أحمد مظهر سعدو
يعتقد البعض أن ماجرى مؤخرًا في دمشق/ حي ساروجة العريق، هو مجرد حادث لحريق عادي ليس إلا، نتيجة تماس كهربائي كما يدعي نظام القتل الأسدي، أو أنه نتاج طبيعي لموجة الحر الكبرى التي تضرب المنطقة برمتها بل والعالم. لكن لأهل دمشق والمطلعين على بواطن الأمور والقارئين للدلالات رأي آخر، ونظرة متفحصة ثانية، تمسك بالمسألة تمحيصًا وغوصًا وتربطها بجملة الحوادث المفتعلة التي سبق وجرت في دمشق قبل ذلك بسنوات، وخاصة الحريق الكبير في العصرونية، واقتراب هذا وذاك من مقام (السيدة رقية) الذي يتبع إيران، ومن ثم تمركز المليشيات الإيرانية المحتلة لسورية في تلك المنطقة، عبر سياسة التجانس، التي طالما تغنى بها المجرم الأكبر، والقاتل الفاشيستي بشار حافظ الأسد وزمرته، ممن خطفوا سورية منذ عقود وألغوا السياسة في االمجتمع السوري، وباعوا القرار السيادي السياسي السوري في الواقع السوري لصالح الإيرانيين تارة والروس تارة أخرى.
إن ماجرى في العصرونية، وحي سوق ساروجة الأخير والذي قضى على العشرات من المنازل والقصور التاريخية التي تعود للعهد العثماني، وحرق الإرث الثقافي والوثائقي، حيث ذهبت النيران بالملايين من هذه الوثاىق المهمة، التي تؤرخ لعهود إسلامية وعربية غابرة مضت، إنما يؤشر كل ذلك إلى جملة من الأمور لابد من ذكرها والتوقف عندها مليًا في محاولة للكشف عن المراد والمؤدى من كل مايحصل في دمشق (شام شريف) و(عاصمة الأمويين) وموئل العلم والثقافة والفكر والتراث.
-يريد المجرم من افتعاله هذه الحرائق الاشتغال على عملية تغيير ديمغرافي واضحة المعالم، تأتي بجنسيات متعددة تتبع إيران وفرسها لتضعهم مكان السوريين العرب الدمشقيين الغارقين في تمسكهم وانتمائهم للبلد والمنطقة العربية والحضارة العربية الإسلامية.
– لقد حاولت المليشيات الطائفية الإيرانية والباكستانية والأفغانية والعراقية واللبنانية، أن تغري أهل دمشق بشراء عقاراتهم ومنازلهم، ولم تستطع ذلك، فكانت هذه الحرائق لتجعل من المنازل ركامًا تباع بثمن مالي بخس، والشاري الإيراني مازال على قارعة الطريق ينتظر من يرتمي أمامه ليبيعه ماكان قد غلى ثمنه بالأمس وأصبح ركامًا ورمادًا اليوم، ليكون السعر أرخص بكثيىر.
_علاوة على ذلك فهناك من يرى أن القصد من حرق الوثائق المهمة والتاريخية التي تخص دمشق الفيحاء وبلاد الشام، هو بعينه محاولة حاقدة من الإيرانيين والأسديين لإنهاء ومحي عهود غابرة وضاربة بالتراث والتاريخ هم يتخالفون معها ويتناقضون، فكان لابد من حرقها وإلغائها ليعيدوا بأدواتهم بناء البلد على أسس وبناءات أخرى ومؤشرات متكاذبة وجديدة، لاتمت لتاريخ بلاد الشام بأية صلة .
وإذا كان (العالم المتحضر) مازال يتفرج على جريمة العصر، ويؤثر التعاون مع الطغيان الإيراني والاستبداد الأسدي ويصمت عن كل محاولات التطبيع مع المجرم الكيماوي والكبتاغوني فإن الوقت بات متاحًا لإنجاز مثل هذه الجرائم، وطمر الحقائق، وإفساح المجال، لتأريخ جديد وآخر يبدو أنهم يريدونه وهم ينجزون عيانيًا مايستطيعون على طريقه.
كما أن الهرولة التطبيعية العربية كنظام رسمي عربي نحو النازي بشار الأسدي تأتي في سياقات ومآلات لاغرو مرتبطة بتفاهمات عربية إيرانية ،كانت قد جرت منذ ١٠آذار/ مارس ٢٠٢٣ في بكين، مازلنا جميعًا نحصد نتائجها الكارثية على المنطقة العربية برمتها، ومنها بالضرورة الواقع السوري الأكثر ألمًا والأكثر صعوبة، والأشد وطأة، ضمن حالة الاستنقاع الواضحة المعالم للمسألة السورية ومآلاتها.
المصدر: إشراق