د. مخلص الصيادي
لا شك أن هناك موجة إلحاد بدأت تتصاعد، وهي لست بنت اليوم، أو بنت هذا الحدث وما سبقه، وإنما بدأت تظهر داخل مجتمعاتنا منذ سنوات ليست بالقليلة، وقد تكون ترافقت أو ولدت في موجة التوجه العام عندنا للالتحاق بالغرب وقيمه واهتماماته، وموجهاته.
وهذا التوجه بالهجوم القذر على أقدس ما يملكه المسلم وهو كتاب الله، يعكس مفهوم وفكرة ” الصدمة” التي يراد منها إحداث رد فعل نفسي ومادي عميق يأتي على جذور الإعتقاد، ويضرب بقوة في أساس الإجتماع “المجتمع”.
ما نراه حقيقي، وما هو تحت السطح أوسع وأخطر، يجب التوقف عنده، ومعرفة أسبابه، وأن لا نكتفي في النظر إليه باعتباره”فعلا من خارج”، وإنما المطلوب فهم وتحليل البيئة التي ولدت هذه الموجة والمستوى من الخلل والإنحراف.
وأضيف هنا منبها إلى أن الفيديوهات المنتشرة حرصت على إظهار رد الفعل “المسؤول، العاقل” لروسيا وللرئيس الروسي، في مقابل ردود الفعل المتهاونة والمستفزة للقادة الغربيين، الذين تستروا بستار “حرية الرأي”، وهو ستار مهترئ، ومصطنع يسقط مع أول تدقيق أو اختبار له.
ولمعرفتي بطريقة عمل “الدعاية الروسية”، فإني أخشى أن يكون القصد الروسي منها تجميل صورة بوتين والنظام الروسي الذي ظهرت بشاعته كنظام عدواني، وحليف لوى الاستبداد والقتل والطائفية في سوريا أولا، ومن ثم في أوكرانيا. وقبل هذا له في الشيشان.
ويبدو أن ظهور بوتين وبيده القرآن الكريم مبجلا، هو مشهد من مشاهد تلك الدعاية الروسية.
ولن أتحدث هنا عن تواضع رد فعل النظام العربي، فهو ضعيف ومتهاون إلى درجة تشي بدور هذا النظام في تفشي ظاهرة الإلحاد والتطاول على الدين ورموزه ومقدساته. وقد نرى مظاهر هذا الدور فيما تشهده العديد من فضائياتنا، ووسائل إعلامنا من تهجم على وتبخيس لكل انتاج أمتنا الحضاري منذ اشراق هذا الدين، ولكل رموز هذا الاشراق الروحية والفكرية والشخصيات الرموز الموحية. ويجري هذا كله متسترا بستار مشابه من حرية الرأي وحرية البحث، وحرية النقض.