ابتسام عازم
خلص تقرير صادر عن “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية” (أونكتاد) إلى أن القيود الاقتصادية التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كلفت الاقتصاد الفلسطيني 50 مليار دولار بين عامي 2000 و2020.
وشدد التقرير على أن “إنهاء الاحتلال للمنطقة (جيم) في الضفة الغربية والقدس الشرقية أمرٌ بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأنه سيمكن الشعب الفلسطيني من مضاعفة حجم اقتصاده”.
ويأتي التقرير ضمن سلسلة من التقارير التي تعدها الأونكتاد، ومقرها الرئيسي جنيف، حول التبعات الاقتصادية والتنموية للاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين وترفعها للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد حول التقرير إلى الجمعية العامة في أغسطس/آب الماضي.
ويحمل التقرير عنوان “التكاليف الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني: الخسائر الناجمة عن القيود الإضافية في المنطقة (جيم)، في الفترة بين عامي 2000-2020”.
ويقدر التقرير أن “تكلفة هذه القيود الإضافية هي نحو 2.5 مليار دولار سنوياً. وتعادل التكلفة التراكمية في الفترة بين عامي 2000 و2020، ثلاثة اضعاف الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية في عام 2020 وأكثر من 2.5 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني في العام نفسه”.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن ما يسمى بـ”المنطقة جيم” (بحسب اتفاقيات أوسلو) تشمل “حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية وتضم جميع المستوطنات الإسرائيلية والتي تخضع للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية”.
ويؤكد التقرير كذلك على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تشمل قرابة 70% من المنطقة جيم “ضمن حدود المجالس الإقليمية للمستوطنات، مما يجعل ذلك الجزء من المنطقة (جيم) محظوراً على التنمية الفلسطينية، على الرغم من أن المنطقة (جيم) تمثل الجزء الأكبر المترابط في الضفة الغربية، علاوة على أنها تضم أكثر الأرضي خصوبة وتحتوي على الموارد الطبيعية الأكثر قيمة”.
وأشار التقرير كذلك إلى أن إسرائيل لا تكتفي بسيطرتها على 70% من تلك الأراضي داخل المنطقة جيم بل إنها تقيد بشدة وصول الفلسطينيين إلى 30% المتبقية.
ويذكّر التقرير بعدم شرعية المستوطنات بحسب القانون الدولي ويشير إلى أنه ” وعلى الرغم من صدور العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تؤكد، بموجب القانون الدولي، على عدم شرعية المستوطنات والاستيلاء على الأراضي بالقوة، إلا أن (سلطات الاحتلال الإسرائيلي) مستمرة في توسيع المستوطنات وتنميتها”.
بل إن سلطات الاحتلال لا تكتفي بتوسيع تلك المستعمرات، بل تقوم “القوة القائمة بالاحتلال بتقدم حوافز سخية للمستوطنين ورجال الأعمال لتيسير المشاريع الصناعية والزراعية، والتي شجعت مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين على الانتقال إلى المستوطنات المدعومة، حيث مستويات المعيشة، في المتوسط، أعلى مما هي عليه في إسرائيل، وفقًا لمختلف المصادر”.
ويتوقف التقرير كذلك عند القيود الاقتصادية الإضافية التي يفرضها الاحتلال على الأنشطة الاقتصادية الفلسطينية في هذا الجزء من المنطقة جيم وفي مناطق أخرى من الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة والتي تشمل قيود حركة الأشخاص والبضائع.
ويعطي التقرير عدداً من الأمثلة على تلك القيود والتي تشمل “فرض حظر على استيراد تكنولوجيا ومدخلات إنتاج معينة ونظام تصاريح صارماً وضوابط بيروقراطية ونقاط تفتيش وبوابات وسواتر ترابية وحواجز وخنادق بالإضافة إلى الجدار”.
ويشير التقرير إلى أنه وبالإضافة إلى القيود المفروضة على المنطقتين “ألف” و”باء” فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرض قيوداً إضافية على المنطقة “جيم” من أجل تسهيل توسع المستوطنات.
ويستنتج التقرير إلى أن ذلك يخلق وضعاً تكون فيه “الأنشطة الاقتصادية في الـ30% المتبقية من المنطقة (جيم)، الواقعة خارج حدود مجالس المستوطنات، أقل بكثير مقارنة بالمنطقتين (ألف) و(باء)”.
ويقدر التقرير أن “تكلفة هذه القيود الإضافية هي نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية. بكلام آخر، إذا كان مستوى القيود المفروضة على التنمية الفلسطينية في 30% من المنطقة (جيم) المتاحة للتنمية الفلسطينية هو نفسه المطبق في المنطقتين (ألف) و(باء)، فإن حجم اقتصاد الضفة الغربية سيكون أكبر بكثير مما هو عليه الآن”.
ويتوقف التقرير عند الفوائد الاقتصادية التي تعود على دولة الاحتلال من المستوطنات في المنطقة (جيم) والقدس الشرقية مقابل التكلفة التي يتحملها الشعب الفلسطيني.
ويقدر التقرير “المساهمة السنوية لهذه المستوطنات في اقتصاد دولة الاحتلال بنحو 41 مليار دولار أو 227% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني في عام 2021”.
ويشدد التقرير في هذا السياق على أن “التكلفة المقدرة في التقرير تمثل جزءاً يسيراً من تكلفة الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة (جيم) والقدس الشرقية، والتي تشكل في حد ذاتها جزءاً صغيراً من التكلفة الاقتصادية الإجمالية التي يفرضها الاحتلال على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
كما يخلص التقرير إلى “ضرورة رفع جميع القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي الفلسطيني في المنطقة (جيم). حيث من شأن إنهاء هذه القيود أن يوفر للاقتصاد الفلسطيني قاعدة موارد اقتصادية وطبيعية هو في أمس الحاجة إليها لتطوير اقتصاده وعكس الاتجاه الحالي المتمثل في الأزمة المالية المتفاقمة وزيادة التدهور الاجتماعي والاقتصادي”.
ويؤكد التقرير على أنه وإلى حين إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين فإنه “يجب تعزيز دعم المانحين للشعب الفلسطيني لتجنب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في المستقبل”.
المصدر: العربي الجديد