تتوالى المعلومات والمؤشرات التي تؤكد أن محور الثورات المضادة في العالم العربي، يدفع على نحو متسارع لإعادة تعويم النظام السوري، قبيل القمة العربية في مارس/آذار المقبل، على الرغم من أن أوساط جامعة الدول العربية تنكر، حتى الآن، وجود نية لدى النظام العربي الرسمي بدعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى القمة العربية.
وبعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير قبل نحو أسبوعين دمشق والكشف عن خطوة مماثلة مرتقبة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في يناير/كانون الثاني الحالي، وإعلان الإمارات عن إعادة فتح سفارتها، أكدت مصادر مقرّبة من دوائر صناعة القرار المصري أن القاهرة تدير اتصالات واسعة لتنظيم مجموعة من الزيارات لمسؤولين وزعماء عرب، خلال الأيام المقبلة، إلى العاصمة السورية دمشق ولقاء الأسد، في إطار عملية إعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية قبل القمة المقبلة التي تستضيفها تونس.
وتوضح المصادر أن النظام المصري يتحرك بناء على تنسيق إماراتي، مشيرة إلى أن مباحثات عودة مقعد سورية بجامعة الدول العربية لنظام الأسد، تجري بشكل متسارع، مؤكدة أن تلك الخطوة باتت قريبة للغاية. كذلك بات مسؤولون أردنيون يجاهرون بوجود تحرك لإنهاء تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية، بما في ذلك تأكيد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، نضال الطعاني، لوكالة سبوتنيك ، وجود مساعٍ أردنية ضمنية برلمانية ومساع ضمنية حكومية باتجاه عودة سورية إلى جامعة الدول العربية.
وتدرس القاهرة، بحسب المصادر نفسها، قيام مسؤولين بارزين بزيارة رسمية معلنة إلى سورية، مشيرة إلى أن هناك اتجاهاً قوياً لتلبية دعوة تلقاها رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، من جانب رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك. وقالت المصادر، التي تحدثت مع “العربي الجديد”، إن دوائر عليا تبحث تداعيات تلك الزيارة حال إتمامها، لافتة إلى أنه من المقرر أن يصاحب كامل في تلك الزيارة، المهندس شريف إسماعيل مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، ووزير الخارجية سامح شكري لإضفاء طابع سياسي عليها.
وبحسب المصادر، فإن مملكة البحرين أبدت هي الأخرى استعداداً لتنظيم زيارة رفيعة المستوى للنظام السوري خلال الفترة المقبلة، فيما ربطت المصادر بين زيارة الرئيس الموريتاني المرتقبة إلى دمشق وتجاوبه مع الاتصالات العربية التي تقودها القاهرة لإعادة الأسد إلى الصورة مجدداً.
مع العلم أن موريتانيا احتفظت بعلاقتها الدبلوماسية مع نظام الأسد منذ اندلاع الثورة السورية، وكان لديها سفير مقيم في دمشق، قبل أن ينتقل منها للإقامة في لبنان، ثم الأردن بفعل تفاقم الظروف الأمنية بسبب الحرب السورية.
وتلفت المصادر إلى أن تحركات المحور الإماراتي المصري نحو سورية تأتي تحت ذريعة تخفيض حجم النفوذ التركي والإيراني، الذي تسببت الأزمة السورية في ازدياده بشكل كبير خلال السنوات الماضية، لافتة إلى أن القاهرة كانت تدرك منذ البداية أنه لا بد من الوقوف إلى جانب نظام الأسد.
وتقول المصادر إن “القاهرة وبعض القوى العربية ترغب في أداء دور في وضع الدستور السوري الجديد، من خلال اللجنة الدولية المعنية بذلك”. وكشفت المصادر أن مملوك الذي زار القاهرة بشكل معلن الأسبوع الماضي، كان قد تردد على القاهرة بشكل سري، أكثر من 4 مرات في الشهرين الماضيين لترتيب مجموعة من الملفات، التي لا تمثل فيها القاهرة نفسها فقط، على حد تعبير المصادر.
وبدأت نتائج المشاورات والاتصالات بشأن التطبيع مع النظام السوري، والتي كانت تُجرى على مدى الأشهر الماضية في السرّ، تظهر على نحو متسارع وعلني في الأسبوعين الماضيين، وترجمت نفسها عبر سلسلة خطوات كان أبرزها زيارة الرئيس السوداني دمشق. وأعقب ذلك إعادة فتح الإمارات لسفارتها في العاصمة السورية قبل أيام. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن هناك نية لزيارات وفود رسمية من الإمارات إلى سورية في الفترة المقبلة. وأكد قرقاش في تصريحات إعلامية أن قرار عودة سورية للجامعة العربية يحتاج لتوافق عربي، مشيراً إلى أن الجميع مقتنع بأنه لا بد من مسار سياسي لحل الأزمة السورية.
كذلك أعلنت هيئة الطيران المدني الإماراتي، أنها بصدد تقييم وضع مطار دمشق الدولي، لتحديد إمكانية استئناف شركات الطيران الوطنية رحلاتها إلى دمشق خلال الفترة المقبلة، فيما عاد الطيران المباشر بين سورية وتونس قبل أيام مع هبوط أول طائرة سورية في الأراضي التونسية منذ قطع العلاقات بين البلدين في 2011.
وعقب القرار الإماراتي، أعلنت البحرين أن سفارتها مستمرة بالعمل في سورية، فيما قال وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إن “سورية بلد عربي رئيسي في المنطقة، لم ننقطع عنه، ولم ينقطع عنا رغم الظروف الصعبة”. وأضاف آل خليفة، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر “نقف معه في حماية سيادته وأراضيه من أي انتهاك، ونقف معه في إعادة الاستقرار إلى ربوعه وتحقيق الأمن والازدهار لشعبه الشقيق”.
أما رئيس الحكومة العراقية الجديد عادل عبد المهدي فلم يتأخر في بدء التنسيق مع نظام بشار الأسد، الذي تلقى رسالة من الأول نقلها إليه مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض يوم السبت الماضي. وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن الرسالة تمحورت حول تطوير العلاقات بين البلدين، وأهمية استمرار التنسيق بينهما على الأصعدة كافة، خصوصاً فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والتعاون القائم بهذا الخصوص، ولا سيما على الحدود بين البلدين.
كذلك أصدر البرلمان العربي، في ديسمبر الماضي، بياناً حول الأزمة السورية، دعا فيه “مجلس جامعة الدول العربية واللجان المعنية وكل الهيئات والمؤسسات العربية للعمل والتنسيق من أجل إعادة سورية إلى الفضاء العربي”.
وبينما لم تنتظر دول عربية عدة قراراً موحداً من جامعة الدول العربية بدت الكويت متريثة، إذ أكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، لقناة الجزيرة، أن لا عودة لعمل السفارة الكويتية في دمشق إلا بعد قرار من جامعة الدول العربية، مستنكراً في الوقت نفسه الافتراءات الواردة في قائمة النظام السوري للإرهاب والتي تضمنت شخصيات كويتية.
المصدر: العربي الجديد