حمزة خضر
تزامناً مع اقتراب الانتخابات التركية المزمع عقدها منتصف العام القادم، تتسارع المبادرات التي ترمي لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بعد أن أصبح ملف اللجوء على رأس قائمة جدول الأعمال السياسي للمعارضة والحكومة التركية على حد سواء. وتحدثت صحف ومواقع إعلامية تركية عن تحسن ظروف الحياة في مناطق سيطرة المعارضة والخطط التي يتم العمل عليها لتشجيع “العودة الطوعية” وتأمين السكن والخدمات لهم.
ونشرت صحيفة “Türkiye Gazetesi” مادة صحفية لكاتبها “يلماز بيلغان” كشف من خلالها عن خطة الحكومة في إعادة مليون ونصف المليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال 15 – 20 شهراً من الآن عبر جعل مناطق العمليات العسكرية التركية مناسبة من الناحية المعيشية والاقتصادية لعودة اللاجئين.
وبحسب “بيلغان” فإنه إلى جانب مشاريع المنشآت الصناعية المنظمة في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، أتمت الحكومة التركية كل التحليلات والدراسات اللازمة لبناء 200 ألف منزل بتمويل قطري في المناطق نفسها، وتم طرحها للتقدم إلى المناقصات.
ويشير “بيلغان” إلى أن تسارع وتيرة المحادثات التي يتم تنسيقها بين حكومة أنقرة وحكومة النظام السوري، تهدف إلى مناقشة ملفين رئيسيين هما اللاجئون، وحزب العمال الكردستاني “PKK” المصنف على اللوائح التركية للإرهاب، حيث تريد تركيا من حكومة النظام فتح معركة عسكرية على حدود سيطرة حزب العمال من المحور الشمالي الشرقي، بهدف السيطرة على حقول النفط والغاز من جديد، وأن تضمن تركيا دعمها والتزامها لحكومة النظام في عمليات التنقيب والنقل والتصدير.
وبالتوازي مع هذا المشروع، فإن إنشاء أقاليم آمنة في مناطق سيطرة النظام السوري هو موضوع آخر للمفاوضات بين ممثلي البلدين، فبينما تزيد الإمارات والمملكة العربية السعودية والجزائر والأردن دعمهم الدبلوماسي لحركة محادثات دمشق وأنقرة، يواصل بعض القادة محاولاتهم لإيجاد أرضية للمحادثات (الهاتفية) المباشرة بين أردوغان والأسد، بحسب تقرير الصحيفة.
إعادة الممتلكات المصادرة
وضمن محادثاتها مع النظام السوري، طالبت تركيا بتحديث سجلات النفوس العامة للسوريين، وإعادة سندات الملكية للأراضي التي تم نهبها والاستيلاء عليها من قبل حزب العمال الكردستاني والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران إلى أصحابها، إذ تعتبر أنقرة هذه المسألة أكبر عقبة أمام عودة اللاجئين إلى سوريا.
وبحسب المعلومات التي توصلت إليها الصحيفة، فإن النظام السوري قد تمسك منذ المحادثات الأولى مع أنقرة بضرورة انسحاب تركيا من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام وإدلب.
وأضافت الصحيفة أنه في حال تم ضمان الجانب السياسي والأمني للسوريين، سيعود نحو 700 ألف لاجئ سوري إلى بلاده، مشيرةً إلى أن الحل السياسي سيحمل بعداً اقتصادياً وإنسانياً عبر فتح ممرات تجارية وإنسانية على خطوط إدلب وحلب واللاذقية والحسكة وحماة.
“خطة العودة الطوعية”
وفي ظل الأنباء المتداولة حول خطة “العودة الطوعية” إلى “المناطق الآمنة” في سوريا، والتوجه الجديد الذي تتبناه الحكومة التركية بالتعاطي مع ملف اللاجئين السوريين في البلاد، نشرت صحيفة “Hürriyet” التركية تفاصيل الخطة، والمشاريع التي أقامتها الحكومة فيها لضمان حياة “مستقرة ومشجعة للعودة”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في مجال الحوكمة، أنشأت تركيا مجالس محلية وتشكيلات أمنية وقضائية في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، عبر تدريب 12 ألفاً و42 فرداً أمنياً، ويتم إنشاء نظام الأمن والإدارة العمراني (KGYS) في عفرين جنديرس وراس العين واعزاز والباب وتل أبيض، إلى جانب إجراء دراسات للتطوير والتحسين في اعزاز والباب.
الرعاية الصحية والتعليم والزراعة
وتم تشغيل 8 مستشفيات عامة و 106 مراكز صحية و 33 مستشفى خاصاً و 42 محطة خدمة صحية للطوارئ و 10 مركبات صحية متنقلة و 76 سيارة إسعاف لخدمة سكان المناطق.
وكشفت الصحيفة عن أن 349 ألفاً و762 طفلاً سورياً يواصل تعليمه في 1429 مدرسة، 26 مدرسة منها حديثة البناء، بينما ما تزال 48 مدرسة قيد الإنشاء.
وتم خلق فرص عمل لنحو 50 ألف شخص، وقدمت الأسمدة والبذور للمزارعين، وتم تحديث البوابات القائمة وفتحها أمام جميع الممرات التجارية عبر البوابات الجمركية الجديدة.
بنية تحتية حديثة وآلاف المساكن
وتطرقت الصحيفة إلى البنية التحتية التي تم بناؤها في تلك المناطق، حيث تم إنشاء 132 كيلومتراً من الطرق الإسفلتية، و813 ألفاً و96 متراً مربعاً من حجر الأساس، وتم بناء 51 ألفاً و860 منزلاً لحل مشكلة السكن عبر وضع 44 ألفاً و853 أسرة في هذه المساكن، فيما تتواصل أعمال بناء 63 ألفاً و167 منزلاً جديداً.
يشار إلى أن تركيا أطلقت ثلاث عمليات عسكرية في سوريا، وهي: عملية “درع الفرات” في 24 من آب من العام 2016، بهدف القضاء على “تنظيم الدولة” والتنظيمات الكردية المدرجة على لوائح الإرهاب التركية، وعملية “غصن الزيتون”، مطلع عام 2018، في مدينة عفرين المتاخمة للحدود التركية بالتعاون مع “الجيش الوطني السوري”، في حين أطلقت “نبع السلام” في تشرين الأول من العام 2019.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا