فاطمة ياسين
اتخذ بشار الأسد منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي٬ وبداية الحرب في غزة٬ موقفاً صامتاً من التصعيد الإسرائيلي في المنطقة٬ ورغم فداحة الأحداث التي طالت قبل أيام قيادات رفيعة وعدداً ضخماً من الكوادر التابعة لحليفه في الضاحية الجنوبية بلبنان٬ لم يتحمس رئيس النظام للخروج والتنديد بما حدث أو حتى التعليق عليه.
يتخلّى بشار عن أقرب حلفائه في اللحظات المفصلية رغم علاقة النظام السوري العتيقة بـ”حزب الله”٬ إذ لعبت سوريا دوراً في تأسيس الحزب، عام ٬1982 ونسّق النظام السوري مع إيران برعاية نشأة وتطور الحزب٬ إذ أسهم وجود القوات السورية خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية في خلق بيئة مناسبة لنمو الحزب الذي نظم صفوفه ورتب هياكله.
وقد ألزم اتفاق الطائف الذي رعته سوريا والسعودية جميع الميليشيات المتقاتلة في لبنان على التخلي عن سلاحها، بعد استثناء سلاح “حزب الله” من هذا القرار.
اعترف زعيم الحزب حسن نصر الله بدور سوريا في تحرير جنوبي لبنان، عام 2000، حيث كانت قوات الجيش السوري في لبنان، ويمكن القول إنّ دور سوريا حينذاك كان مزيجاً من الدعم العسكري والسياسي للحزب بالإضافة إلى اعتبارات استراتيجية أراد منها النظام السوري تحسين موقعه الإقليمي.
وسهّل انسحاب إسرائيل من جنوبي لبنان٬ وصول الوريث بشار بعد شهرين فقط إلى كرسي الحكم في سوريا تحت عناوين مقارعة العدو الصهيوني٬ حيث سار “الأسد الابن” في طريق والده بدعم “حزب الله”٬ مؤكداً أن المقاومة التي أدت إلى انسحاب إسرائيل ستحتفظ بسلاحها في لبنان.
رأى النظام السوري أن هذا الانسحاب يسجّل كنجاح لها٬ وفضّل استمرار “حزب الله” كقوة في لبنان لضمان عدم تفوق أي قوة أخرى، وأغرقت المنطقة بالتحديات التي تدور كلها حول شعارات المقاومة.
أسهمت حرب تموز ضد إسرائيل٬ بعد عام واحد من الانسحاب السوري، في نقل التحكم بشكل كامل إلى ملعب حلفاء سوريا وإيران٬ إذ كرّر “نصر الله” شكر القيادة السورية التي شكلت طريق إمداد وفّرت له الأسلحة والذخيرة..
وأسهم كل هذا في توسعة نفوذ “حزب الله” في الساحة الداخلية اللبنانية.. اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، عام 2005، واتهام النظام السوري بالمشاركة في هذه العملية وفي عمليات اغتيال لاحقة طالت عدداً من السياسيين والإعلاميين اللبنانيين٬ لم يغير من الأمر كثيراً، فاستمر النفوذ السوري في لبنان عن طريق العلاقة القوية التي ربطته بالحزب وربطت الحزب فيه.
وأسهمت حرب تموز ضد إسرائيل٬ بعد عام واحد من الانسحاب السوري، في نقل التحكم بشكل كامل إلى ملعب حلفاء سوريا وإيران٬ حيث كرّر “نصر الله” شكر القيادة السورية التي شكلت طريق إمداد وفّرت له الأسلحة والذخيرة٬ بما عزّز من قدرته، وحاول النظام السوري استخدام “حزب الله” كأداة للتأثير الإقليمي، ليزيد من وزنه في المعادلات السياسية بالشرق الأوسط، كما سعى إلى فرض نفسه كعنصر رئيسي في الحوار حول مستقبل لبنان.
وبينما عمل الإعلام العربي عموماً، بقصد أو بغير قصد٬ على إعطاء رسالة قوية عن قدرة المقاومة في ردع الإسرائيليين٬ كان بشار الأسد يشتغل لاستعادة كامل سيطرته على لبنان.
فُهمت مشاركة “حزب الله” على أساس طائفي بسبب الشعارات والرايات التي رفعها عناصره٬ وكانت المناطق التي بدأ فيها بزج قواته تشير إلى أن دخوله أتى من هذا الباب٬ فتداعت الصورة التي جاهد ليرسمها كحزب مقاوم وُجِد ليقف في وجه إسرائيل..
انهارت الصورة الناصعة للحزب بعد انتفاضة السوريين، في آذار2011، حيث وقف “حزب الله” إلى جانب النظام ضد الخارجين عليه٬ وفي عام 2013 أعلن الحزب بشكل رسمي عن مشاركته في القتال إلى جانب “القوات الحكومية” السورية، متخلياً عن جبهته المفترضة ومتجهاً شمالاً نحو البلدات والمدن السورية٬ فخاض معارك أودت بحياة الآلاف من السوريين٬ كان أشهرها في مدينة القصير بريف حمص.
فُهمت مشاركة “حزب الله” في القتال على أساس طائفي بسبب الشعارات والرايات التي رفعها عناصره٬ وكانت المناطق التي بدأ فيها بزج قواته تشير إلى أن دخوله أتى من هذا الباب٬ فتداعت الصورة التي جاهد ليرسمها كحزب مقاوم وُجِد ليقف في وجه إسرائيل٬ وواجه إثر ذلك انتقادات شعبية واسعة داخل المحيط العربي.
رغم “أياديه البيضاء” عليه لم يعد الحزب مؤخراً يتلقّى الدعم القديم من النظام السوري٬ أما حاضنة الحزب في لبنان فعليها اليوم أن تبحث عن بشار الحليف في هذه الظروف الحالكة التي أتت على معظم قيادات الحزب٬ ويحق لبيئة الحزب أن تسأل عن موقف ساكن قصر المهاجرين بدمشق مما حل بكوادر الحزب ومسؤوليه.
المصدر: موقع تلفزيون سورية