أميركا تسلط اهتمام الأمم المتحدة على الاحتجاجات وستبحث عن سبل لتعزيز تحقيقات مستقلة في الانتهاكات. خرجت تظاهرات جديدة في إيران الجمعة احتجاجات على مقتل مشاركين في الحركة الاحتجاجية التي أشعلتها وفاة مهسا أميني، وفق منظمات غير حكومية ومقاطع فيديو تحققت منها وكالة الصحافة الفرنسية.
منذ وفاة أميني عن عمر 22 عاماً، لم تخفُت الحركة الاحتجاجية التي تقودها نساء على وجه الخصوص. وتوفيت أميني في 16 سبتمبر (أيلول) بعد ثلاثة أيام على اعتقالها من قبل “شرطة الأخلاق” التي اتهمتها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة في البلاد، والتي تفرض على النساء ارتداء الحجاب.
وإضافة إلى شعار “نساء، حياة، حرية” أُطلقت هتافات خلال التظاهرات التي قُمعت بقوة، موجَّهة بشكل علني ضد حكومة “الجمهورية الإسلامية” التي تأسست في العام 1979.
وتتأجج الحركة الاحتجاجية بالغضب بسبب عدد الأشخاص الذين قُتلوا على يد القوات الأمنية التي تكافح لإخمادها. فحصيلة القتلى في صفوف المتظاهرين احتجاجاً على وفاة أميني ارتفعت من 141 الثلاثاء إلى 160 الجمعة، إضافة إلى 93 قتيلاً في زاهدان، وفق منظمة “إيران هيومن رايتس” ومقرها أوسلو.
مخاوف من تصعيد القمع
وتخشى المنظمات غير الحكومية تسارُع حملة القمع، في ظل نهاية فترة الحداد التقليدية التي تستمر أربعين يوماً، على القتلى الأوائل في الحركة الاحتجاجية.
وتوجه آلاف الأشخاص الأربعاء إلى مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني في محافظة كردستان، للمشاركة في مناسبة مرور أربعين يوماً على وفاتها.
كذلك، اندلعت أحداث الخميس بالقرب من خرم آباد (غرب) حيث تجمع حشد من الأشخاص عند قبر نيكا شاهكرامي البالغة من العمر 16 عاماً، والتي توفيت قبل 40 يوماً، وفقاً لمقاطع فيديو تم التحقق منها.
وهتف المتظاهرون، وفق فيديو نشرته “وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان” (هرانا) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً، “سأقتل، سأقتل، كل من قتل أختي”.
كما وقعت أحداث أخرى الخميس بعد دفن المتظاهر إسماعيل مولودي الذي يبلغ 35 عاماً في مهاباد (غرب) حيث فتحت القوات الأمنية النار وقتلت ثلاثة أشخاص، وفق منظمة “هنكاو” المدافعة عن حقوق الإنسان.
وهتف المتظاهرون “الموت للديكتاتور”، قاصدين بذلك المرشد الأعلى علي خامنئي، في الوقت الذي اشتعلت النيران في مكاتب الحكومة في مهاباد، وفقاً لصور من مقطع فيديو تم التحقق منه، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقُتل متظاهران آخران في بانيه الواقعة أيضاً في الغرب، قرب الحدود مع العراق، وفق “هنكاو”.
وفي المجمل، قُتل ثمانية متظاهرين في أربع محافظات هي كردستان، أذربيجان الغربية، كرمنشاه ولوريستان منذ مساء الأربعاء إلى الخميس، حسبما أفادت منظمة العفو الدولية.
قتيل في زاهدان
إضافة إلى ذلك، تشهد مدينة زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان (جنوب شرق)، إحدى أفقر مناطق إيران، أعمال عنف بدأت في 30 سبتمبر باحتجاجات على خلفية تقارير حول اغتصاب عنصر أمن لفتاة، وخلفت 93 قتيلاً على الأقل وفق منظمة “إيران هيومن رايتس”.
وقالت “هرانا” و”إيران هيومن رايتس” إن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين في زاهدان الجمعة، ونشرتا مقطعي فيديو يظهران محتجين يفرون وسط إطلاق نار.
من جانبه، تحدث مجلس الأمن الاقليمي في سيستان بلوشستان عن “أعمال شغب” في زاهدان، مؤكداً مقتل شخص جراء إطلاق نار من “مجهولين” وإصابة 14 آخرين بينهم عناصر من قوات الأمن، وفق ما نقلت وكالة “إرنا”.
وفي وقت سابق الجمعة، أقالت السلطات الإيرانية اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين في زاهدان، أحدهما قائد شرطة المدينة، حسب ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
من جهة أخرى، يشير محللون إلى أن السلطات الإيرانية حاولت خنق الحركة الاحتجاجية بوسائل أخرى غير القمع العنيف، وذلك من أجل تجنب الغضب الشعبي.
وفي هذا الإطار، قال المتخصص بالشأن الإيراني في “معهد واشنطن” هنري روم لوكالة الصحافة الفرنسية “حتى الآن، يبدو أنهم يستخدمون أساليب أخرى – اعتقالات وترهيب، وقطع الإنترنت وقتل بعض المتظاهرين…”.
مع ذلك، أضاف “أشك في أن تكون القوات الأمنية قد استبعدت القيام بحملة قمع عنيفة على نطاق أوسع”. واعتبر أنهم “ربما حسِبوا أن المزيد من عمليات القتل سيشجع المتظاهرين بدلاً من ردعهم؛ إذا تغيرت هذه الحسابات، فمن المحتمل أن يصبح الوضع أكثر عنفاً”.
محاكمة المسؤولين
من جهته، دعا مدير “إيران هيومن رايتس” محمود العامري مقدم، الأمم المتحدة الجمعة إلى “زيادة الضغط الدبلوماسي على إيران ووضع آلية تحقيق لمحاكمة المسؤولين” عن القمع. وأضاف “هناك خطر حقيقي لحدوث مذبحة ويجب على الأمم المتحدة ضمان عدم حدوث ذلك”.
من جانبهم، واصل القادة الإيرانيون توجيه أصابع الاتهام إلى “أعداء” إيران.
واتهمت وزارة المخابرات والحرس الثوري في بيان مشترك الجمعة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وحلفائها بـ”التآمر” ضد إيران.
تحقيقات مستقلة
تسلط الولايات المتحدة الأضواء في الأمم المتحدة خلال الأسبوع المقبل على الاحتجاجات في إيران وستبحث عن سبل لتعزيز تحقيقات موثوق بها ومستقلة في الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان.
وقالت مذكرة إن الولايات المتحدة وألبانيا ستعقدان اجتماعاً غير رسمي لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء المقبل. ومن المقرر أن تقدم الإيرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام والممثلة والناشطة الإيرانية المولد نازانين بونيادي إفادات، بحسب وكالة “رويترز”.
وجاء في المذكرة أن “الاجتماع سيسلط الضوء على القمع المستمر للنساء والفتيات وأفراد الأقليات الدينية والعرقية في إيران… ويتلمس الفرص لتعزيز تحقيقات مستقلة وموثوق بها في انتهاكات وتجاوزات الحكومة الإيرانية لحقوق الإنسان”.
ومن المقرر أيضاً أن يلقي جاويد رحمن، محقق الأمم المتحدة المستقل المعني بحقوق الإنسان في إيران، كلمة في الاجتماع الذي تستطيع حضوره دول أعضاء أخرى في الأمم المتحدة وجماعات حقوقية.
وجاء في المذكرة حول الاجتماع المزمع أنه “سيؤكد استمرار الاستخدام غير القانوني للقوة ضد المحتجين وملاحقة النظام الإيراني للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين في الخارج لاختطافهم أو اغتيالهم في تعارض مع القانون الدولي”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قوات الأمن الإيرانية إلى الكف عن استخدام القوة غير اللازمة أو غير المتناسبة ضد المحتجين وناشد الجميع أن يتحلوا بضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.
ودعا غوتيريش إلى قيام “سلطة مختصة مستقلة” بإجراء تحقيق في وفاة أميني.
المصدر: اندبندنت عربية