نتنياهو والتخوف من امتدادات إيران في سورية

أمجد العربي

يقول ماجد علوش” إن إسرائيل ستظل معتمدة على قواها الذاتية، وتفاهماتها الدولية ماضية في منع سيطرة إيران على المنطقة والاستفادة من دورها التخريبي في الآن معًا ولن يقع الصدام، إلا إذا ارتكبت إيران حماقة من العيار الثقيل”.

تتوالى اجتماعات بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي مع فلاديمير بوتين وللمرة السابعة خلال عامين، وكان آخرها ما جاء بالتزامن مع مؤتمر سوتشي، ويبدو (حسب مراقبين) أن المسألة السورية وتفاعلاتها كانت الهم الأساس لدى نتنياهو في مباحثاته مع بوتين، بحثًا واتفاقًا، بما يرتبط بمصالح الكيان الصهيوني بكل تأكيد. وبما يتعلق بالتواجد الإيراني في سورية وكذلك ميليشيا حزب الله واقترابهما من حدود فلسطين. حيث قال بعد انتهاء اجتماعهما الأخير: «لن تسمح إسرائيل لإيران بتعزيز وجودها في سورية وتحويل لبنان إلى مصنع للصواريخ دقيقة التوجيه… لقد أوضحتُ لبوتين بأننا سوف نوقفها عند حدّها إذا لم تتوقف بنفسها”.  حول هذا التصريح كان لجيرون سؤالًا طرحته على بعض الباحثين والكتاب والسياسيين السوريين وهو هل ستكون الحرب بين اسرائيل وحلف إيران في سورية؟ أم أن لدى نتنياهو غايات استراتيجية أخرى من هكذا تصريح؟

الباحث السوري سليمان الشمر قال لجيرون ” هذه التصريحات الكثيرة التي تحمل نفس المضمون التحذيري ويرددها المسؤولون الاسرائيليون لها غايتان، أولاهما تحضير المجتمع الإسرائيلي لتقبل فكرة حرب جديدة، وتحريض بيئة الطرف الآخر والثاني كسب تعاطف أو تأييد الولايات المتحدة والغرب لحربها المقبلة إن وقعت”. ويتابع قائلًا ” الصراع في سورية دخل مراحله النهائية، وتريد إسرائيل ضمان حصتها من النفوذ في سورية، كما تريد مساعدة روسيا في ذلك، وهو سيكون على حساب النفوذ الإيراني، وإذا لم تحصل عليه فالحرب واقعة، لكن أين؟ في لبنان في سورية بكليهما؟ هذا سوف يتوقف على طبيعة الرد الإيراني، لأنها ستكون حرب بالوكالة من قبل إيران”.

الكاتب السوري عبد الرحيم خليفة أكد لجيرون أن ” الحرب بين اسرائيل وإيران مشتعلة فعليًا في سورية، فقد استهدفت إسرائيل القوات السورية عدة مرات، وتم تداول معلومات من مصادر عدة عن استهداف مستودعات ذخيرة وأرتال عسكرية، خلال السنوات الماضية، وهناك معلومات عن تحضيرات لضربة لحزب الله، بما يعني أن اسرائيل لن تسمح لإيران بأن تحقق أهداف مشروعها بالتمدد والوصول إلى لبنان، وبالتالي لحدودها” ثم أشار إلى أن ”  زيارة نتنياهو السابعة لروسيا تزامنت مع مؤتمر سوتشي، ما يعني أن اسرائيل قالت كلمتها في موضوع التسوية و(السلام)في سورية، وفي هذا الشأن، بالطبع، الحديث عن مستقبل الوجود الإيراني برمته في سورية. يجب أن ندرك أيضا أن هناك الآن علاقات على المستوى الاستراتيجي بعيد المدى بين اسرائيل وروسيا، وتفاهمات على مختلف قضايا المنطقة”.

الكاتب والمعارض السوري ماجد علوش تحدث لجيرون مؤكدًا ” إن زيارات نتن ياهو المتكررة إلى موسكو تتعلق دائمًا بالبحث في نقطتين أساسيتين، الأولى تنسيق العمليات العسكرية الجوية والصاروخية بين روسيا وإسرائيل في الأجواء والأراضي السورية بموجب تفاهم 2015، والثانية بحث الوجود العسكري الإيراني المباشر وغير المباشر في سورية ولبنان، إضافة إلى المسائل الروتينية كالقضية الفلسطينية والعلاقة الثنائية وغيرها.” وحول غايات إسرائيل من ذلك قال  

” نعم لديها غايات حتما، ذلك أن قادة إسرائيل يدركون أن إسرائيل أُنشئت في الأصل كدولة وظيفية في سياق الصراع داخل أوربا من جهة، وعلى الشرق الأوسط والعالم من جهة أخرى، لكن إدراكهم لم يمنعهم من السعي إلى التحول من دولة وظيفية إلى دولة طبيعية، وهنا بتقديري تتمحور السياسات الخارجية الإسرائيلية الإقليمية والدولية، ومن هنا أيضًا يكون النفاذ إلى الشطر الثاني وهو هل تقع الحرب بين إسرائيل والمحور الفارسي؟ وأقول إسرائيل تريد الحفاظ على ترتيبات سياسية مع الدول الفاعلة تقرُّ بحقها في مجال حيوي يحفظ لها أمنها كي تتصرف لاحقًا وفق ذاك الإقرار الدولي وتتكفل هي بالحفاظ على الترتيبات العسكرية المحققة للهدف السابق، وطبيعة المشروع الفارسي الذي يهدف هو الآخر للسيطرة على المنطقة العربية، باعتقاد أصحابه أنه السبيل للجلوس على الطاولة الدولية جنبًا إلى جنب مع الكبار. من هنا فالتعاطي مع المشروع الفارسي إسرائيليًا وأميركيًا، يحمل الكثير من التناقضات، فمن جهة هو أفضل أداة لتدمير المجتمعات العربية الهشة من الداخل، وهو ما يسهل المهمة الاسرائيلية الاستراتيجية أي التفوق للانتقال إلى الدولة الطبيعية، إذا شعرت أن الغرب قرر إنهاءها كدولة وظيفية، فتستمر هي بإمكاناتها الذاتية، ومن جهة أخرى فالسيطرة الفارسية على المنطقة العربية تعزز احتمالات الصدام في لحظة ما بين إسرائيل وإيران، إذا استشعرت الأخيرة القوة، أو إذا افترقت مصالح الدولتين بشكل حدي “. ثم انتهى إلى القول ” من هنا نعتقد أن إسرائيل ستظل معتمدة على قواها الذاتية، وتفاهماتها الدولية ماضية في منع سيطرة إيران على المنطقة والاستفادة من دورها التخريبي في الآن معًا ولن يقع الصدام، إلا إذا ارتكبت إيران حماقة من العيار الثقيل “.

الكاتب والمعارض السوري فؤاد إيليا يقول لجيرون من الواضح أن شرارة الأحدث في سورية مازالت تشكل خطرًا لتفجير منطقة الشرق الأوسط بكاملها. ومن الواضح أن إسرائيل تراقب عن كثب تطور الأوضاع في المنطقة خوفًا من أن يصيبها شيء ما من الأحداث. وهي وإن كانت حتى الآن لم تظهر على أنها لاعب إقليمي في المنطقة، لكننا يجب أن نعرف أنها اللاعب الأهم في كل الأحداث بسبب علاقاتها المتشعبة مع الدول المتصارعة في المنطقة، خاصة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، اللتين تعملان على ضمان أمنها، ومن الواضح أن العلاقات الإيرانية الإسرائيلية اختلفت بعد سقوط شاه إيران. وما أظهرته إيران من حالة عدائية تجاه اسرائيل إنما كانت حالة دعائية من أجل كسب الشارع العربي والإسلامي، من خلال تبني العداء لها.” لكنه أكد أيضًا على ” أن هذه البروبوغندا الاعلامية لا يمكن أن تحقق نصرًا لإيران أو هزيمة لإسرائيل. وهي ككل النظم العربية الاستبدادية استخدمت الشعارات من أجل ترسيخ استبدادها، وفي الحالة الايرانية محاولة لتصدير أفكارها إلى الدول الاسلامية. وهكذا بنت لنفسها أذرعًا في الأماكن التي استطاعت أن تتغلغل فيها كتحالفها مع نظام الأسد الأب والابن أو اليمن أو من خلال حزب الله في لبنان. إضافة إلى سيطرتها في العراق، وإن تكديس الأسلحة في لبنان ليست من أجل ضرب إسرائيل، وإنما لفرض نفوذ حزب الله في لبنان بقوة السلاح، ومحاولة لإيجاد موطئ قدم لإيران على ساحل المتوسط، علها تفرض نفسها لاعبًا إقليميًا في المنطقة. هذا السلوك الإيراني يتضارب في مكان مع مصالح إسرائيل مما يدفعها إلى حالة من الترقب والطلب من الجهات المؤثرة الآن في الساحة السورية وهي في هذه الحالة (روسيا) فكان لابد من تكرار اللقاءات مع الروس المؤثرين عسكريًا في سورية، والمتناقضين في هذه النقطة مع المصالح والتطلعات الإيرانية. بالرغم من أن روسيا كانت تحاول منذ القديم من العهد القيصري وحتى السوفياتي إقامة علاقات ود مع إيران بكافة مراحلها السياسية بهدف الوصول إلى المياه الدافئة لكن هذه العلاقة لا يمكن أن يكون لها الأولية على العلاقة الروسية الاسرائيلية “.  ثم انطلق إلى القول” من هذه الرؤية أنا استبعد أن تتفجر العلاقة الاسرائيلية الإيرانية، ذلك لأن هذا التفجر قد يؤدي إلى تطورات خطيرة على مستوى العلاقات الدولية التي يحاول الجميع الآن ضبطها وعدم انتقال شرارات الحرب الى ما هو ابعد”.

المصدر: جيرون

مقالات ذات صلة