هبة محمد
يهدد القصف البري والجوي للقوات الروسية وقوات النظام، آخر رقعة جغرافية خارجة عن سيطرة النظام في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، بمعركة وشيكة مع تصاعد حدة المواجهات بين الطرفين، خاصة بعد تقدم القوات المهاجمة وانتزاعها السيطرة على مدينة كفرنبودة في القطاع الشمالي الغربي من ريف حماة.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان قصف النظام السوري والقوات الروسية لأرياف إدلب وحماة بمئات القذائف الصاروخية والمدفعية وعشرات الغارات والبراميل من قبل المقاتلات الحربية والمروحية، مشيراً إلى ان الفصائل المنضوية تحت راية الجبهة الوطنية للتحرير بالإضافة لهيئة تحرير الشام شنت هجوماً معاكساً بغية استعادة السيطرة على المدينة، التي تعد أحد خطوط الدفاع عن إدلب نظراً لوقوعها عند الحدود الإدارية بين حماة وإدلب.
وقال المرصد أن قوات النظام تمكنت من التقدم في ريف حماة الشمالي مجدداً وذلك بالسيطرة على أجزاء من كفرنبودة من المحاور الغربية، انطلاقاً من مواقعها في البانة، فيما تستميت قوات النظام للسيطرة على المدينة نظراً لأهميتها الاستراتيجية من كونها تقطع الطريق الواصل بين قلعة المضيق بسهل الغاب وخان شيخون جنوب إدلب، بالإضافة لأنها تقطع طرقاً عدة تصل بين سهل الغاب والريف الإدلبي وجـبل شـحشبو.
أهمية استراتيجية
وتستمد المدينة الاستراتيجية أهميتها من كونها عقدة تربط الطرق الواصلة بين الريف الشمالي من حماة ومنطقة سهل الغاب في ريف الغربي، وتشرف على بلدة الهبيط خط الدفاع الأول لفصائل المعارضة، المنتشرة في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي. ووسط المعارك المستعرة، لا تبدو موسكو في وارد التراجع او إخماد نيران صواريخها في ادلب وحماة، وهو ما برز في تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أكد عزم موسكو على مواصلة توجيه ضرباتها إلى معارضي النظام السوري، بحجة انتشار التنظيمات الجهادية في مناطقهم كونها المسؤولة عن قصف قاعدة «حميميم» الروسية، في منطقة حفض التصعيد في محافظة إدلب.
وفي ختام محادثات أجراها مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، في موسكو، الأربعاء، أشار لافروف إلى أن تنظيم «جبهة النصرة «الإرهابي» الذي ينشط في سوريا حالياً تحت اسم «هيئة تحرير الشام» والذي اتخذ محافظة إدلب السورية معقلاً له، لا يسيطر على الوضع هناك بالكامل فحسب، بل ويقصف من هناك مواقع الجيش السوري والبلدات السكنية، ومن هناك أيضاً قصف مسلحو التنظيم مؤخراً قاعدة «حميميم» الروسية.
وتابع لافروف: «بالطبع تلقوا الرد وسيتلقونه في المستقبل»، وأضاف «أن روسيا وتركيا وقعتا مذكرة بهذا الشأن، وأن عسكريي البلدين يعملون حالياً على تنفيذ بنودها».
صمت تركي
ما يفسر الصمت التركي حيال المعارك وقصف مدن وأرياف حماة وإدلب متعلق بالدرجة الأولى باستكمال تطبيق بنود اتفاق «سوتشي» المبرم بين الرئيسين التركي والروسي، فحسب الباحث والمستشار السياسي د.باسل الحاج جاسم فإن ما يجري هو تنفيذ لاتفاق سوتشي حيث كان هناك العديد من الخطوات، الكثير منها لم يستكمل، ولاسيما قضية الجماعات المصنفة على قوائم الارهاب، وكذلك هناك شق اقتصادي- سياسي في الوقت نفسه يتعلق بفتح الطرق الدولية أو ما يعرف بـ» «ام «4 و «ام 5».
وأعرب د. جاسم لـ»القدس العربي» عن ضرورة الانتباه لموضوع تأمين روسيا المنطقة القريبة المجاورة لقاعدتها في حميميم والتي تتعرض بين الحين والآخر لهجمات، ويمكن القول أيضاً ان رغبة روسيا بجذب الدول الأوروبية والعربية من أجل إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين حاضرة هنا، ففتح الطرق الدولية وتأمينها يأتي في سياق أن الحرب انتهت وبدأت مرحلة جديدة، وخصوصاً أن جميع الأطراف المنخرطة اليوم في الملف السوري تدفع نحو تشكيل لجنة دستورية. وأضاف، هنا لا يمكن إغفال حقيقة تغيير الأولويات إقليمياً ودولياً حيال ما يجري في سوريا ولاسيما بعد ظهور التنظيمات الإرهابية بشقيها الديني والانفصالي التي باتت تشكل خطراً حقيقياً لوحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وتهديداً جدياً لدول الجوار القريب والبعيد، بالاضافة لغضب تركيا من دعم واشنطن لعدو أنقرة الذي تحاربه منذ سنوات داخل وخارج حدودها (حزب العمال الكردستاني وامتداداته السورية).
تباين تركي – روسي
لا يمكن اليوم الحديث عن خلاف روسي – تركي، لكن بالتأكيد هناك نقاط اختلاف بين انقرة وموسكو ليس فقط في الشمال السوري، ولكن في الكثير من زوايا الملف السوري الذي تحول اليوم إلى ساحة لتصفية حسابات دولية، اقليمية.
وفي رأي الحاج جاسم فإن الحرب في سوريا وعليها، لم تصل إلى المرحلة الحالية الا بعد ان قامت كل من روسيا وتركيا بتنحية أو تأجيل اختلافهم السوري، منها على سبيل المثال مصير النظام السياسي الحاكم ومستقبل المعارضة المدعومة من تركيا، وموقف موسكو من الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (المصنف على قوائم الإرهاب في الناتو ودول أخرى مثل كازاخستان التي ترعى مسار أستانة.
انزعاج روسي
ويزعج الروس ايضاً بالدرجة الأولى حسب المستشار والباحث السياسي «أن واشنطن تعمل بتمزيقها الجمهورية العربية السورية، تنسف كل جهودهم، وكل ما فعلوه في السنوات القليلة الماضية للحفاظ على وحدة أراضي هذا البلد، حيث صرح اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان محاولة الولايات المتحدة لتوطين الأكراد في الأراضي التي تعيش فيها القبائل العربية أمر سيئ يؤدي إلى تقسيم سوريا».
وحسب قراءة المتحدث فإن الولايات المتحدة في حال نجحت في عملية تقسيم سوريا عبر اداتها الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (المصنف على قوائم الإرهاب في الناتو)، تكون بذلك قد زرعت قنبلة موقوتة في المنطقة وتهدد كل دول الجوار الجغرافي القريب والبعيد حتى لو بعد حين، ومعروف أن كل دول المنطقة هي فسيفساء سواء كانت عرقية أو اثنية أو مذهبية، وسيطال التقسيم جميع دول المنطقة.
المصدر: القدس العربي