متابعات
واصلت إسرائيل تنفيذ ضربات جوية وشنت قصفاً عنيفاً على قطاع غزة، اليوم الأحد، بعد يوم من أدمى هجوم تشهده خلال عقود اجتاح خلاله مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عدداً من المستوطنات، وأسقطوا مئات القتلى وأسروا أكثر من 100 إسرائيلي، ما يهدد باندلاع حرب كبرى جديدة في الشرق الأوسط.
وفي مؤشر على أن الصراع قد يمتد خارج القطاع، تبادلت إسرائيل وجماعة “حزب الله” اللبنانية المدعومة من إيران نيران المدفعية والصواريخ، فيما قُتل سائحان إسرائيليان في الإسكندرية بمصر وكذلك مرشدهما المصري.
وخلال الليل واليوم الأحد، شنت إسرائيل ضربات جوية وقصفاً عنيفاً على أبراج سكنية وأنفاق ومسجد ومنازل لقادة في “حماس” في قطاع غزة، وهي هجمات أسفرت عن مقتل حوالى 424 شخصاً، بينهم عشرات الأطفال والنساء.
700 قتيل إسرائيلي
وأفادت “القناة 12” العبرية بأنّ عدد القتلى الإسرائيليين وصل إلى أكثر من 700، اعترف الجيش أنّ 57 منهم ينتمون لضباطه وعناصره.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل 40 شرطياً إسرائيلياً في الهجوم وإصابة 120 آخرين.
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى إصابة أكثر من ألفي شخص بينهم 200 في “حالة حرجة”.
وتحدثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن فقدان حوالى 300 إسرائيلي منذ اندلاع القتال.
وتوعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ”انتقام شديد لهذا اليوم الأسود”.
وأعلن الأمين العام لـ”حركة الجهاد الإسلامي” زياد النخالة أنّ الحركة تحتجز أكثر من 30 إسرائيلياً خطفواً في قطاع غزة.
وأشار إلى أن “الأسرى لن يعودوا إلا بتحرير أسرانا”، في إشارة إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
تجدّد الهجمات
وقال الجانبان إنّ مسلحي “حماس” لا يزالون “يخوضون اشتباكات ضارية” مع قوات الأمن الإسرائيلية في مناطق عدّة رغم مرور أكثر من 36 ساعة على بدء الحركة لهجومها المفاجئ فجر أمس السبت بإطلاق وابل من الصواريخ وباقتحام متزامن للأسيجة الأمنية الفاصلة واجتياح لقواعد عسكرية ومستوطنات بمشاركة مئات المسلحين على مستوطنات ومواقع في غلاف قطاع غزة.
ومساء اليوم، تجدد قصف مستوطنات غلاف غزة بالصواريخ والقذائف، وقالت “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إنّها استهدفت موقع ناحل عوز بدفعة صاروخية “إسنادا ودعما لمقاومين يشتبكون مع قوات الاحتلال داخل الموقع”.
وكان المتحدث باسم “حماس” عبد اللطيف القانوع قد أكّد، في وقت سابق، أنّ “المقاومة في القطاع تواصل ضرباتها وإطلاق رشقاتها المركزة وعملياتها النوعية خلف الخطوط في إطار معركة طوفان الأقصى دفاعاً عن شعبنا وانتصاراً لأقصانا”.
وأعلنت “حماس” استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب برشقة صاروخية، ومدينة عسقلان بـ 100 صاروخ، رداً على “الجرائم المتواصلة بحث المدنيين واستهداف البيوت الآمنة” في غزة.
وأفادت المعلومات بأنّ أحد الصواريخ أصاب المطار، كما سقط آخر على منزل في عسقلان، ما تسبب بحريق وعدد من الإصابات.
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية عن إطلاق نار في مدينة إيلات جنوبي إسرائيل على البحر الأحمر.
وتسلّل مقاتلون من غزّة إلى مستوطنة سديروت مجدّداً، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، وأشارت تقديرات المنظومة الأمنية إلى أنّ “المسلّحين استغلوا الظلام وقاموا بالتسلل إلى مناطق الغلاف”.
وقال موقع “0404” الإسرائيلي إنّ “اشتباكات عنيفة تدور الآن في سديروت”.
وأصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر لسكان المستوطنة “بإغلاق أبواب منازلهم والبقاء في أماكن آمنة”.
وأشار موقع “أخبار إسرائيل” إلى إطلاق صفارات إنذار في مستوطنة مجدال عوز، متحدثاً عن إمكانية تسلّل مقاتلين.
وقبل ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيليّة عن وجود شكوك بتسلّل مقاتلين فلسطينيين إلى مستوطنة زروعا قرب نتيفوت.
قصف إسرائيلي عنيف
من جهته، قصف الجيش الإسرائيلي غزة بعد جولة تفقدية قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في مستوطنات محاذية للقطاع.
وقال غالانت، خلال الجولة، إنّ “قواعد الحرب تغيرت، وغزة مشلولة كما لم يحدث من قبل”.
وأضاف أنَ “الرد في قطاع غزة سيظل في الأذهان طوال الخمسين عاما المقبلة”.
وتضاربت تصريحات الجيش الإسرائيلي، الذي يواجه أسئلة صعبة تتعلق بإخفاقه في منع الهجوم، إذ قال إنه استعاد السيطرة على أغلب النقاط التي تسلل إليها المسلحون وقتل المئات من الفلسطينيين وأسر العشرات، إلا أنّ هيئة البث الإسرائيلية (كان) نقلت عن مسؤولين في المؤسسة العسكرية قولهم إنّ الجيش “فقد السيطرة” على عدد من المستوطنات، وأنّ “مئات المسلحين الفلسطينيين لا يزالون يشتبكون معه داخل السياج الفاصل”.
وفي بيان رسمي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه نشر عشرات الآلاف من الجنود في المنطقة المحيطة بقطاع غزة، الذي يقطنه 2.3 مليون فلسطيني، وأنّه يعتزم إجلاء كل الإسرائيليين الذين يعيشون حول حدود القطاع.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي في إفادة للصحافيين: “سنهاجم حماس بكل قوة وستكون تلك جولة عمليات مطولة للغاية”.
وشكل هجوم “حماس” أكبر توغل في إسرائيل وأسقط أكبر عدد من القتلى والمصابين في يوم واحد منذ أن شنت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً في يوم الغفران في حرب عام 1973.
“جرائم حرب”
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إنَّ الهجمات على الإسرائيليين في غزة أمس السبت تعد “جرائم حرب”.
وأضاف للصحافيين في الأمم المتحدة، قبل اجتماع لمجلس الأمن الدولي في وقت لاحق اليوم، أن الوقت حان “لمحو” البنية التحتية العسكرية لـ”حماس”.
تعطيل لمساعي التطبيع
وقد يقوض الصراع الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لتشكيل تحالفات أمنية في المنطقة وتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل والتي يمكنها أن تهدد طموحات إيران الداعم الرئيسي للحركة.
ولم يستبعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يكون تعطيل المساعي لتطبيع بين السعودية وإسرائيل جزءاً من الأسباب التي دفعت “حماس” إلى شنّ هجومها، في حين حضّ نائب مستشار الأمن القومي الأميركي البلدين على الاستمرار في محادثاتهما، قائلاً إن ذلك “من مصلحة” السعودية وإسرائيل.
وخاض “حزب الله” وهو حليف آخر لطهران في المنطقة حرباً مع إسرائيل في 2006 ويتصاعد التوتر بين الجانبين بشكل متكرر منذ ذلك الوقت.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي: “نوصي حزب الله بعدم التدخل في ذلك ولا أعتقد أنه سيفعل”.
المصدر: ا ف ب، رويترز/النهار العربي