محمود الوهب
منذ أن أُعلن عن العملية العسكرية الجارية الآن في ريف حلب الغربي، وريف إدلب الشرقي، المسماة بـ: “ردع العدوان” التي قامت بها فصائل من “الجيش الوطني” بالإضافة إلى “هيئة تحرير الشام” في اليومين الفائتين الأربعاء، والخميس 27 و28 من تشرين الثاني/أكتوبر 2024 وحرّرت نحو أكثر من ثلاثين قرية من ريف حلب الغربي حتى الآن، وربما زادت، وأسئلة السوريين لا تتوقف ما هي القصة؟ وهل ثمة اتفاق بين الدول الكبرى المعنية بالشأن السوري؟ وتتالى الأسئلة من المهتمين بالشأن العام، والمتابعين له، ومن الناس العاديين، وعلى نحو خاص من المتأذين في الخيام والمشردين في أنحاء الكرة الأرضية من الذين أُكرهوا على ترك وطنهم الذي أُغرق بالدم والخراب.. وتترادف الأسئلة وتأتلف، ما الذي يحدث؟ وما هي الغايات؟ وهل سنعود إلى بيوتنا، وننعم بالأمن والسلام؟ وتجيء الأسئلة حذرة بعد أن قيل ما قيل في بعض الأشخاص التابعين لهذا الفصيل أو ذاك.
أعتقد بأنّ هاتين الآيتين “42 و43” من سورة طه في القرآن الكريم: “اذهَبَا إِلَىٰ فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَىٰ”، فَقُولَا لَهُ قَولاً لَّيِّنا لعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَىٰ..” تحلان عقدة التساؤل الحائر التي ارتسمت على ألسنة الأغلبية الساحقة من السوريين.
ما يجري الآن هو خطوة جادة لاستعادة سورية دولة موحدة لكل مواطنيها.. دولة تسير نحو التنمية والازدهار.. وسوف ينال كل من ارتكب جرائم بحقها جزاءه العادل.. وها هي ذي فصائل المقاومة، تقوم بفعلها الوطني، على قاعدة من لا يفهم بالعقل يفهم بغيره.
أنا أعرف تماماً أن فرعون أكبر بكثير من ذلك الذي جاء إلى القصر الجمهوري بعد أن صغَّر أبوه سورية والسوريين كافة، ليظهر فرعوناً، وهو الذي أتى بغفلة من سوء أفعال حزب البعث، بعد هزيمة شنيعة أمام العدو الإسرائيلي، هو وحزبه مسؤولان عنها.. وإذا كان الأب قد امتهن كرامة السوريين وصغَّرهم أمام آلة القمع التي امتلكها وأطلقها ضدَّهم! فالولد مكَّن للإيرانيين، وظلَّ يرفض أيَّ حلّ سياسي حتى بعد أن شكَّل ما يسمى بـ”خلية الأزمة” التي استمعت إلى عيِّنات من الشعب السوري في النصف الأول من العام 2012 عمَّا ارتكب من فظائع بحقهم، وأقرت اللجنة أن مطالبهم عادلة وصحيحة.. ولكن لا أحد يعرف ما جرى بعد ذلك! فقد كان الإيرانيون الأسبق من أي حلٍ، إذ عملوا على تفجير تلك الخلية، بمساعدة تاجر المخدرات ماهر الأسد، وهكذا قادا سوريا إلى ما آلت إليه..
في ذلك الوقت مرَّ الحلُّ الأمني الذي دمَّرها وشرَّد أهلها، وأخذ يتحدَّث عن التجانس، مضمراً الطائفية البغيضة.. وبعد سنوات أي في 30 أيلول/سبتمبر عام 2015 استعان بالروس فأجهز الروس على ما تبقى من المدن السورية وخاصة حلب.. وعلى الرغم من أن بوتين في إحدى زياراته، إلى قاعدة حميميم في سورية أمسك بيد بشار وقاده إلى قاعة اجتمع فيها عدد كبير من الضباط الروس أشار إليهم وهو يقول له: هؤلاء الذين حققوا النصر.. بمعنى أنت مدين لهؤلاء في بقائك، بعدئذ أخذ يتغنى بـ “النصر” والأدق بخراب سورية.
أن السوريين قادرون أن يدافعوا عن شرف سوريا الوطنيِّ، وأن سورية أكبر من آل الأسد ومن الطوائف كلها.
ثمَّ وبعد أن مكَّن له الروس في عمليات خفض التصعيد، وفي لقاءات سوتشي وأستانا، ازداد انتفاخاً، ولم يعد يرى السوريين غير هؤلاء المتبقين، والمرعوبين من بقايا جيشه ومخابراته رغم حالة البؤس التي يعيشونها! انتفخ أكثر فأكثر حتى إنه رفض اللقاء بالرئيس التركي الذي أراد أمرين أولهما حماية حدود بلاده وأمنه القومي وإعادة أربعة ملايين لاجئ إلى بلادهم آمنين! أبى واستكبر كما في الآيتين الكريمتين أعلاه، على الرغم من أن الدعوة التركية تكررت وبلطف أيضاً، كما مرَّ أعلاه “فَقُولَا لَهُ قَولاً لَّيِّنا لعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَىٰ” لكنه في الحقيقة ليس كبيراً! ولا يفهم لغة القوة ولا لغة السياسية، وكأنه لم ير ما حلَّ بحزب الله، ولا بمعظم فصائل المقاومة المرتهنة وأن الإيرانيين لا مكان لهم في بلادنا، ولا في منطقتنا، وأن السوريين قادرون أن يدافعوا عن شرف سوريا الوطنيِّ، وأن سورية أكبر من آل الأسد ومن الطوائف كلها، وأن ذلك الشعار الطائفي البغيض، قد أحرق بالفعل سورية، ولكن من ناحية أخرى ما يجري الآن هو خطوة جادة لاستعادة سورية دولة موحدة لكل مواطنيها.. دولة تسير نحو التنمية والازدهار.. وسوف ينال كل من ارتكب جرائم بحقها جزاءه العادل.. وها هي ذي فصائل المقاومة، تقوم بفعلها الوطني، على قاعدة من لا يفهم بالعقل يفهم بغيره.. وأن المنطق السليم يقول في الشعار البغيض الذي رفعه أتباع بشار الأسد، إنه فقد معناه بعد أن تدمر البلد وما عليه إلا أن يتنازل عن السلطة ويحاسب وأتباعه على ما اقترفته أيديهم!
المصدر: تلفزيون سوريا