منهل باريش
وصف الناطق باسم “الجيش الوطني” المقدم يوسف حمود إرسال تعزيزات عسكرية إلى جبهات ريف حماة الشمالية بـ”الخطوة الضرورية لرفع الحال المعنوية لدى الثوار على الجبهات، والتأكيد على أهداف الثورة وعدم التخلي عن أي منطقة من المناطق المحررة من سيطرة النظام”. مضيفاً أن التعزيزات هي من فيالق الجيش الوطني.
وأعلنت فصائل جيش النخبة وفرقة الحمزة وأحرار الشرقية وجيش الشرقية والجبهة الشامية وحركة أحرار الشام الإسلامية والجيش الثاني وجيش الإسلام، ارسال تعزيزات عسكرية إلى ريف حماة الشمالي بهدف وقف تقدم النظام واسترجاع المناطق التي سيطرت عليها قواته والميليشيات التابعة له، والممثلة بقوات النمر والفيلق الخامس و”لواء القدس الفلسطيني”.
ونفى حمود في تصريح لـ”القدس العربي” أي نقص في العنصر البشري في أرياف اللاذقية أو حماة أو إدلب أو ريفي حلب الجنوبي والغربي، مضيفا أن أغلب المتوجهين إلى جبهات ريف حماة هم أساسا من أبناء المناطق في الجبهات، اندفعوا للدفاع عن قراهم وبلداتهم ولم يستطيعوا أن يبقوا متفرجين. وأكد أن التعزيزات ستعمل في مناطق سيطرة الجبهة الوطنية للتحرير وجيش العزة وبالتعاون معها.
في سياق متصل، علمت “القدس العربي” أن فرقة الحمزة جهزت أكبر قوة من تعزيزات الجيش الوطني، والبالغ عددها 280 مقاتلا مجهزين بعتادهم الفردي والعتاد العسكري الثقيل. وبعد تواصلات مع قيادة “الجبهة الوطنية” و”جيش النصر” تم التوصل إلى تخفيض عدد المقاتلين ليقتصر على عناصر المدفعية والسلاح الثقيل من مدفعية الميدان وراجمات صواريخ أرض – أرض قصيرة المدى (كاتيوشا وغراد) وفرق الصواريخ المضادة للدروع ورماة مدفع 23 رشاش، إضافة إلى ذخائر الدبابات.
وتدلل التعزيزات العسكرية المرسلة من ريف حلب الشمالي وعفرين (منطقتي عمليات درع الفرات وغصن الزيتون) إلى قرار تركي بالسماح بالمشاركة وصد هجوم النظام والميليشيات المساندة له.
ميدانياً، نجح جيش العزة وهيئة تحرير الشام في استعادة السيطرة على بلدة كفرنبودة وتثبيت نقاط دفاع بعد 24 ساعة من القتال تحت قصف جوي روسي عنيف وقصف مدفعي كثيف من قبل “قوات النمر” و”لواء القدس” ومعسكرات جيش النظام القريبة من محاور الاشتباك في كرناز والسقيلبية ومحردة. وما زالت الجبهات الغربية لكفرنبودة في تل هواش والحمرات في حالة كر وفر وتبادل سيطرة بين فصائل المعارضة وميليشيات النظام منذ بدء الهجوم على كفرنبودة يوم الأربعاء الماضي، حسب ما أكد القائد العسكري في جيش العزة النقيب مصطفى معراتي لـ”القدس العربي”. من جانبه أكد قائد جيش العزة، الرائد جميل الصالح، مقتل أكثر من 200 عنصر من عناصر ميليشيات النظام في الهجوم الأخير على كفرنبودة. وبث إعلام العزة شريطا مصورا للسيطرة على 16 صاروخا مضادة للدروع، فيما أخلى مقاتلو الفصائل العربات والدبابات والسيارات المحملة بالرشاشات من منطقة الاشتباك والقصف إلى خطوطهم الخلفية حسب مصادر محلية مقربة من فصائل المعارضة.
إلى الغرب من كفرنبودة، فشل النظام مجددا في التقدم على جبهة سهل الغاب ولم يتمكن من التقدم شمالا من بلدة الحويز فيما استمر القصف المتبادل بين فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” وحواجز النظام في الجانب الغربي من سهل الغاب في الكريم والصيف والجيد. فيما دمرت فرق الصواريخ المضادة للدروع م/د عشرات الأهداف بين دبابات وناقلات جند وآليات وسيارات للميليشيات. وساعد تمترس عناصر تلك الفرق في أعلى الجرف الصخري المطل على سهل الغاب في رصد وتدمير تلك الأهداف حيث تعاني قوات المليشيات المهاجمة من صعوبة كبيرة في الحركة والتنقل في السهل. وهو ما يفسر استماتة قوات النظام والمليشيات للتقدم على التلال الجنوبية لجبل شحشبو في الكركا شمال المضيق وتل ميدان غزال ومنطقة المقالع المتوسطة بينهما.
ولفت الناطق باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” النقيب ناجي مصطفى في اتصال مع “القدس العربي” عبر تطبيق واتس أب إلى أن فصائل الجبهة الوطنية “تستمر بتدمير الأهداف المعادية في سهل الغاب وعلى جبهة قلعة المضيق بصواريخ م/د. وتستنزف المليشيات وتكبدها عشرات القتلى يوميا في حرش الكركات وميدان غزال، وتصد محاولات التقدم واختراق هذه الجبهة الاستراتيجية للغاية”. وأشار إلى أنه “يجري التحضير لعمل عسكري كبير بعد امتصاص هجوم النظام ووقف تقدمه”.
من جهة أخرى، بعد 20 يوماً على بدء الحملة العسكرية الأخيرة والصمت التركي في التعاطي مع الهجوم على منطقة “خفض التصعيد” الرابعة، فضلت أنقرة التفاوض عبر محاولة تغيير المعادلة العسكرية على الأرض بعد فشل المحادثات المستمرة في غرفة التنسيق المشتركة في أنقرة بين الضامنين أو عبر الخط الساخن بين وزارتي الدفاع الذي شُغّل عقب اتفاق سوتشي الذي وقعه الرئيسيان بوتين وأردوغان في أيلول (سبتمبر) 2018.
ولأول مرة منذ بدء معركة “درع الفرات” ولاحقاً معركة “غصن الزيتون”، تسمح تركيا لفصائل ما يعرف باسم “درع الفرات” بالمشاركة في عملية عسكرية في منطقة تقع شمال غرب سوريا. ورغم قلة الأعداد المتوجهة إلى جبهة ريف حماة الشمالي مقارنة بأعداد مقاتلي “الجيش الوطني” في تلك المنطقة، إلا أنها توجه رسالة للضامن الروسي أنه ليس منطقة “خفض التصعيد ” وحدها من سيشتعل وإنما كل المناطق المجاورة لحلب، وهو ما يعني تهديدا تركيا ناعما لروسيا من أن الانهيار لن يقتصر على اتفاق سوتشي ومسار أستانة، وإنما على الجبهة الشمالية أيضا المقابلة لحلب.
في نهاية الأمر لا تفضل أنقرة بكل تأكيد أن تنزلق الأحداث لتلك النهايات، لكن تحريك المجموعات العسكرية الصغيرة هذه رسالة لا توجه إلى موسكو وحدها، ولكنها ورقة تركية في وجه المساومات والمفاوضات المعقدة بين تركيا وأمريكا فحواها أن الأمور ليست على ما يرام مع موسكو وهو ما تفضل سماعه واشنطن بكل تأكيد.
المصدر: القدس العربي