مصعب عيسى
قبل ثلاثين عاما تم التوقيع على إنهاء قرار أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في الخارج ( في المخيمات ودول الشتات) الذين كانوا اصحاب الفضل الاول والاساسي في بزوغ التنظيمات الفلسطينية المقاومة والتي انضوت لاحقا تحت منظمة التحرير حيث كان ثقل الثورة الفلسطينية هو خارج حدود الوطن المحتل بالتالي كان الدور الابرز والاساس هو لأبناء المخيمات في كل ماتوصلت اليه الثورة الفلسطينية من ترسيخ الاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني والتي قادت مرحلة استمرت لعقود تحقق فيها بناء العلاقات الدولية ومعالم النضال على اساس ( القرار الوطني المستقل)
الى ان انتهت حالة الثقل المخيماتي بعد قيام ياسر عرفات وثلة من المتنفذين الفتحاويين ذوي الاتجاه التسووي والامريكي بالالتفاف على قرار المنظمة بشكل انتهازي وجرها وسحبها عنوة الى قطار التسوية المذل والمهين للكرامة الوطنية الفلسطينية والمتمثلة بتوقيع وعد اوسلو المشؤوم
الاتفاق الذي بموجبه تم شطب اكثر من ٨٠ بالمئة من الأراضي الفلسطينية المحتلة والاعتراف بالكيان الاسرائيلي ووجوده على هذه الأراضي..فيما تبقى من اراضي تم اطلاق عليها اسم ادارة الحكم الذاتي ولاحقا بسلطة ( وطنية) وهي اشبه بمسخ جغرافي مشوه مقسم الى كونتونات موزعة بين مناطق الف وباء وجيم ليس لأمن السلطة اي قرار عليها سوى ملاحقة حركة المقاومين والناشطين وتسليمهم للمحتل عبر اخطر واقذر منظومة هي التنسيق الامني
ليس …
بعد اوسلو انتقل الثقل الفلسطيني الى الداخل وبقي اللاجئين مكمومي الافواه ومقيدي الأيادي دون ادنى مشاركة حقيقية بالقرار الفلسطيني وكان اقصى عمل يقوم به اي تنظيم في دول الجوار هو عبارة عن أمسية ثقافية او ندوة او حفل او تنظيم تظاهرة تضامنية داخل حدود المخيم البائس
اليوم بعد مضي ثلاثون عاما ونيف على توقيع وعد اوسلو المشؤوم ماهي الاسباب والتداعيات التي اودت الى مانحن عليه والمآلات القادمة المتوقعة على صعيد الصراع الوجودي بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الاحلالي الصهيوني
ربما من اهم الاسباب التي ادت الى ذلك هو تحول حركة فتح منذ الثمانيات من حركة تحرر وطني الى حزب حاكم بدا يروج لنفسه انه القائد للدولة والمجتمع دون ادنى اعتبار وتهميش مقصود لباقي الفصائل من خلال الانفراد بالخزينة المالية وهذا كان واضحا في كثير من شعارات وعبارات فتحاويين بان من يملك المال يملك القرار
الامر الذي ادى الى سيطرة فتح على مؤسسات منظمة التحرير كاملة وتحويلها الى جبهة وطنية تقدمية على شاكلة نظام البعث في سورية والعراق
هذا بدوره كان يقود فتح الى الانفراد بالقرار والالتفاف على مشاريع الوحدة الوطنية من خلال اقحام المنظمة في حرب الخليج الاولى التي. لاناقة لنا فيها والأجمل. ذلك ان احد اهم قرارات وبنود فتح هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي بلد وعدم وضع الفلسطيني وادخاله في اتون الصراعات العربيةخوفا من هدر واستنزاف القدرة الفلسطينية في تفاصيل بعيدة عن محور الصراع والتناقض الاساسي مع العدو
حتى في توقيع اوسلو كان التفاف عرفات وجماعته على الوفد الفلسطيني العربي المفاوض لانه راى انه انتقاص من هيبته ( كرئيس)
اليوم في ظل ما حدث في العقدين الاخيرين على الساحات العربية واندلاع ثورات التغيير والحراكات المطالبة بالعدالة الاجتماعية ونجاح بعضها واستعصاء بعضها وترقب في ساحات اخرى…
كانت سلطة فتح او مايسمى بقيادة منظمة التحرير تمارس العمى المقصود والغباء السياسي في عدم مراقبة الجار العربي وتغيراته وامكانية انتقال عدوى الحراك الى شوارع الضفة على قاعدة المثل الشعبي اذا حلق جارك بل دقنك…
بقيت سلطة اوسلو الفتحاوية تصر على ممارسة الفساد المؤسساتي ومصادرة اي نقد بناء قد ينقل الحالة الفلسطينية الى حالة اكثر مرونة اضافة الى تطبيقها لاحكام الطوارئ العربية في الاعتقال والقتل والتعذيب وكانها دولة. ذات سيادة..كل هذا كان يزيد من حالة الاحتقان الشعبي لدى ابناء شعبنا الفلسطيني الذي بات فعليا تحت احتلالين احدهما وطني والاخر مستورد وما ترتب على ذلك من هجوم المستوطنين ومصادرة الاراضي وهدم البيوت وتشديد الحصار والقيود على الحركة الاجتماعيه العاملة والاسيرة اضافة الى الاعتقال التعسفي او الاداري الذي يعد من أخطر قوانين الاعتقال في العرف الدولي كل هذا وسلطة فتح هي كانت بمثابة رديف للاحتلال على شعبنا وليس معه حتى بدت الاصوات والحناجر تصدح وتخرج عن صمتها بضرورة الخروج من هذه القوقعة وتفعيل المقاومة المشروعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ على حد ادنى والمعترف بها رسميا فكانت التجمعات الثورية في المخيمات تطلق طوفانها الغاضب باتجاه المحتل مع مرور عام نصف تقريبا على طوفان الاقصى في غزة وتوجيه.غضب المخيمات و بوصلة التغيير نحو المسبب الاساسي وهو الاحتلال وقد تجاهلت هذه الكتائب والأصوات قمع السلطة او تناستها في محاولة منها للاشارة الى ان الهدف هو اسقاط الاحتلال بالدرجة الاولى ومن ثم تسوية الخلافات الفلسطينية بلغة ثانية لكن اصرار قيادة فتح على توجيه حرابها ومدرعاتها نحو المخيمات والبلدات الفلسطينية واتهامها بالاجندات فهي صورة للبعث الاسدي في رام الله واغلاق مكانب الاعلام وابقاء الاعلام الامني الوحيد لهو سيناريو مشابه لثورات التغيير العربي لكن هذا سببه من جديد فتح الحزب الحاكم والتي ستقود بلا ادنى شك الى حرب أهلية فلسطينية الرابح الوحيد منها هو الاحتلال
لذلك مايجري اليوم في غزة والضفة هو سيكون الرهان الاول والأخير على التغيير الفلسطيني بحكم الثقل المؤسساتي والفصائلي والعسكري مقارنة بدول الجوار التي يبدو ان الفلسطيني فيها سيتم اقتياده بعيدا عن حلمه وحقه وهويته الفلسطينية من خلال مشاريع واجندات غربية اسلاموية يتم تطبيقها على المنطقة باكملها خدمة للحبر الاعظم في تل أبيب ..والسلام على من إتبع الهدى والرفض
في خضم هذا يجب التركيز على ان اي تحالف استراتيجي ممكن ان يقلب الطاولة على هذه الحالة الميؤوس منها هو مشروع ومحلل وليس عيبا او حراما لاسمح الله ففتح التي تحالف شياطين الغرب والعرب وعلى راسها دولة الاحتلال هي اخر من يحق لها التحدث على الاجندات لانها تقود عملية تأطير وقمع وانبطاح ممنهج على شرع الخليج وسنة الغرب في الوقت الذي يهاجم فيه المقاوم الفلسطيني في المخيم (الذي بشكل امتدادا لشتاتنا) هو اجندات قذرة تزعج القريب قبل الغريب او محاولة البعض تبني عشوائي لمنطق خاص لاحد الجغرافيات العربية التي شهدت هي بدورها تحالفات خطيرة قادتها انظمة الطغيان واخرى أخطر قادتها بعض احزاب الثورات العربية والتي ارتمت بحضن الغربي والأمريكي والتركي وووو…وحين يصل التحالف الى البندقية الفلسطينية تصبح حراما وفاحشة لاتغتفر..احلال لغيرنا وحرام علينا ..
لا رهان اليوم أمامنا كفلسطينين الا على الثقل الداخلي الفلسطيني . والبندقية المقاومة ودعم تغيير يقود الى بلورة جديدة تكون الطوب الاساسي في ميثاق وطني حر يخدم قضيتنا في التحرير والاستقلال ..لان الاحتلالات على مر التاريخ لايمكن ان تسقط الا بالثورة المسلحة…وماعدا ذلك هو محاولات لتضيبع الوقت واعطاء الطرف الاخر فرصة للتوسع نحو البعيد ..
وبعدها لكل حادث حديث ….