كمال شيخو
دعت منظمتا «العفو الدولية» و«أنقذوا الطفولة» إلى بذل المزيد من الجهود العاجلة لاستعادة أطفال المقاتلين الأجانب وأمهاتهم من مخيم «الهول» شمال شرقي سوريا إلى بلدانهم الأصلية، وطالبت بإعادة توطين الأطفال الفرنسيين القاطنين في المخيمات السورية خلافاً لكلّ قواعد القانون الفرنسي، بلا أي تأخير، في وقت كشفت «دائرة الخارجية» التابعة لـ«الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» أن عدداً من الدول والحكومات الغربية استعادت 65 طفلاً من رعاياها منذ بداية العام الجاري، بمن فيهم أطفال ونساء عائلات مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، لكن لا يزال هناك المئات من الأطفال يعيشون في تلك المخيمات، وسط تحديات أمنية وأجواء معيشية قاسية.
وسلّمت دائرة العلاقات الخارجية في القامشلي، في 14 من الشهر الجاري، 10 أطفال روس يتامى من عوائل «داعش»، إلى إيلينا إليخاندروفا، نائبة مفوضية حقوق الطفل للرئاسة الروسية، ومساعدها سيرغي إيغورفيش، فيما تسلمت موسكو 9 أطفال يتامى في 23 من شهر فبراير (شباط) الماضي. وحسب إحصائيات الدائرة، تسلمت روسيا الاتحادية نحو 244 طفلاً منذ عام 2018 على ثماني دفعات.
كما تسلمت بريطانيا طفلين في 4 من شهر أبريل (نيسان) الجاري، وجرى تسليم ثلاثة أطفال أشقاء بريطانيين لوفد حكومي من بلادهم، وبقيت والدتهم في أحد المخيمات.
أما الحكومة الألمانية، فقد تسلمت في 30 من شهر مارس (آذار) الفائت 27 طفلاً و10 نساء في أكبر عملية إجلاء للرعايا الألمان من المخيمات السورية. وبلغ عدد المواطنين الألمان الذين تم تسليمهم إلى وفود حكومية 91، منهم 22 سيدة و69 طفلاً.
وتسلمت الحكومة السويدية هذا العام طفلين وسيدتين، في 14 من مارس الماضي، إضافةً إلى 4 أطفال وامرأتين تسلمتهم في 26 من شهر يناير (كانون الثاني) الفائت.
من جهتها، تسلمت الحكومة الهولندية 11 طفلاً و5 نساء في 3 من شهر فبراير الفائت.
وقي المحصلة، تسلمت دول قليلة، منذ انتهاء العمليات العسكرية والقضاء على السيطرة الجغرافية والعسكرية لتنظيم «داعش» في ربيع 2019، عدداً من أفراد عائلات المقاتلين المتطرفين منها، والذين شاركوا بأعداد كبيرة في القتال في صفوف «داعش»، مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو، واكتفت أخرى، خصوصاً الأوروبية منها، باستعادة عدد محدود من النساء والأطفال، لا سيما اليتامى من أبناء هؤلاء العناصر.
ويضم مخيم «الهول» نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال دون سن 16 عاماً وفق الأمم المتحدة، وغالبيتهم من اللاجئين العراقيين، كما يضمّ نحو 10 آلاف من عائلات مقاتلي «داعش» الأجانب، يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشدّدة.
بدورها، طالبت منظمة «أنقذوا الطفولة» الدولية، في تقرير نُشر على موقعها الرسمي في 25 من الشهر الجاري، ببذل جهود عاجلة لدعم العودة الآمنة والطوعية للأسر السورية والعراقية من المخيم، إلى جانب إعادة أطفال المقاتلين الأجانب وأمهاتهم إلى بلدانهم الأصلية.
وأكدت المنظمة أن الأطفال في مخيم «الهول» يعانون من كوابيس، مثل القتل والعنف، وتواجههم صعوبات في النوم جرّاء تعرضهم المستمر لمشاهد العنف، كما يعاني الأطفال، حسب التقرير، من التبول في الفراش وفقدان الشهية لتناول الطعام، لصعوبة الحياة واليأس بشأن مستقبلهم في المخيم، ما يدفعهم إلى ممارسة سلوك عدواني.
وقالت سونيا كوش، مديرة استجابة المنظمة في سوريا، خلال إحاطة صحافية، إنه من الضروري معالجة قضايا الأمن وتدهور الأوضاع داخل المخيم دون التسبب بالمزيد من التوتر والخوف في حياة هؤلاء الأطفال، «إذ إنه من غير المقبول أن نرى أطفالاً في الخامسة من العمر يخبرون أهلهم أنهم يريدون الموت». وأشارت إلى أن الحل الدائم لمشكلة هؤلاء الأطفال هو دعمهم وعائلاتهم لمغادرة المخيم بأمان، إذ «لا يمكن للأطفال الاستمرار في العيش في مثل هذه الظروف المؤلمة، في ظل مستوى من العنف الذي يتعرضون له في مخيم الهول بشكل يومي مروع».
من جانبها، دعت «منظمة العفو الدولية» الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إعادة 200 طفل فرنسي يقطنون في المخيمات السورية، وناشدته أن يضع حقوق الإنسان في قلب أولويات ولايته الجديدة. وقالت، عبر بيان نُشر على موقعها الرسمي في 24 من أبريل: «ندعو إلى إعادة توطين الأطفال الفرنسيين المئتين المحتجزين في سوريا خلافاً لكلّ قواعد القانون بلا أي تأخير، وهو النهج الذي ينتهجه المزيد من الدول الأوروبية».
يُذكر أن باريس أعادت نحو 35 طفلاً أغلبهم يتامى، وتشدّد على ضرورة محاكمة البالغين في مكان وجودهم.
المصدر: الشرق الأوسط