هبة محمد
ينتشر داء اللشمانيا بشكل واسع في الأجزاء الشمالية من سوريا، من الشرق إلى الغرب، ويزيد الأمر سوءاً ضعف الخدمات ولاسيما الصرف الصحي المكشوف، ويعد التخلص من النفايات وروث الحيوانات وانتشار القمامة، والبنية التحتية المدمرة من أهم أسباب انتشار ذبابة الرمل التي تنقل العدوى بهذا الداء، بينما يواجه المصابون بهذا المرض مشقة التوجه إلى مراكز العلاج البعيدة. ويعرف اللشمانيا بأنه مرض طفيلي يسببه نوع من الأحياء الدقيقة، ويوصف محلياً بـ «حبة حلب»، وهو مرض جلدي يسببه طفيلي ينتقل بشكل رئيسي عن طريق ذبابة الرمل، التي تنشط حول حفر الصرف الصحي والقمامة، وينتقل الداء عبر النواقل «ذبابة الرمل» المعروفة باسم «الشيخ ساكت» أو «السكيت»، وهي المسؤولة عن نقل طفيلي اللشمانيا، من دماء الحيوان إلى دم الإنسان، كما تساهم في الشمال السوري عموماً بيئة مناسبة، في نقل المرض.
«60 ألف إصابة»
مدير برنامج الصحة والتغذية في منظمة الأمين، الطبيب واصل الجرك، قال في تصريح لـ «القدس العربي» إن أكثر من 60 ألف إصابة، وثقت خلال شهر إبريل /نيسان/ الجاري شمال غربي سوريا، ونحو 10 آلاف آخرين شمال شرق البلاد. وقال بأن اللشمانيا «مرض وبائي، يصنف في سوريا من الأمراض المستوطنة، أي أنه موجود ولم يتم القضاء عليه، لكنه تحت السيطرة، وتزيد أعداد الإصابات بهذا المرض في فترات محددة من السنة، خاصة الفصول الدافئة، أواخر الربيع وكل فصل الصيف، وهي الفترة التي تنشط فيها الذبابة التي تعتبر الناقل الرئيسي من الجرذان والكلاب والسحالي (وهي المستودع)، إلى الإنسان».
وتنشط النواقل في البيئات غير النظيفة، وفقاً للمصدر الطبي، وذلك «على مستوى المجتمع أو الحاضرة، التي تنتشر فيها المكبات والنفايات، وذلك يرجع إلى عدم التخلص السليم أو صحي من القمامة، حيث تعتبر قرى وبلدات شمال سوريا، شرقاً وغرباً، من المناطق التي يستوطن فيها هذا الداء بكثرة خصوصاً في غرب إدلب، وأرياف حلب، وريف الحسكة برأس العين».
وبالنسبة للعلاج، قال الجرك «لا توجد مراكز طبية متخصصة لعلاج اللشمانيا في الشمال السوري، لكن العلاج متوفر في مناطق شمال غرب سوريا بكميات جيدة، وتعمل على توفيره منظمة منتور البريطانية وهي مختصة بهذا الداء تحديداً، بينما تعاني مدن وبلدات مناطق شمال شرقي سوريا، ولاسيما رأس العين وتل أبيض، من نقص العلاج» مضيفاً «حالياً بدأت منظمة الأمين بالاستجابة للتعاون مع أطباء بلا حدود بلجيكا وفرنسا».
ورغم عدم وجود مراكز خاصة لمكافحة المرض، إلا أن وجود مزودي خدمة طبية مدربين على التشخيص المخبري والتشخيص السريري، ومتابعة العلاج، في إدلب والأرياف القريبة منها، حد من انتشار هذا الداء، وما ساعد في ذلك وفق الطبيب وجود «عيادتين متنقلتين في بلدات وقرى إدلب في الشمال العربي، تديرهما منظمة «منتور» البريطانية، على عكس مناطق شمال شرق سوريا، التي تفتقر للأدوية ويتم اللجوء حاليًا لعلاج جميع آفات اللشمانيا لجميع المرضى عن طريق الحقن الموضعي مع أن أكثر من 40 في المئة في حاجة إلى الحقن العضلي الذي يحتاج إلى 80 أمبولة من أجل تماثل المريض للشفاء».
وحول أهم الأسباب التي تجعل من المنطقة الشمالية من سوريا موطناً لهذا الداء، قال الطبيب لـ «القدس العربي» إن السبب الرئيسي «النفايات ووجود المواشي وعدم التخلص من روثها بشكل مناسب، ولا سيما في شمال شرق سوريا، وأبرز الأسباب في حلب الصرف الصحي المكشوف وأيضاً عدم التخلص من النفايات، أما غرب إدلب فيعود السبب إلى وجود ممرات مائية، عدا عن البيئة غير النظيفة».
مرض مميت
وتحدث مدير برنامج الصحة والتغذية بمنظمة الأمين، الطبيب واصل الجرك عن تشخيص نحو 50 حالة مصابة بداء اللشمانيا الحشوية، في شمال غربي سوريا، التي تسبب تضخماً في الأحشاء بما يشبه الملاريا. وتعتبر «منظمة الصحة العالمية» (WHO) داء «اللشمانيا الحشوية» مرضًا مميتًا بنسبة 95% في حال لم يتم علاجه. وأكد مدير برنامج الصحة لدى الدفاع المدني السوري، همام داوود في تصريح لـ «القدس العربي» تسجيل آلاف الإصابات سنوياً بداء اللشمانيا معظمها في الأجزاء الشمالية من البلاد. وأكد داوود أن «أعداد الإصابات تزايدت بصورة ملحوظة في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب وترافق ذلك مع عدم توفر مراكز علاجية في هذه المناطق، مما يجعل الوصول إلى العلاج أمراً صعباً ومرتفع التكلفة بسبب تكاليف التنقل». ومن أهم أسباب انتشار العدوى في تلك المنطقة وفقاً للمتحدث هو انتشار المستنقعات وتجمعات القمامة التي تشكل بيئة مناسبة لذبابة الرمل. وقال «على الرغم من التحديات الكبيرة إلا أن الدفاع المدني السوري يسعى لتخفيف عوامل الخطر البيئية التي تسهل انتشار المرض ووصول المرضى لمراكز العلاج».
المصدر: «القدس العربي