أكرم عطوة
يبدو أنّ مفهوم المقاومة بدأ يتغير عند بعض فصائل (المقاومة) الفلسطينية مثل حركة حماس الإسلامية. وحركة الجهاد الإسلامية.
وحين أشير بالتحديد إلى هذين الفصيلين من الفصائل الفلسطينية الكثيرة.. فلأنّ باقي الفصائل.. وخاصة “فتح” والتي كانت في أواخر الستينيات من القرن الماضي أهم فصيل من فصائل الثورة الفلسطينية.. وكان لها الدور الأساسي في انطلاق عمليات المقاومة والمتمثلة بالكفاح المسلح.. “فتح” هذه لم تعد تدّعي أنّها مقاومة ولم تعد تدّعي أنّها تقاوم.. بل بالعكس تماماً.. لقد أصبح مقاتلي “فتح” بعد توقيع اتفاق “أوسلو” جنوداً مسخّرين للحفاظ على أمن العدو الصهيوني من أيّ مقاومة..
أمّا قادة حماس والجهاد فما زالوا يصنفون أنفسهم بأنهم هم المقاومة..
السيد “إسماعيل هنيّة” رئيس المكتب السياسي في حركة حماس اعتبر فوز الكتلة الطلابية الإسلامية المتواضع في الانتخابات التي جرت مؤخراً في جامعة “بير زيت” بمثابة تأييد من الحركة الطلابية الفلسطينية لتيار ونهج المقاومة …!! وهذا التصريح يدلّل على أنّ الحركة الإسلامية الفلسطينية، تعتبر أنّها هي فقط من يُمارس المقاومة ضد العدو الصهيوني في فلسطين…!! فهل هي تفعل ذلك؟؟
الحقيقة أنّ لا أحد الآن من الفصائل الفلسطينية يمارس المقاومة بمفهومها الصحيح.. وهو المفهوم الذي كان سائداً ومعتمداً حين انطلاقة الثورة الفلسطينية في بداية عام 1965.. حيث كانت المقاومة عملاً يومياً دائماً ومستمراً.. يتم بمبادرة من فصائل المقاومة لاستنزاف قوى وموارد العدو.. بمعنى أنّ المقاومة هي من يبادر بالبدء بمهاجمة أهداف محددة للعدو.. وليس رداً على عدوان بدأ به العدو..
وللتأكيد على أنّ هذا المفهوم هو الذي كان مُعتمَداَ منذ انطلاقة الثورة.. سأقتبس من بيان العاصفة الأول (الجناح العسكري في حركة “فتح”) هذا النص:
اتكالا منا على الله، وإيمانا منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيمانا منا بواجب الجهاد المقدس.. وإيمانا منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج وإيمانا منا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم.. لذلك تحركت أجنحة من القوات الضاربة في ليلة الجمعة 13/12/1964 م وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملة ضمن الأرض المحتلة …. الخ
الآن سنرى مفهوم المقاومة عند قادة حماس والجهاد.. من خلال تصريحاتهم.. بعد العدوان الأخير للعدو الصهيوني على غزة على أثر انطلاق صاروخ بالخطأ من غزة.. حيث أصاب منزلاً في مستوطنة قريبة من تل أبيب..
“قال القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان، إن الساعات المقبلة هي أفضل لشعبنا الفلسطيني، بفضل المقاومة وترسيخ المعادلة، لافتاً إلى أنّ رسالة المقاومة في غزة، وصلت للاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف رضوان، خلال مسيرة جماهيرية لدعم الأسرى، ورفضاً لقرار أمريكا بشأن الجولان بمدينة غزة، “نوجه التحية للمقاومة التي ردّت على العدوان، وأكّدت أنه لن يمر دون حساب، وأننا ماضون على درب المقاومة والكرامة، لنقول للاحتلال القصف بالقصف والهدم بالهدم والدم بالدم، والبادئ أظلم وإن عدتم عدنا، وإن زدتم زدنا”.
وتابع رضوان: “هذه رسالة المقاومة التي وصلت للاحتلال، وأكدت على أن غزة ليست لقمة سائغة”، مشيراً إلى أن غزة كانت ولا تزال داعمة، ورافعة للمشروع الوطني.
ولفت رضوان، إلى أن غزة، تتوحد اليوم من خلال البندقية في غرفة العمليات المشتركة، مؤكداً أن المقاومة هي العنوان للرد على جرائم الاحتلال.”
نلاحظ هنا ومن خلال هذا التصريح أن المقاومة لا تبدأ بالمهاجمة وإنما هي فقط ترد على العدوان.. وأن البادئ أظلم.
وبنفس الوقت.. قال خضر حبيب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إنّ جهود التهدئة التي وصلت إليها فصائل المقاومة في غزة؛ جاءت نتيجة حراك مصري، وأممي؛ لوقف إطلاق النار.
وأكد حبيب، في تصريح خاص لـ “دنيا الوطن”، أن الفصائل الفلسطينية، ترفض كل شروط الاحتلال المتعلقة بالتهدئة، وأن الهدوء في غزة مرتبط بالتزام الاحتلال به، وإن عاد الاحتلال عدنا، مؤكداً أن الهدوء جاء نتيجة تفاهمات شفوية برعاية المصريين.
وحذر حبيب، الاحتلال الإسرائيلي من محاولته الاعتداء على أبناء شعبنا الفلسطيني، متابعاً: “المقاومة الفلسطينية جاهزة للرد على الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين”.
مرة أخرى نؤكد على أنه لا يوجد الآن مقاومة فلسطينية بالمفهوم الصحيح للمقاومة.. وأنّ ما تسعى له القيادات في الفصائل الفلسطينية هو التهدئة الدائمة.. حتى تستطيع هذه القيادات أن تمارس شهوة السلطة بدون أي عوائق أو صعوبات.