في الوقت الذي أكد فيه الرئيس الأميركي، جو بايدن مؤخرا أن زيارته للشرق الأوسط تأتي لـ”بدء فصل جديد”، ينشط الحديث في المنطقة عن “ممر تجاري” أو “سوق مشتركة” تضم إسرائيل وبعض دول العربية.
وبدأ بايدن جولة في الشرق الأوسط بزيارة إسرائيل، الأربعاء، يتوجه منها، الجمعة، إلى السعودية.
وقدمت وزارة المالية الإسرائيلية خطة تتضمن إنشاء ممر تجاري يربط السعودية والأردن وإسرائيل، بحسب تقرير لصحيفة جوريزاليم بوست، قد يؤدي إلى تسهيل “تجارة بعشرات المليارات من الدولارات”.
وقال وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان إنه يأمل أن تقود زيارة بايدن إلى “إنشاء سوق مشتركة في الشرق الأوسط تضم السعودية”، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
ويؤكد مسؤولون إسرائيليون في تصريحاتهم أنهم على استعداد لتعزيز العلاقات مع دول المنطقة وتوسيعها في مجالات أمنية وسياسية واقتصادية مختلفة.
ويقول محللون تحدثوا لموقع “الحرة” إن فرص التقارب بين إسرائيل ودول المنطقة، موجودة وأصبحت أقوى من أي وقت مضى، مشيرين إلى ئأن هناك علاقات اقتصادية قائمة بين إسرائيل والعديد من الدول على أرض الواقع، وأنها قد تتوسع لتشمل دولا عربية أخرى.
“مدخل للسلام”
يقول مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، إن البعض يظن “أن التحالف الإقليمي” المطلوب بين دول المنطقة يجب أن يهدف إلى “احتواء الخطر الإيراني” فحسب، ولكن الهدف الأهم هو تحقيق “التقارب الاقتصادي بين إسرائيل ودول المنطقة”.
ويوضح في رد على استفسارات موقع “الحرة” أنه لا يجب “تناسي البعد الاقتصادي” في معادلة التعاون بين دول المنطقة، وما يعزز هذا الأمر “وجود أرضية فكرية وسياسية” مشتركة مع العديد من الدول التي عملت على الارتقاء “بمستوى معيشة شعوبها”، ولم تستثمر في “دعم الحروب وإشعال الفتن”.
ويؤكد مصري وهو عضو اللجنة المركزية لحزب العمل أن “الاقتصاد قد يصبح مدخلا لتعزيز السلام في الشرق الأوسط”، خاصة وأن “التعاون يخلق تشابكا في المصالح ومصادر الدخل”.
المحلل السياسي، عامر سبايلة يرجح أن تشهد المنطقة “نوعا من التقارب الاقتصادي خاصة في مجالات النقل وسكك الحديد والطاقة”، خاصة في ظل ما يشهده العالم من أزمات خلال الوقت الحالي.
وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن “إسرائيل أصبحت لديها علاقات سياسية واقتصادية مع مصر والأردن، وتوسعت مؤخرا لتشمل بعض الدول الخليجية.
وتظهر أرقام دائرة الإحصاءات الإسرائيلية، وجود ارتفاع في “التبادلات التجارية بين إسرائيل ودول المنطقة التي تربطها بها علاقات دبلوماسية”، وفق المحلل الاقتصادي، عامر الشوبكي، الذي يقول لموقع “الحرة” إن “التبادل التجاري بين إسرائيل والأردن نما في شهر مايو الماضي بنسبة 55 في المئة، فيما زادت التبادلات مع الإمارات بنسبة 130 في المئة في الشهر ذاته”.
ويرى الشوبكي أن “التقارب الاقتصادي قد يكون مدخلا للسلام، ولكن هناك عوامل أساسية لا يمكن تجاهلها لتحقيق السلام الحقيقي، بحل مشكلة القضية الفلسطينية، وهو ما سيرسخ الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط”.
“ممرات التكامل الاقتصادي”
وتروج الخطة التي قدمتها وزارة المالية الإسرائية، بحسب جوريزالم بوست لما تطلق عليها “ممرات التكامل الاقتصادي”، وهي عبارة عن شبكة نقل إقليمية تضم السكك الحديدية والطرق السريعة لربط إسرائيل والأردن ودول الخليج عبر السعودية، لتسهيل التجارة بين “الخليج والبحر الأبيض المتوسط”، ما يعني تعزيز التجارة على المستويين “الإقليمي والدولي”.
وتكشف الخطة أن بعض أجزاء “شبكة النقل هي بالفعل في مراحل التطوير في إسرائيل، حيث تمتد خطة سكة حديد من ميناء حيفا إلى بيت شيعان، وتبعد نحو 10 كيلومترات فقط عن الحدود مع الأردن”.
وأشارت إلى أن السعودية تمتلك “سكة حديد تربط الشمال والجنوب وشرق ووسط البلاد، وصولا إلى الحدود مع الأردن”، وفي “الخليج هناك سكة حديد قيد التطوير لربط السعودية والإمارات والبحرين”.
ويقول تقرير الصحيفة إن “الحلقة المفقودة” لشبكة النقل هي تلك المسافة بين “الحدود السعودية الأردنية والمعبر بين إسرائيل والأردن” والتي تمثل حوالي “200 كيلو متر فقط”.
وتعول إسرائيل على شبكة النقل هذه “لتسهيل التجارة بين الخليج وأوروبا وشمال إفريقيا، والساحل الشرقي للأميركتين”.
ثلاثة تحديات
ويواجه مشروع “منطقة التجارة المشتركة في الشرق الأوسط” بين إسرائيل والدول العربية، تحديات منها أن بعض الدول مثل “العراق ولبنان” لن تدخل في علاقات اقتصادية مباشرة مع إسرئيل، وفقا لما أدلت به أستاذة الاقتصاد في الجامعة الأميركية، علياء المهدي، لموقع “الحرة”.
ويتخوف المحلل سبايلة من أن “التحديات الأمنية” قد تشكل عائقا أمام المشاريع الاقتصادية الإقليمية، خاصة في ظل إمكانية استهداف مثل هذه المشاريع الحيوية بطرق “غير تقليدية” مثل ما رأينا استهداف منشآت حيوية في السعودية والإمارات خلال الفترة الماضية.
ويحدد مئير مصري وجود ثلاثة تحديات أمام توسيع “التعاون الاقتصادي” في المنطقة، تتركز بـ “الأمن، والاستقرار السياسي، وتجاوب الرأي العام” في الدول المتحالفة.
ويشرح أن “الأمن يتطلب تعاونا عسكريا وترتيبات يتم التحضير لها الآن، والاستقرار السياسي مرتبط إلى حد كبير بالإصلاح السياسي وبمحاربة الفساد، ودول الخليج قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، وتجاوب الرأي العام عنصر هام لأننا نتحدث هنا عن نموذج جديد من السلام العربي الإسرائيلي يرتكن إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني، وهذا يعني ضرورة إشراك المجتمع الفلسطيني لإعطاء دفعة قوية لمسار السلام الإبراهيمي”.
ودعا مصري “القيادة الفلسطينية إلى إدراك أهمية الاستفادة بشكل كبير من التطورات الإقليمية الحالية”.
وتعهد الرئيس الأميركي، بايدن بعد وصوله إلى إسرائيل الأربعاء بإعطاء دفع لعملية “اندماج” إسرائيل في الشرق الأوسط، بعد أن طبعت خلال السنتين الأخيرتين علاقاتها مع أربع دول عربية هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
ومع زيارة بايدن الذي سيستقل أول رحلة جوية مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، ازدادت التكهنات بحصول تقارب بين إسرائيل والمملكة.
واشترطت السعودية حل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين قبل الدخول في مفاوضات تتعلق باتفاقات سلام، لكنها لم تمانع دخول الدول الأخرى في علاقات مع إسرائيل.
وقعت إسرائيل في العام 2020، بوساطة أميركية، اتفاقيات سلام مع الإمارات والبحرين والمغرب، وفي مطلع 2021 وافقت السودان على تطبيع العلاقات لكن من دون توقيع اتفاق، وجاء ذلك بعد عقود على توقيع إسرائيل اتفاقات سلام مع مصر في العام 1979 ومع الأردن في العام 1994.
المصدر: الحرة. نت