مصعب عيسى
خمسة وسبعون عاما.. والدم لم يتوقف.. والارض أنهكها الحريق والجسد مثقل بالجراح وشظايا تكسر مرايا الامل الموعود في العودة وحق تقرير المصير.. نكبة ونكسات افرزت لاجئين ومخيمات لتعرف ان أقربنا الى فلسطين اكثرنا قبضا على جمر الثورة وحفظ وصايا البرتقال.. وعهد الارض الإلهي.. (. لا تصالح)
خمسة وسبعون عاما اتعبنا الحنين.. واللجوء يأكل ماء وجهنا رويداً رويدا..اينما ولَّينا وجوهتا ثمة غصة في الروح تبتلع ذاتنا وتزيدنا قوقعة وسجنا واغتراب..كل ذلك لم يكسر جذر الاصرار المتشبث في الاستقلال ذاك الجذر الزهرة التي لا يراها الا من امن بالحق والتحرير ..لكن القهر الاعظم ليس في الاحتلال بحد ذاته فهو ماض الى زوال طال بقاؤه ام قصر لان لنا الجذر الاعمق في تلك الارض وسينمو ليصبح شجر وبيارة …
ما يكسر الفؤاد في كل تلك السيناريوهات المفتوحة للاه والالم..هو ما يسمى القانون الدولي وهنا لن اتحدث بلغة القضاة والمختصين لأني لست محاميا او قاض او وكيل نيابة عامة ولكن بنبرة الفلسطيني المغلوب على أمره . ولكن أكثر القضاة لا يعلمون.
كلما ذكروا امامي على شاشة التلفزة بنودا او مواثيق ولجان عمل وورشات لتقديم المذنب المحتل الى القضاء ووجوب مثوله امام القانون الدولي..او خبر عاجل مفاده ان الدولة الفلانية والرئيس الفلاني والحكومة العلانية ستتخذ اجراءات عقابية وفقا لمعايير القانون الدولي هذا ..طار صوابي…
ذاك القانون الذي خلق اصلا لحماية المحتل لحماية المجرم وليس لحماية الضحية فقوانينهم لا تحمي المستضعفين..
ذات مرة منذ اكثر من عشرين عاما شاهدت فيلما لعادل امام بعنوان قانون ساكسونيا فبحثت وقرأت عن ذاك ال الذي كان سائدا في ألمانيا في العصور الوسطى وحصرا في ولاية ساكسونيا شرق ألمانيا والذي كان متبعا في تلك العصور مفاده ان هناك طبقتين من الشعب احدها طبقة حاكمة مالكة او ما تسمى طبقة النبلاء والطبقة الثانية هي الطبقة المحكومة المحرومة او طبقة العبيد والفقراء وما ان تحصل مخالفة او جريمة في الولاية فان القانون يطبق على كلا الطبقتين الحاكمة والمحكومة على حد سواء ولكن بطريقتين مختلفتين ومنفصلتين عن الاخلاق وأرض الواقع .
فحين يجرم الفقير حتى يؤتى به امام الجمع الغفير في الساحة وينفذ فيه الحكم بجلده على مرأى ومسمع الجميع.
وما ان يجرم الغني ابن الطبقة النبيلة حتى يؤتى به الى نفس الساحة ويقف منتظرا تنفيذ الحكم.. فيقوم الجلاد بجلد ظله حتى الموت !!!!!
هذا باختصار هو القانون الذي يبدو انه يتم احياؤه من جديد واعادة تدويره على العالم بأسره بدءا من ألمانيا بلد المنشأ التي حددت لطالبي اللجوء والزمتهم بوجوب الاعتراف بدولة الاحتلال مقابل الحصول على شهادة الجنسية الالمانية هذا في ألمانيا ..فيتساءل البسيط من الشعب ما الذي يجمع اسرائيل والمانيا ..ذاك مشهد تاريخي قديم لا يزال يتم عرضه حتى اللحظة …
اما على الصعيد الدولي فقد غدا هذا القانون نصا مقدسا تلتزم به الحكومات العالمية بغاليتها من خلال تجريم رافع العلم الفلسطيني او المتضامن مع الضحية الواقعة منذ قرابة قرن تحت نار المذبحة.. راح صاحب الحق يجرم على مرأى ومسمع العالم وبموافقة عربية واسلامية ومسيحية ويهودية و(إنسانية) فيتم مخاطبة اسرائيل ( النبيلة) بخطاب لين هين خال من التهديد والوعيد فقط لحفظ ماء الوجه امام طبقة الفقراء والمستضعفين في تلك البلاد خوفاً من الضباب الذي يبدو انه يتكاثف اكثر فأكثر …
او من خلال حق الفيتو ضد كاس ماء لطفل لم يبلغ الاربعين من يومه او اطباق الحصار العالمي والوعيد والتهديد لكل من يحاول ان يفكر في كسر جدار الموت المطبق على الارض الواقعة بين درب الام المسيح شرقا .. وبين طور سيناء غربا..وكأن القانون بكل مؤسساته وقراراته ينفذ او يسمح بتنفيذ اقصى انواع الإبادة الجماعية ضد شعب لم يعد لديه منفذ للجوء الا ان يبيع روحه طمعا في هجرة أبدية نحو السماء ..حيث لا قانون الا الله …
وفي المقابل يؤتى بالاحتلال امام المحكمة الدولية ليتم تنفيذ الحكم بظلها المتشعب في كل بقاع الارض من مشرقها الى مغربها وكلما اعدموا ظلا تولدت ظلال في الكوكب تحمل اسفار التلمود لتعيث في الأرض خراباً خدمة لشعب الله المختار ..حتى في العهد القديم كان قانون ساكسونيا ظاهرا للعيان بين شعب وظف الاله وكيلا عقاريا يمنحه ما يشاء من اراضي الغوييم كما يتم وصفهم في الأسفار لكل من لا ينتمي لنسلهم فهم اميين وحيوانات بشرية وحشرات وبغايا نجسة هذا القانون التلمودي راح يسود الارض ويستحوذها ويحتلها ويحل سرطانه عليها ..فيجلد الفلسطيني ظلما …ويكافئ الصهيوني المحتل قضاءا ..حربا كونية بين قضاة وولاة ساكسونيا وبين الفلسطيني ومن ولايه الى ان يرث الله الارض وما عليها ..وانا لفلسطين وانا اليها راجعون ..