الزمان: عهد الأب في التسعينات.
المكان: كلية الدفاع الجوي في حمص.
استنفر ضابط الأمن وجمع المجندين المشتركين في الجريمة ثم سأل:
– كيف استطعتم إدخالها الكلية مع أن الحرس يمنعون الحشرات؟
صمت المجندون.
كان الحدث كبيرًا. انكشف بعد أكثر من أسبوع. لقد أدخل الجند أنثى مختلة العقل إلى الكلية، وتمكنوا من إخفائها في مهجع، و تناوبوا عليها دون توقف، وتذكرة الدخول خمس وعشرين ليرة، إلى أن اتضح أمرها.
مسح ضابط الأمن شعرات رأسه التي داعبها الهواء البارد القادم من فتحة حمص ثم قال:
– أعدكم إن صدقتموني أعفو عنكم.
قال أحدهم :
– تعلم سيدي العقيد بيعنا الماء لسكان القرية .
بوغت الضابط بكلام الجندي فلم يتوقع أن يذكره ببيع الماء لصالح جيب قائد الكلية فقال بسرعة منتظرًا بقية الكلام .
– نعم أعرف ذلك .
وبهدوء تابع الجندي:
– شوهدت على الطريق وبعد نقاش معها قبلت .
– قبلت ماذا؟
– أن تدخل الصهريج .
جلس ضابط الأمن يمسح قطرات العرق الباردة ثم قال:
– أفهم منكم أنها دخلت وهي داخل الصهريج.
أجاب المجندون بصوت واحد كأنهم في درس نظام منضم:
– نعم.
ضحك الضابط لغرابة الفكرة ثم قال:
– من أشار عليكم بذلك؟
صمت الجميع ثم تكلم أحدهم:
– غسان كنفاني.
أمر ضابط الأمن بمنع رواية رجال في الشمس من الإعارة، وعفا عن المجندين، وزج بطاقم الحرس وقائدهم بالسجن.
* الحدث واقعي والحوار خيالي.