناك … الحرفيين العاديين … كم من رحلة قمت بها معهم، وكم من صاحب رائع وجدت بينهم!”
ويختم قائلاً:”لم أفز بأي شيء من ترددي على الحانات المحلية والفنادق الرخيصة. لم تفدني حشود المتسكعين غير المنتظمين.
وهكذا أمضيت فترة من الوقت تائهاً لا أدري ما أفعل به، فبقيت على صحبتي للأطفال “.