مصعب عيسى
طاحونة الزمن التي تقضم آلاف الارقام.. تهدم آلاف الاحلام. تمسح ذاكرة عاهدت الله أن تأبى النسيان.. طاحونة الدم المسفوك كل يوم ..كل ساعة ..كل دقيقة ..وكل ثانية دون تعب ..تطحن أرضا من غضب ..تسفك شعبا من لهب ..تحاول أن تمحي تاريخا كي يتمادى ساسة المال على عرش الحلم الذهبي لبني صهيون كي يرثوا الأرض وما عليها من جبل سنجار إلى وادي النيل ..هكذا جاءت حدودك ( يا اسرائيل) ..
١٥٠ يوما وأكثر من المذبحة ..والخبر العاجل يشطبنا جماعات وفرادى ..أطفالا ونساءا .. شيوخا وشبابا ..والأرض لا تهدأ تغلي وتمور تحت اقدام الغزاة ..وكأنها نار القيامة تسال هل من مزيد ..
١٥٠ يوما والزمن لا يتوقف..يمضي سريعا للعابرين من فوق الجراح ..المارين مرور الكرام فوق جراح الجسد والماء والطين وطور السنين
الزمن يمضي متثافلا رويدا رويدا للمتمترسين أمام شاشات الخبر العاجل يعتصرون الالم ذاك أن النفس البشرية في سموها تشعر بالالم القابع في ثنايا الآخرين …ولكن لا عمل يجدي سوى الهتاف ..لا أمل يرتقي لقمة المذبحة يحاول سحب رصاصة عالقة في جمجمة طفل لم يبلغ العاشرة..أو اجتثاث شظية من ساق عجوز بلغت من العمر عتيا ..عمرها اكبر من دولة المارقين على صحراء النقب ..لا أمل لنا نحن المتربعون على اعصابنا ..القابضين على هواتفنا كأننا هناك في احياءها وشوارعها وشعابها ..في القطاع الذي لا يتجاوز مساحته ٣٦٠كم مربع ..تطوقه المقاصل من كل صوب ..يحده الموت من كل حدب ..تدق في حسائش أمله اسفين الغدر والموت السريري كي لاينجو أحد …ولكن لا احد ..لا احد الاك يالله يراقب عن كثب ويعلم ما تخفي صدور الثكالى..وقلوب العذارى ..واهات العاشقين على شاطئ البحر ..لا احد الاك بالله يصوب ناظريه نحو الأزقة ..ويكشف ظلمة الخيمة وسراب الغيمة ..واكتظاظ الجثث في ممر ضيق نحو شارع الرشيد .او يدون ما تبقى من.تاريخ بين صلاح الدين وتل الزعتر ..ودم على اليرموك ..وسواد في جباليا ..وركام في بيت لاهيا ..ومجزرة في خانة الانبياء ..وعزاء في حي الرضوان ..وتساقط للسراب من جسد الطائرات على الشاطئ ..وغرقى يضافون لسجل الموت الجماعي راحوا يطاردون سلة غذاء من دولة مجاورة ..
ماذا لوكان محمد النبي الامي على قيد الحياة..ماذا لو كان أنبياء الله جميعا في عصرنا ..وال بيتهم والصحابة والتابعين لهم الى يوم الدين..ماذا لو كان قيس بن ساعدة في سقيفته ….ماذا لو كانت قريش في دار ابن الارقم تعقد حلفا طارئا …أو تتهيأ لتجارة ..تنادي ايلافها ..ماذا لو كانوا هنا …ترى ماهم فاعلون …!!!؟؟؟
ماذا لو أنزل الكتاب على الرسول في عصر الحداثة ومابعد المجزرة …فبأي الآيات سيبدأ ..سيقول بعد أعوذ بالله من الحاكم الرجيم ..واعوذ بالله من سلطان لعين …ستكون أول ايات الله ( وإنذر عشيرتك الأقربين )
١٥٠ يوما من المزاد العلني للدم الفلسطيني المستباح ..ولا كلام مباح من ساسة العرب القريبين والبعيدين..لا سلاح يرفع من إخوة يوسف في الضفة الأخرى للفرد وس ..
بين غزة والضفة مسافة لا تتجاوز .١٠٠..كم وساعة سفر أكثر أو أقل ..وفكرة ..ومعتقد ..ورسالة لسيد الوثن هبل ذاك القابع في مقاطعته غرب النهر شرق المذبحة ..يراود نفسه عن تنسيق أمني مقدس . يستجير بمشرك وكافر وقران فصله تفصيلا. لكي يغتال حجرا عابرا من حارة قديمة في مخيم يروي قصة نكبة ونكسة و..يراوح في سعيه بين واشنطن وتل أبيب..يطوف ومعه زنادقة المسخ حول وهم التسوية ..يرمي سبع رصاصات على أسيرا خرج لتوه من قبضة المحتل. يطوق شارعا بحثا عن فكرة ..يطلق كلاب حراسته في الساحات العامة منعا للثورة وامتداد المرحلة .. يقبض بكل ما أوتي من قوة على أفواه المؤمنين بدين الحرية …ومعتقد الخلاص ..
سحقا للمقامرين من إخوة يوسف كيف قتلوه ..واغرقوه ..واثقلوا قيده ..والقوه في جب البئر ..ثم ولوا وجوههم شطر الكعبة يتلون في بيت الله الحرام ما تيسر من سورة البقرة. وبضع ايات من سورة المنافقين..لا عتب لنا على الغرباء خلف البحر الساهرين .. المرابطين..الواقفين . الجالسين..النائمين ..المضربين. المقاطعين في شوارع الفرنجة …أو في الهند أو الصين . او في بلاد الروم وبلاد اللاتين …هؤلاء هم إخوة ليوسف وعشيرته البعيدين
أما القريبين.. في رام الله..وعمان ومكة وماحولها وضفاف النيل والبعيدين على سواحل المحيطين في الغرب والشرق ..هؤلاء هم الأقربين الذين لو كان محمدا في عهدنا لقال فيهم الأقربين اولى بالعتب عليهم . وأولى أن نرفع في وجههم ما تيسر من لعنة وحجرا.. ورصاص أو سكين. والسلام على غزة يوم تموت ويوم تحيا ويوم تبعث حجة للعالمين.. والسلام على فلسطين كلها من نهرها لبحرها إلى يوم الدين