خالد الخطيب
كادت هيئة تحرير الشام تنجح في دخول مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف حلب مؤخراً لولا تدخل وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، والتي دعت الى استنفار الفصائل لقطع الطريق على الهيئة.
وجمعت الوزارة في مقرها بريف عفرين شمال حلب، قادة هيئة ثائرون للتحرير وقادة غرفة القيادة الموحدة (عزم) وهما أكبر تكتلين للفصائل كان قد وصل التنافس والصراع بينهما إلى مستويات خطرة بعد أن حاولت بعض مكوناتهم العسكرية الاستقواء بتحرير الشام في إدلب.
وقالت مصادر عسكرية ل”المدن”، إن “تحرير الشام استنفرت تشكيلات عدة على تخوم ناحية الشيخ حديد بريف عفرين الغربي بحجة التدخل لفض الاشتباك الذي كان سيندلع بين الفصائل بريف حلب، وكادت تحرير الشام تدخل المنطقة بمساعدة بعض التشكيلات التابعة للفصائل والتي على علاقة معها، ولكن اجتماع وزارة الدفاع التابعة للمؤقتة واستدعائها لقادة تحالفي عزم وثائرون وحل الخلافات في ما بينهم، على الأقل بشكل مؤقت، هو ما قطع الطريق على أطماع أبو محمد الجولاني”.
وأضافت المصادر أن “الفصائل أصبحت بسبب خطر تحرير الشام على المنطقة على قلب رجل واحد، وهي جاهزة للتصدي لأي محاولة من هذا النوع، والتنسيق الآن على أعلى مستوياته، أي معركة يريد الجولاني زج عناصره بها ستكون الفصائل جاهزة للمواجهة فيها، فهل تتوقع تحرير الشام أن يتم استقبالها بالورود، وهي التي قتلت واعتقلت وشردت أعداداً كبيرة من الثوار على مدى سنوات، وسلبتهم أسلحتهم وأموالهم”.
مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني حسن الدغيم علق على محاولة بعض التشكيلات الاستعانة بتحرير الشام واتهمها بخيانة الأمانة وقال: “السياسة حكمة لا فوضى ومصالحها توزن بميزان الذهب، ومما علمنا من توافق السياسة مع الشريعة أن استدعاء شرٍ أكبر لدفع شرٍ أصغر والاستقواء بعدو استراتيجي لدفع خصم تكتيكي وقبول باغٍ منهجي في دفع متعدٍ سلوكي لهو من انطماس البصيرة وسوء المنقلب وخيانة الأمانة”.
وخلال الأيام القليلة الماضية ساد التوتر في منطقة عفرين التي شهدت وصول تعزيزات عسكرية ضخمة دفعت بها غرفة عزم إلى المنطقة القريبة من خطوط التماس مع تحرير الشام في إدلب، فالأخيرة كانت قد حشدت أيضاَ بعض تشكيلاتها المسلحة قبالة خطوط التماس قرب أطمة وذلك دعماً لمجموعات حركة أحرار الشام في إدلب والتي كانت تسعى لدخول ريف حلب تلبية لنداءات الاستغاثة التي أطلقها قطاع الشرقي في الحركة والذي انشق مؤخراً عن غرفة عزم وانضم لاحقاً إلى صفوف ثائرون.
ويضم القطاع الشرقي في أحرار الشام أكثر من 1600 مقاتل، ينحدر معظمهم من ريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي كانوا قد انضموا إلى صفوف الجبهة الشامية في العام 2017 مع بداية عملية درع الفرات العسكرية التي أطلقها الجيش التركي ضد تنظيم “داعش”، وتحولت مجموعات الأحرار المنضمة إلى الشامية لاحقاً إلى جزء من تكتل عسكري باسم الفرقة-32 والذي صار أحد أهم أذرع قوة غرفة “عزم” في منطقة الباب ومحيطها شمال شرق حلب برغم الخلافات بين الفرقة وقيادة الغرفة حول المصاريف وإدارة المعابر.
ومع بداية العام 2022 عملت قيادة أحرار الشام في إدلب على تحريض الفرقة-32 على الانشقاق عن الجبهة الشامية زعيمة غرفة “عزم”. واستغلت قيادة أحرار الشام الاستياء العام وسط مقاتلي الفرقة الذين يشعرون بالتهميش داخل صفوف الغرفة وفي مجلس شورى الشامية، ولا تلبى مطالبهم التي كان آخرها عدم التجديد لقائد الغرفة أبو أحمد نور، وزيادة تمثيلهم داخل مجلس الشورى، وهي مساعٍ دعمها أيضاَ الزعيم السابق للحركة حسن صوفان الأكثر قرباً من بين قيادات الحركة إلى تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني، والمساعي المفترضة تزامنت حينها مع توتر العلاقة بين “عزم” وتحرير الشام.
وبالفعل اندلعت مواجهات عنيفة أوائل شهر نيسان/أبريل، في عولان قرب الباب بين القطاع الشرقي في أحرار الشام (الفرقة 32) وتشكيلات الغرفة وأسفرت المواجهات عن مقتل عدد من المقاتلين وجرح آخرين، وفي ما بعد أصبحت الفرقة تشكيلاً مستقلاً بعدما أعلنت انشقاقها وفوضت اللجنة الوطنية للإصلاح التي يتزعمها شرعي فيلق الشام الشيخ عمر حذيفة لحل الخلاف بين الطرفين.
وفي شهر أيار/مايو، أعلنت الفرقة-32 انضمامها إلى صفوف ثائرون للتحرير من دون أن تفي بالتزاماتها المالية لقيادة الغرفة التي تطالبها أيضاَ بالمقار والأسلحة والمركبات باعتبارها من ضمن ملاك الشامية، وتحظر عليها الانضمام إلى ثائرون وتطالبها بتطبيق كافة قرارات اللجنة، وهذا هو السبب المباشر لاستنفار تكتلي الفصائل، عزم وثائرون، خلال الأسبوع الأخير من أيار ، والذي كاد يتحول الى مواجهات واسعة في المناطق الكبيرة بريف حلب، الباب وإعزاز وعفرين، والذي وجدته تحرير الشام فرصة ذهبية لتنفيذ طموحاتها بدخول مناطق الفصائل بريف حلب، وهي أطماع لطالما ألمح إليها الجولاني وقادة تحرير الشام خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقال أحمد منغ القيادي في غرفة عزم على “تلغرام”، إن “من يخطط لضرب الاستقرار في المناطق المحررة بانشقاق هنا وفتنة هناك بتحريض الآخرين لن يقتنع بخطئه ولو وضعت بين يديه ألف دليل. وأضاف “سبق أن فشلوا في ترقيع الانشقاق والاستعانة بالبغاة ولم يعد بوسعهم إلا الغمز واللمز باللجنة الوطنية للإصلاح التي ارتضوها لتحكم بالقضية فمذهبهم الأخذ بالحكم إذا وافق هواهم ورفضه والطعن بمن أصدره إذا خالف أمانيهم، وأشفق على إخواني المغرر بهم من أشخاص سجلهم حافل بالانقلابات وسفك الدماء تحت طمع ووهم الإمارة وبسط النفوذ”.
وتعليقاً على محاولات تحرير الشام لدخول ريف حلب، قال منغ: “قاتلوا الزنكي في ريف حلب ثم سلموا الريف كله للنظام، واليوم تريد جبهة النصرة من خلال ذراعها حسن صوفان تكرار السيناريو في غصن الزيتون، هؤلاء مجرمون لا عهد لهم ولا ذمة طعنوا الثورة في ظهرها وآذوا الثوار أكثر من الأعداء مجتمعين”.
المصدر: المدن