معقل زهور عدي
لا يعني ذلك بالطبع شحذ السيوف لمعاقبة من يخرج عن الإجماع الوطني، لكن من الضرورة بمكان أن يعلم من يخرج عن ذلك الإجماع أنه أصبح منبوذا ليس بحكم القانون ولكن بحكم أن رأيه لا يمكن قبوله واعتباره صالحا للنقاش الديمقراطي.
صحيح أن عدم وجود مدونة للعمل الوطني في سورية يفسح المجال لتحليق البعض خارج السرب لأسباب متعددة ليس المجال هنا للتفصيل فيها، لكن ذلك لا ينفي وجود إجماع مضمر لدى الغالبية من الشعب السوري.
فاعتبار اسرائيل عدوا يحتل جزءا من الأرض السورية ويحمل أهدافا توسعية عدوانية تطال أجزاء عربية أخرى ويضطهد الشعب الفلسطيني الشقيق ويرتكب ضده المجازر ويسعى لسلبه ما تبقى من الأرض أمر مسلم به من قبل الغالبية الساحقة من الشعب السوري.
لذا فاعتباره ليس عدوا بل جار ينبغي التطلع لبناء علاقة حسن الجوار معه هو خروج على الإجماع بمثابة خيانة وطنية وليس وجهة نظر قابلة للمناقشة.
بالمثل فإن من يعلي الصوت نهارا بأن ” سورية أولا ” ثم يدعو للتطبيع مع القوى الانفصالية , ويمد إليها الجسور ليلا لا يمكن قبول رأيه بصفته قابلا للنقاش بل خيانة لوحدة التراب السوري حتى لو أقسم أنه لا ينتمي سوى للهوية الوطنية السورية .
مثل هذين الموقفين خط أحمر لا مهادنة فيه ولا تسامح باللقاء معه حول أي مشروع وطني.
فالساحة الوطنية السورية ليست أرضا خلاء بدون حدود وأسوار. وهي ليست مفتوحة لمن يعتبر العدو صديقا، ولا من هو مستعد لبيع جزء من سورية أو التخلي عنه تحت أية ذريعة.
والمسؤولية في تشجيع مثل تلك المواقف غير الوطنية على الظهور، تقع على عاتق النخب السورية التي لم تتفق حتى الآن على مدونة للعمل الوطني.
لا أحد يشك في عمق الشعور الوطني لدى السوريين، وفي أن مثل تلك الدعوات ليست سوى فقاعات خارجة من المستنقع الذي آلت إليه سورية، وأن أول حركة للتيار الوطني كفيلة بكنسها وتفريغها من أي دلالة أو أثر، مع ذلك فإن الحالة التي تعيشها سورية، وانقسام النخب، وما تتيحه وسائل التواصل الاجتماعي من وصول الأدعياء وأصحاب الأهواء للناس بسهولة، تقتضي مواجهة الخروج على الإجماع الوطني السوري، وفضحه، وتسميته باسمه باعتبار الخيانة ليست وجهة نظر.