متابعات
قالت صحيفة “واشنطن بوست”، إن الولايات المتحدة وحكومات في الشرق الأوسط أثارت مسألة معاملة السلطات الإسرائيلية للزعيم الفلسطيني المسجون، مروان البرغوثي.
وكانت عائلة البرغوثي، ومؤيدوه، قالوا إنه تعرض لسوء المعاملة الجسدية والنفسية منذ عام 2016، لكن ظروف اعتقاله اشتدت أكثر، بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية للصحيفة إنها أبلغت إسرائيل بوجوب “التحقيق بشكل شامل وشفاف في هذه الادعاءات وضمان المساءلة عن أي تجاوزات أو انتهاكات”.
وجاء في البيان، الذي أصدرته الوزارة ردا على أسئلة حول البرغوثي، أنه يجب احتجاز المعتقلين الفلسطينيين في “ظروف كريمة ووفقا للقانون الدولي”.
ومع تزايد الحديث عن المستقبل السياسي في الأراضي الفلسطينية بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، يبرز اسم مروان البرغوثي، بوصفه واحدا من القادة القلائل الذين يمكن أن يلعبوا دورا محوريا في الفترة المقبلة.
والبرغوثي شخصية سياسية فلسطينية بارزة، ارتبط اسمه الذي لم يغب عن المشهد الفلسطيني، رغم وجوده في السجن منذ عدة أعوام، بحركة فتح.
يقضي البرغوثي حاليا خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة في أحد السجون الإسرائيلية، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، والمجلس التشريعي الفلسطيني.
سيرته
البرغوثي من مواليد قرية كوبر في الضفة الغربية عام 1962. وكثيرا ما يصفه الفلسطينيون، وغيرهم، بأنه “مانديلا الفلسطيني”. ويُنظر إليه على أنه أحد أقوى المرشحين لخلافة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
هو واحد من سبعة أطفال ولدوا لعائلة فقيرة تعمل في الزراعة في قرية صغيرة في الضفة الغربية.
قاد البرغوثي وهو مراهق الحركات الطلابية لفتح، الحزب السياسي الذي أسسه ياسر عرفات والذي يرأسه الرئيس الفلسطيني الآن محمود عباس.
كان من المتوقع أن يترشح البرغوثي في الانتخابات الرئاسية في يوليو 2021، إذ شارك مع ناصر قدوة في قيادة قائمة “الحرية” قبل الانتخابات التشريعية في مايو 2021، لكن عباس ألغى كلا الانتخابات.
في الفترة التي سبقت الانتفاضة الأولى، كان البرغوثي لا يزال قائدًا طلابيًا في جامعة بير زيت وشارك في الاحتجاجات الشعبية.
قامت إسرائيل بترحيله إلى الأردن في مايو 1987 ولم يُسمح له بالعودة إلى الضفة الغربية إلا في عام 1993 كجزء من اتفاقيات أوسلو.
وفي العام التالي، 1994، أصبح أمينًا عامًا لحركة فتح في الضفة الغربية.
وخلال الانتفاضة الثانية، اتهمته إسرائيل بتوجيه هجمات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية، وتأسيس ما يعرف بـ “كتائب شهداء الأقصى” في ذلك الوقت.
اعتقلته إسرائيل وحكمت عليه محكمة عسكرية إسرائيلية في عام 2002 بخمسة أحكام متتالية بالسجن مدى الحياة بتهمة تنظيم هجمات ضد إسرائيليين.
ينشط البرغوثي منذ سجنه في “الحركة الأسيرة”، وينشر مقالات مختلفة من داخل السجن للتواصل مع العالم الخارجي.
وهو في السجن، ساعد في صياغة وثيقة الوفاق الوطني للأسرى لعام 2006 – والتي شارك في التوقيع عليها مع عبد الخالق النتشة (حماس)، بسام سعدي (الجهاد الإسلامي في فلسطين)، عبد الرحيم ملوح (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، ومصطفى بدارنة (الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين).
وفي عام 2017، قاد إضرابًا واسع النطاق عن الطعام للمطالبة بتحسين ظروف السجناء.
نظرة الغرب إليه
يصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه “إرهابي” ويتهمونه بأنه أمر بتنفيذ تفجيرات انتحارية ضد أهداف مدنية، لكن البرغوثي، أكد في المحكمة إنه لا علاقة له بأي من الهجمات التي يُتهم بتدبيرها.
في المقابل، يصفه تقرير لصحيفة “الغارديان” بأنه “الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية على قيد الحياة”.
وفي تقرير، نشرته الصحيفة البريطانية في فبراير الماضي، قالت إن إطلاق سراح مروان البرغوثي يمكن أن يغير السياسة في الأراضي الفلسطينية.
ولفتت إلى أن كل استطلاعات الرأي تقريبا منذ سجنه قبل عقدين من الزمن تشير إلى أن البرغوثي هو المرشح الرئاسي المفضل للشعب الفلسطيني، إذا كان قادرا على إجراء انتخابات حرة.
وأظهر استطلاع للرأي أجري في ديسمبر أنه يتقدم بـ40 نقطة على عباس الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، لكنه يتفوق أيضا على مرشحي حماس، بما في ذلك زعيمها، إسماعيل هنية.
وبحسب “الغارديان”، في ظل الانقسام العميق بين الفصائل الفلسطينية، يعمل البرغوثي على أرضية وسط ــ يحترمها القوميون العلمانيون، وكذلك الإسلاميون، الذين أقام معهم علاقات وثيقة في السجن.
وحتى حماس، التي تحتقر الدوائر الصديقة للغرب “التي ينتمي إليها”، وفق وصف الصحيفة، دعت إلى إطلاق سراحه كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار المقترح في غزة.
لم تذكر وزارة الخارجية الأميركية اسم البرغوثي علنا في تصريحاتها العامة، لكن مسؤولين أميركيين قالوا للصحيفة الأميركية، إنهم على علم بالشكاوى المتعلقة بالانتهاكات.
ونفى مسؤول دبلوماسي إسرائيلي، تحدث لـ”واشنطن بوست”، دون الكشف عن هويته، أي علم له بسوء معاملة البرغوثي، وقال “لدينا قوانين في بلدنا؛ مثل هذا السلوك غير مسموح به ولن يتم التغاضي عنه إذا ثبتت صحته بالفعل”.
وقال مسؤولان شرق أوسطيان، يمثلان حكومتين مختلفتين، في حديث للصحيفة، إنهما تلقيا تقارير حول تدهور وضع بعض السجناء الفلسطينيين، بمن فيهم البرغوثي، في الوقت نفسه الذي تلقوا فيه تقارير حول “المعاملة القاسية” للرهائن الإسرائيليين في أسر حماس.
وقال السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي من ولاية ماريلاند)، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تحذر إسرائيل على وجه التحديد بشأن معاملتها للبرغوثي.
وقال في اتصال مع الصحيفة “على إدارة بايدن أن توضح بشكل واضح لحكومة نتانياهو أنه إذا تعرض البرغوثي للأذى أو قُتل في السجن، فسوف يصب الغاز على نار مشتعلة”.. وتابع “ربما يكون البرغوثي هو الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية، وهذا ينطبق على الضفة الغربية وغزة”.
وفي مقابلة مع “واشنطن بوست”، قال نجل البرغوثي، العربي، المقيم في الضفة الغربية، إنه بعد هجوم 7 أكتوبر، تعرض والده لاعتداء جسدي، وتم وضعه في الحبس الانفرادي، في ظلام دامس لمدة 12 يوما، وتم إطلاق النشيد الوطني الإسرائيلي في زنزانته “بصوت مرتفع جدا، من حوالي الساعة الخامسة صباحا حتى منتصف الليل، لعدة أيام”.
وقال المحامي الذي التقى البرغوثي هذا الأسبوع في تقرير مكتوب لعائلة البرغوثي إنه رأى كدمات فوق عينه اليمنى وأن البرغوثي أظهر له كدمات في ظهره وقدمه اليمنى.
وكتب المحامي أن البرغوثي أخبره أنه في 6 مارس، “تعرضت للضرب لفترة طويلة في جميع أنحاء جسدي، خاصة على الوجه والظهر والساقين، أدت شدة الضرب إلى سقوطي على الأرض، وحينها استمروا في ضربي حتى فقدت الوعي”.
واطلعت الصحيفة على نسخة من التقرير. ورفض محامو البرغوثي التعليق.
وقال متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية إن الخدمة “منظمة تلتزم بالقانون، ليس لدينا علم بهذه الادعاءات”.
مكانته لدى الفلسطينيين
تقول شبكة “سي. بي سي” الكندية، إنه بعد أكثر من عقدين من الزمن في السجون الإسرائيلية، يظل البرغوثي الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية على الإطلاق، حيث يتصدر استطلاعات الرأي باستمرار متفوقاً على زعيم حماس السياسي إسماعيل هنية والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
يعتبره الفلسطينيون سجينا سياسيا، وكثير منهم يترقبون إمكانية خروجه من السجن والمساهمة في إعادة بعث اللحمة بين الفرقاء في الساحة الفلسطينية.
يعد تأمين إطلاق سراح البرغوثي قضية شعبية بين الفلسطينيين الذين يعتبرونه خليفة محتمل لعباس.
وكان البرغوثي على رأس قائمة السجناء الذين تريد حماس من إسرائيل أن تفرج عنهم، مقابل إطلاقها سراح رهائن إسرائيليين محتجزين لديها، وفقا لمسؤولين من الشرق الأوسط، تحدثوا للصحيفة الأميركية.
المصدر: الحرة نت
l2z2x5