جهاد الأسمر
لم تمض سويعات قليلة على ظهور الفيديو المرعب الذي بثته صحيفة الغارديان لأحد مجازر ومذابح النظام في حي التضامن، والطريقة البشعة التي يقوم بها النظام للتخلص من المعتقلين بهذه الطريقة التي أقل ما يقال فيها أنها وحشية، والذي ولا يمكن لأي من البشر أن تحدثه نفسه بأن يقوم بها- أقول لم تمض سويعات حتى بادر إلى إصدار ما يسمى عفوًا وذلك للتغطية على هذه المذبحة التي لا يمكن لأي عمل أن يغطيها.؟ المدهش هنا أن كلمة عفو ليست في محلها الذي أصدره بشار الأسد المجرم، فمن يعفو عن من؟ أيعفو القاتل عن القتيل والجلاد عن المجلود؟!
تُمثّلُ حفرة التضامن ومذبحتها التي أودت بحياة أكثر من 41 شهيدًا نموذجًا، ربما يكون مصغرًا جدًا عن الأساليب المميتة والقذرة التي يمارسها النظام بحق المعتقلين في سجونه، فما خفي من مجازر ومذابح أعظم من ذلك بكثير فهذا “الفيديو” الذي نشرته صحيفة الغارديان يعود لعام ٢٠١٣ أي بعد الثورة السورية بما يقارب السنتين، أما المجازر والمذابح الأخرى فقد امتدت إلى مابعد هذا التاريخ وحتى الآن، وهذا ينبىء بعدد المجازر والمذابح التي حدثت في هذه المدة والتي لم يرصدها راصد، ولكن الكيفية والعدد الضخم لضحايا حفرة التضامن، أهميتها تأتي أنها صوت وصورة، دم ولحم، ظهر فيها القاتل والمقتول في حي من أحياء دمشق الجميع يعرفه.
العفو عن المعتقلين الذي جاء للتغطية على هذه الجريمة المروعة جاء بطريقة أقرب ما يكون للطريقة الهزلية فمئات الآلاف من المعتقلين في مسالخ النظام الذين تكتظ بهم والتي أبعد ما تكون عن المعتقلات وإنما لكلمة مسالخ بشرية أقرب، مسالخ يرتكب فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت. العدد الضئيل من المعتقلين الذي ادّعى النظام أنه أفرج عنهم وهم لا يتجاوزون المئات في أحسن الأحوال من بين معتقلين يعدون بالآلآف مازالوا يقبعون في غياهب السجون، وغالبية من تم الإفراج عنهم وكما يؤكد كثيرون أنهم من أصحاب السوابق الجنائية الذين لم يمِضِ على سجنهم شهور قليلة، وليسوا من معتقلي الرأي والثوار الحقيقيين لا بل ذهب البعض أن جزءً كبيرًا ممن أفرج عنهم من مخابرات النظام جرى تصويرهم لتكتمل الصورة التي يريدها النظام، ومن المؤلم والموجع بأن قسمًا من المفرج عنهم ظهر بعضهم وقد أصيب بالجنون والبعض الآخر قد فقد الذاكرة وذلك لهول الذي رأوه في المعتقلات.
ما يؤكد أن المعتقلين هم بمئات الآلاف الصور الأليمة و”الفيديوهات”التي شاهدناها لذوي المعتقلين الذين ماإن سمعوا عن صدور العفو حتى تقاطروا على الأماكن التي أشيع أنه سيجري إخلاء سبيلهم منها، ورأيناهم كيف يتراكضون متنقلين من حي لآخر، ومن ساحة لأخرى، هذه الآلاف من ذوي المعتقلين تدلّل على العدد المهول للمعتقلين الذين مازالوا في السجون والذين مازال ذويهم يتلهّفون على معرفة مصيرهم أحياء هم أم أن مصيرهم كان كمصير أصحاب الحفرة أصحاب الأخدود؟؟
ناشدنا المجتمع الدولي ومنظماته ومازلنا ننادي أن يساندونا في قضية المعتقلين لأننا كنا نعرف المصير الذي ينتظرهم في سجون النظام من تعذيب لا يحتمل وهم للقبور أقرب منها إلى السجون ولكن لاحياة لمن تنادي ؟ ففي كل مرة يخرج فيها معتقل من معتقلينا الذين كتب الله له أن يعيش لأنه وكما يقولون الداخل إلى هذه السجون مفقود والخارج منها مولود فمن خرج واستطاع الهرب من أماكن النظام إلى الشمال السوري روى الوحشية وما كان يتعرض له وزملاؤه من معاملة وتعذيب حتى الحيوانات لا تطيقها وتحتملها.
في حديث لأحد المعتقلين في إحدى وسائل الإعلام السيد عماد أبو راس أن عدد المختفين قسريًا في سورية يتجاوز 400 ألف شخص وعدد المعتقلين الموثقين لدى الإتحاد هو 80ألف معتقل على الأقل”. وأضاف أبو راس وعضو الاتحاد أنه ” لو افترضنا أن نصف المعتقلين الموثقين قد قتلوا أو توفوا في السجون نتيجة التعذيب والظروف داخل المعتقلات فإن على النظام أن يطلق سراح 40 ألف شخص على الأقل في حال أراد تطبيق مرسوم “العفو” الصادر غير أن عدد المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم لم يتجاوز350 حتى اليوم.
وتابع أبو راس راس يقول:”هدف النظام من إصدار العفو وإطلاق سراح عدد محدد من المعتقلين هو التغطية على مجزرة حي التضامن حيث أثبت فيديو المجزرة وبدون شك أن النظام اتبع سياسة القتل وارتكاب المجازر ضد الشعب السوري منذ اندلاع الثورة ضده”.
لم يعرف شعب من الشعوب فاجعة كفاجعة السوريين في المهاجر وفي النزوح وفي المعتقلات والسجون حتى قال البعض إن أكثر الأمكنة التي استقبلت السوريين هي السجون والقبور.
المصدر: اشراق