د. مخلص الصيادي
رؤية مهمة يقدمها د.سمير تقي لأهمية وأثر العقوبات الدولية والأمريكية على النظام السوري، وفي خلاصتها أن فعالية هذه العقوبات قاطعة لكن على المدى البعيد، وأنها أقل تكلفة وأخف ضررا على المواطن والوطن من الحرب والعمل العسكري الذي يستهدف النظام.
ويضمن رؤيته تظرة إيجابية لهذه العقوبات ولأثرها المؤكد على النظام، وعلى قدرته على الاستمرار.
ومثل هذه الرؤية المهمة أغفلت أمرين اثنين مترابطين من شأن الانتباه إليهما وإدخالهما في التحليل العام التخفيف من التفاؤل، ومن التعويل على هذه العقوبات في تغيير النظام:
الأول : الطبيعة الطائفية للنظام، واعتماده على البنية الطائفية في تحصين نفسه، وفي ترتيب البيت السوري.
والطائفية هنا منظومة متكاملة حصنها وأقامها على دعامة المصالح من جهة، وعلى دعامة الجرائم من جهة أخرى، حتى أصبح أنصار النظام ينظرون إلى مستقبلهم الشخصي والاجتماعي من خلال استمرار النظام نفسه، ولعل الفحش والجبروت الذي يقف خلف فيديوهات التي يجري نشرها عن عمليات التعذيب، والقتل، والاستهتار بالقيم والتاريخ والمقدسات، فالنظام يريد من كل هذا أن يربط كل أنصاره بكل جرائمه، ليصبح دفاع هؤلاء عن النظام هو من قبيل دفاعهم عن أنفسهم.
الثاني: الحليف الاقليمي المتمثل بإيران، وبالفضاء الطائفي الشيعي الممتد من حزب الله في لبنان الى العراق فباكستان وأفغانستان.
إن هذا الحليف الذي تحركه عقيدة ” ولاية الفقيه”، وأحلام العنصرية الفارسية، ينظر إلى النظام السوري باعتباره حجر الزاوية في مشروعه الاقليمي والعالمي، لذلك فإنه يقف إلى جانب النظام بدون حدود، وإلى آفاق تكاد لا تدرك، حتى ليصح القول بأنه يربط مصير مشروعه بمصير النظام.
العاملان المشار إليهما يعطلان كثيرا التحليل الموضوعي لأثر العقوبات الدولية على النظام السوري، ويجعلان الاستشهاد بما حل بالاتحاد السوفياتي نتيجة العقوبات الغربية، استشهاد غير مكتمل الأركان، إن لم نقل أنه في غير محله.
هذا كله ونحن نأخذ هذه العقوبات والتهديدات الغربية والأمريكية على محمل الجد، ومن زاوية أنهم يريدون فعلا تغيير النظام السوري، وهذه فرضية تحتاج إلى كثير من التدقيق، وإلى تفسير كثير من المواقف الغربية والأمريكية طوال العقد المنصرم.