د. مخلص الصيادي
يمثل البيان الختامي لأعضاء لحنة الاتصال العربية الخاصة بسوريا موقف النظام العربي من الوضع السوري في هذه المرحلة الحرجة والحاسمة في حاضر سوريا ومستقبلها.
وفيما كان السوريون ينتظرون موقفا يحقق الحضور العربي الايجابي والمؤثر في الراهن السوري بعد أن اجتاز وطنهم أخطر حالة وأخطر مرحلة يمر بها شعب في العصر الحديث، فإن ما خرج عن الاجتماع كان دون ذلك بكثير، بل كان في حقيقته مخزيا، وقد يبدو هذا الوصف قاسيا لكنه مبني على مضمون ما خرج به البيان، وعلى هذا المضمون أكتفي نتسجيل خمس نقاط:
1- يتحدث البيان الختامي عن وقف فوري للعمليات العسكرية في سوريا، هذه الدعوة تأتي لصالح قسد والانفصالية الكردية، وهناك من النظم العربية المشاركة في الاجتماع من يدعم – ومنذ فترة طويلة – هذا الاتجاه الانفصالي، يجب أن تستكمل قوى الثورة بسط سيطرتها على كامل التراب السوري قبل وقف اطلاق النار. وما لم يتم هذا الأمر فإن الوضع الجديد وما أنجزه كله في خطر
إن وجود قسد يتعارض مع شعار وحدة سوريا، ووحدة الشعب السوري.
2- غريب أن تتحدث فقرة في البيان عن الإرهاب وعن ضرورة الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته في باعتباره يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية.
والغريب أنه ليس في هذا ،”النص الضروري” تحديد لمعنى الارهاب الواجب التصدي له ودحره.
النظام الساقط كان يعتبر قوى المعارضة ارهابا ويعتبر المشاركة في التصدي لهذه القوى مدخلا لأي حديث عن الوضع السوري.
الولايات المتحدة تتحدث عن الارهاب والارهابيين.
تركيا لها تحديد لمعنى الارهاب.
نحن نعتبر ونشدد على أن قسد (pyd،pkk) هي التجسيد للارهاب، كما داعش.
ما هو هذا الارهاب الذي يدعو البيان إلى ضرورة مواجهته.
3- ليس في البيان أي ذكر للوضع الجديد، (الانتصار الذي تحقق على يد الثوار) وهذا الوضع هو المتغير الرئيس والجوهري والوحيد في كل المشهد السوري، وهو المتغير الذي قلب كل الموازين، البيان لم يأت على ذكر ذلك، وبدل أن يتضمن الوقوف إلى جانب الشعب السوري والسلطة السورية الجديدة القائمة والاعلان عن الالتزام بالعمل معها لتحقيق مضمون القرار الدولي ٢٢٥٤، تجاوز البيان هذه الحقيقة. وجاءت عباراته عامة تحمل مدلولا واحدا هو عدم الترحيب وعدم الراحة لما تم انجازه في سوريا.
4- وبتواصل مع الفقرة السابقة خلا البيان من أي ذكر لأهمية وضرورة محاسبة رجالات النظام السابق. وملاحقتهم وإعادتهم الى سوريا للمثول أمام القضاء الوطني أو تقديمهم للعدالة الدولية ومساعدة السلطات السورية في جهودها المرتقبة لاستعادة المال الذي نهبه لصوص العهد البائد من ثروة الوطن وأودعوه في البنوك الأجنبية.
5- لا شك أن من الضروري احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين.
لكن هذا النص يشي باتهام ضمني بأن الوضع الجديد لا يوفر هذا، أو أن ما صدر عنه يخلو من هذا الالتزام، مثله في ذلك مثل النص على ضرورة حماية سوريا من الانزلاق الى الفوضى.
وهذا نص ظاهره حق، وباطنه باطل واتهام.
وأخيرا فقد من الأجدى والأكثر جدية وموضوعية أن يكون ممثلا عن سورياوحاضرا في الاجتماع ليسمع الجالسون منه شرحا للوضع السوري الجديد، ورؤيته لمستقبل سوريا واحتياجاتها.
اذا كان مليون شهيد سوري في مذابح استمر النظام البائد يرتكبها على مدار ثلاثة عشر سنة على الأقل. وتشريد نصف الشعب السوري، وتدمير معظم مظاهر الحياة والحضارة في سوريا.
وإذا كان اغراق العالم وفي المقدمة منه دول الجوار العربي بالمخدرات.
وإذا كانت فضائح ومشاهد الرعب في سجون الأسد لا تكفي للحكم على النظام البائد بالارهاب والإجرام والخزي، ولا تكفي لوقوف النظام العربي الى جانب القوى الثورية التي خطت آخر وأخطر وأهم الخطوات التي حققت سقوط هذا النظام، فإن عربة هذه الأمة ” سلامتها، ووجودها” تندفع بسرعة وعنف إلى أبعد من الهاوية.
١٥ / ١٢ / ٢٠٢٤