سري القدوة
يحيي العالم اجمع والشعب الفلسطيني الذكرى الـ75 للنكبة، هذه الذكرى الأليمة للشعب الفلسطيني والأمة العربية ولجميع أحرار العالم والتي تعيد التذكير بالمأساة الفظيعة التي حلت بالشعب الفلسطيني جراء احتلال أرضه وتهجيره ظلماً وعدواناً وإرهاباً بارتكاب سلسلة من الجرائم والمجازر البشعة .
في مثل هذه الأيام من عام 1948 شهد العالم واحدة من أبشع وأفظع المآسي التي تتعرض لها الإنسانية، حيث تم تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني من قُراهم ومدنهم وتم تدمير 531 بلدة وقرية بالكامل، مع ارتكاب جرائم التطهير العرقي باقتراف العصابات الصهيونية لأكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال تلك الفترة، فيما بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم نحو 100 ألف شهيد جراء استمرار هذه النكبة وتتابع حلقاتها حتى يومنا الحاضر باستمرار الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 وما يرتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني عبر الاستيطان وسلب الأرض والموارد واقتلاع السكان وتهجيرهم وتدمير كافة مناحي حياة الشعب الفلسطيني في محاولة بائسة للنيل من عزيمته وإصراره على انتزاع حقوقه وحريته .
المجتمع الدولي يضطلع بمسؤولية كبيرة في ضرورة التصدي للتوجهات بالغة التطرف لحكومة اليمين الإسرائيلي والتي لا تضيع فرصة من أجل إشعال الموقف وتأجيج المشاعر ودفع الأمور إلى حافة الهاوية في الأراضي المحتلة وترفض حل الدولتين وتعمل على تقويضه عبر مشاريعها الاستيطانية واقتحامات المسجد الأقصى المبارك وفرض روايات الاحتلال ضمن النهج المتطرف، ويتعين على كافة القوى المحبة للسلام الوقوف صفاً واحداً لوضع حد لهذه النزعات المتطرفة والممارسات الخطيرة لحكومة الاحتلال .
الجرائم التي ارتكبت وما زالت لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن ويجب في هذا السياق تفعيل آليات العدالة الدولية في ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم وتقديمهم للمحاسبة، كما يجب على المجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته وفي مقدمتها مجلس الأمن تحمل كامل مسؤولياته في متابعة وتطبيق قراراته وأهمية إنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
ذكرى يوم النكبة الفلسطينية أقرت بالأمم المتحدة في انتصار سياسي ودبلوماسي فلسطيني وعربي وأن إحيائها في قاعة الجمعية العامة لأول مرة على مدار سبعة عقود ونصف يشكل اعترافاً من الأمم المتحدة بالنكبة والمأساة الفلسطينية التي حلت بالشعب الفلسطيني وإقراراً بالرواية الفلسطينية القائمة على الحق وان بداية تدويل القضية الفلسطينية يحمل رسائل مهمة وأن العالم اجمع مطالب بالعمل على حماية حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها وعلى رأسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين .
لقد مر 75 عاما على النكبة وما زالت المأساة الفلسطينية متواصلة وما زال شعبنا يتطلع للعودة إلى دياره وإلى مدنه وقراه، ليأخذ مكانته بين الأمم كباقي شعوب الأرض، ولا يزال الحل العادل للقضية الفلسطينية بعيداً، نتيجة إصرار إسرائيل على رفض الانصياع لقرارات الشرعية الدولية التي شكل بعضها أساسا وشرطا لقيامها ولاعتراف المجتمع الدولي بها، واستمرارها في سياساتها القائمة على فرض شرعية الأمر الواقع بديلا للشرعية الدولية، وتنصلها من مسؤولياتها التاريخية إزاء المأساة الفلسطينية وتنكرها للوجود الفلسطيني ورفضها الاعتراف بحق العودة والاستمرار في جرائمها العنصرية من خلال هدم المنازل وبناء المستوطنات والاستيلاء على الأراضي وتهويد القدس والسعي إلى تمرير مخططهم بفرض التقسيم الزماني والمكاني .
المصدر: الدستور