أحمد مظهر سعدو
في البدء كانت درعا. لكن ما حصل بعدها من احتلال أسدي ثانٍ، لم يمنع من أن يخرج أهالي درعا من جديد رفضًا لإعادة بناء وتكوين الصنم المراد نصبه للأسد المقبور، وهي تخرج أيضًا تضامنًا مع أهالي ادلب الذين يُقصفون بكل أصناف الأسلحة الروسية، فهل تعود الثورة إلى سيرتها الأولى؟ مع اقتراب ولوج الثورة السورية عامها التاسع؟ وهل تَطهَّر شعب سورية من الخوف بعد أن كسرته الثورة السورية في آذار/ مارس 2011؟
العقيد المنشق رياض الأسعد قال ” تحية إجلال وإكبار إلى أهلنا الأحرار في درعا العزة والكرامة مهد الثورة، ومستمرة بها، قلنا مرارًا وتكرارًا إن الثورة مستمرة ولن تنتهي، ولو أظهر بعض الخونة وروجوا لذلك، الثورة فكر ولن ينهيها سلاح القتل والاجرام للاحتلال الروسي والايراني ومرتزقتهن، وعلى رأسها عصابة بشار، ولذلك هذا الحراك ليس مفاجئًا لنا فقد سبقته خطوات ميدانية أخرى وهي المقاومة ضد المحتلين، وأيضا بدأت من درعا، فهذا ليس غريبًا على أهلنا في درعا الذين رفعوا راية الحرية والكرامة متحدين غطرسة وطغيان عصابة بشار وواجهوها بكل رجولة، وهذا ما نتأمله منهم اليوم، وهذا دليل قاطع أن الأحرار لن يرضوا أن يعودوا للعبودية مرة أخرى، وسيدوسون تمثال الخنزير المقبور من جديد، ولا مكان له على أرض طاهرة ارتوت بدماء الشهداء، ولن يسمحوا بتدنيسها”. وأضاف الأسعد ” حراك أهلنا في درعا اليوم هو تجديد العهد على استمرار الثورة حتى تحرير سورية، وتأكيد أنهم داسوا اتفاقيات الذل والهوان التي عقدها البعض مع الاحتلال الروسي والعصابة، وإنهم كانوا غير راضين عما حدث من تسليم، وانهم خدعوا من قبلهم وكذلك هذه رسالة رفض وتحذير إلى ما يسمى بهيئة المفاوضات واللجنة الدستورية، وإن موقفهم هو من موقف أبناء الثورة في جميع المناطق ضد الاحتلال والهيئات التي شكلها لدستور أو مفاوضات”.
أما الدكتور الباحث أحمد الحمادي ابن درعا فقال ” ثورة الكرامة السورية التي انطلقت في آذار/ مارس ٢٠١١، ما زالت مستمرة وإن وهنت نتيجة جملة عوامل من جعلها في مواجهة النظام القاتل المجرم وروسيا وإيران والعصابات والميليشيات التابعة لها واستخدامهم اﻹبادة الجماعية وسياسة اﻷرض المحروقة وخذﻻن وعدم مصداقية الدول المسماة بالصديقة والمجتمع الدولي وفشل المنظمات الدولية في هذا السياق، رغم كل ذلك ما زالت الثورة تتجدد كل يوم وتطهر صفوفها وتنقيها من الضفادع والخونة، وكل المؤشرات تقول بأن هذه الثورة لن تهدأ إلا بتحقيق أهدافها التي انطلقت من اجلها، و بأن اﻷسباب الداخلية التي أدت لتراجع مسيرها التطوري وأدت إلى فتور عزيمتها بسبب عدم كفاءة المعارضة ومؤسساتها الهشة وأزﻻمها الذين نصبوا أنفسهم زورًا و بهتانًا ممثلين للثورة في طور تجاوزها ومعالجتها وستتفجر الثورة مجددًا وتقلب الطاولة على رأس النظام، وكل من وقف أمام حلم السوريين في الوصول إلى بر الأمان والدولة العصرية التي تضاهي بقية الأمم الديمقراطية في صون كرامة الانسان وحريته وحماية حقوقه غير منقوصة” . أضاف الحمادي أن ” الشعب السوري قدم الأرواح والدماء الزكية من أجل الحصول على حريته، ولن يقبل باستمرار زمن الديكتاتورية والعبودية وهذا ما أكده ثوار درعا في مظاهراتهم التي رفعت الروح المعنوية وأعادت نبضات قلب الثورة صادحة بالحياة من جديد، ولتؤكد قانونًا ثوريًا بأن النصر للشعوب وللحق، وهذا ما ﻻ حظناه جليًا في اﻹرادة ذات الشدة التي ﻻ تلين والعزيمة والتصميم والثبات على أهداف ومبادئ الثورة، ولقد حققت هذه المظاهرة النصر اﻷولي على النظام ومؤيديه في نفس اليوم ، نعم هذا اليوم ( اﻷحد 10/4/2019م ) كان اليوم الذي أراده النظام ليكون اليوم الذي يعلن فيه إنتهاء الثورة لذلك حشد كل مؤيديه وسخر كل قواه ليجعل من نصب صنم المقبور في ساحة 16 تشرين والمسيرة المرافقة له بمثابة رصاصة الخلاص من الثورة في درعا مهد الثورة وشعلتها ووهجها ورمزيتها الثورية، وجاء الرد مزلزﻻً وحاسمًا على النظام القاتل المجرم ومؤيديه بأننا مازلنا هنا ومازلنا نتمسك بثورتنا وثوابتنا وأهدافنا من على بعد 400 متر من مسيرتهم التي تفرقت وخاصة أن غالبيتهم سيقوا سوقًا للمشاركة فيها ممن غلبوا على أمرهم من موظفين وطلاب مدارس ، لذا ما إن سمعوا أصوات حناجر اﻷحرار تصدح بالشعارات الثورية حتى تفرقوا. نعم جدد ثوار درعا بمظاهرتهم مسيرة الثورة والوفاء لها واعتبروا العدوان المتكرر على إدلب وريفي حماة وحلب هو اعتداء عليهم كيف ﻻ والخندق واحد والمصير واحد ودمنا المهدور والمشرق لن يكون إﻻ لجميع اﻷحرار والوطنيين السوريين؟؟؟ ولقد ظهرت اﻹرادة الثورية والروح المعنوية العالية في تصرفات الثوار وثباتهم في المظاهرة ومن خلال الشعارات التي رفعوها و رددوها بأعالي أصواتهم وعلى مسامع النظام القاتل المجرم بأكبر حشد له سخر له جميع قواه المدنية والعسكرية والسياسية و الاعلامية امتدت لأكثر من ثلاثة أشهر فكانت شعارات الرد الحاسم في اغاني الجوفية الحورانية الداعية لسقوط النظام وبأن سورية لينا ما هي لبيت اﻷسد وغيرها الكثير المطالبة بسقوط بشار اﻷسد، وأما الشعارات المكتوبة التي رفعت منها : تمثالكم ماض غير مرحب به، و خاطبوا المؤيدين بقولهم : كان زمان يا رفيق ولى زمن التصفيق، و خاطبوا بشار ومؤسساته اﻷمنية والقمعية بقولهم : راح يقع . وبذلك نستطيع القول بكل تأكيد عهد آل الأسد ولى إلى غير رجعة، وسقوط هذا النظام مسألة وقت لا أكثر، فالروس أكبر الداعمين له باتوا على ثقة بان سورية لن تستقر بوجود هذا الذيل ولن تفلح كل مساعيها في المحافظة عليه، وهي على يقين كامل بأن الشعب لم يعد يخاف الموت ولا تخيفه الصواريخ والبراميل وظلام المعتقلات، وهذا ما أثبته ومارسه الشعب السوري وأحراره بعد أن كسر حاجز الخوف لم يعد يخاف ويهاب السلطة القمعية القاهرة القاتلة المجرمة. فالثورة مستمرة وروحها دخلت إلى كل بيت والى قلب كل انسان سوري، ولن يتخلى أحد عنها حتى تتحقق جميع مطالبها.” ثم قال “سورية (الأسد) التي أسسها الأسد لن يراها مجددًا إلا في منامه، سورية التي قدمت أكثر من مليون شهيد لن تكون إلا سورية الكرامة والحضارة والمستقبل الزاهر. وأردد مع أحرار درعا: راح يقع، وراح يسقط النظام القاتل المجرم وستتحقق حرية وكرامة السوري وسيقيم دولته المدنية المنشودة دولة الوطن والمواطن والقانون والعدالة بين جميع السوريين وسنكنس جميع الطغاة والظلمة والقتلة والمجرمين بثورتنا وعلى رأسهم بشار المجرم”.
الكاتبة السورية والناشطة ليلى العامري لها رأي مختلف إذ أكدت أن ” الزمن لا يعود إلى الوراء. والثورة السورية تأذت كثيرًا فهي في أسوء حالاتها، فلا حوران ولا أي مدينة أخرى ولا حتى المدن مجتمعة قادرة على إعادة الزخم للثورة وذلك بعد إخراجها من دائرة الفعل الحقيقي وطبعًا هذا لا ينتقص من ثورية أهلنا لا في حوران ولا بغيرها. حيث أن تلك المدن تم تجريفها وارهاقها وخصوصًا الطليعة المتقدمة من ثوارها.. ف النظام الذي قضى على الثورة السلمية عبر القمع الشديد من قتل واعتقال استكمله الروس باﻹجهاز على الثورة المسلحة في اتفاقات خفض التصعيد. وللأسف كانت البداية من حوران ومن ثم الغوطة وحمص واﻵن ما يجري في ادلب تتمة والحلقة اﻷخيرة بهذا اﻹتفاق.. فالنظام و حلفائه يتبعون سياسة القصف الشديد و الممنهج و خصوصا ضد المدنيين في محاوله لضغط الكلفة البشرية لديهم لتوفير أرواح مقاتليهم وانهاك الخصم بالحاق أكبر قدر من اﻷذية لحاضنته اﻹجتماعية .. لطالما وافقت النخب السياسية والعسكريه هكذا اتفاقات وقبلت بإخراجها من دائرة الفعل”. وأضافت ” لا أعتقد أن حراكها سيكون أكثر من حالة رمزية غير مؤثره في سياقات الفعل بجوهره. فنحن نحتاج لإعادة النظر بكل ما تقدم نحتاج إلى أدوات وأساليب وأطر ثوريه جديدة تمكننا من مواصلة الثورة.. وهذه مهمة شاقة حيث عليها المحاربة على جبهات عديدة بدءً من النظام ومرورًا بجيش اﻹنتهازيين والعملاء وانتهاءً بالموقف الدولي الظالم”.