أحمد قاسم
مازالت تعيش في فكر الملايين في منطقتنا. فمن يريد القضاء عليها، لابد له من التحضير لثورة فكرية (ثقافية اجتماعية) لقلب المفهوم المجتمعي للتاريخ والعقيدة والفكر المدمر. وكذلك لمفهوم الحكم والسلطة من الرعاع والاقطاعية الدينية والعشيرة إلى المدنية التي فيها تزدهر حديقة الألوان وتجمل البلاد بألوانها المختلفة. علينا مواجهة ذلك الفكر الذي يجد في قطع الرؤوس جهادا ومفتاحا الى الجنة، الفكر الذي يرى في المختلف عدوا، والعقيدة التي ترى في الأخرى كفرا هي من تهيئ للتطرف والتشدد بؤرة وتغذيها بالفكر والتربية المدمرة. إن إعادة صياغة التاريخ لمصلحة الإنسان عمل رائع لإعادة بناء حضارة الإنسان للإنسان … فالتشوهات في كتابة التاريخ وتمجيد الحروب والقتل والغزوات وجعل المجرمين والقتلة أبطالا، وآكلي لحوم البشر” تحت ستار نشر الدين أو الفكر بهدف الحصول على المال أو إشباع الغريزة ” وصفهم بالأولياء والجهاديين… إنها صفحات ملطخة بدماء أناس أبرياء وثقافة تدمر الحس والمشاعر الإنسانية تجاه الآخر… وإلا، كيف استطاع من تثقف على يد الدواعش أن يذبح الإنسان وهو يرقص ويهلهل باسم الله.. قطعا هو تربى وتثقف واخذ بعقيدة وارشادات المفكرين من أعداء الإنسان والإنسانية من خلال قراءته للتاريخ الذي يمجد هؤلاء … إذا، لا يمكن القضاء على “داعش” وأمثالها إذا ما تمت استقامة للتاريخ ونقده نقدا علميا وفكريا ابداعيا خدمة للسلم العالمي أولا وكذلك للإنسان الذي يجب أن يكون بأحسن صورته.. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التغيير في أنظمة الحكم والسلطة والإدارة بتحولات ديمقراطية متساوية بين الشعوب والأطياف المختلفة في الجنس والفكر والعرق… فقط الأنظمة الحاكمة هي من تستطيع القيام بهذه الثورة لاقتلاع التطرف والتشدد ضد الآخر المختلف وإعادة صياغة التاريخ لصالح الإنسان وحضارته من خلال تكليف المجاميع من المفكرين والمؤرخين ذوات الاختصاص الذين يؤمنون بالتعايش السلمي بين الشعوب والتشاركية في إدارات الحكم.. هذا إضافة إلى التغيير في مناهج التعليم الأساسي والمتوسط في المدارس لبناء الإنسان بناء صالحا للمجتمع وليس قنبلة موقوتة تنفجر حينما يلزم لأهل العقيدة المدمرة كما نراها اليوم والعياذ بالله. اتفهم وأدرك صعوبة العمل لتحقيق الهدف، إلا أننا مضطرون للبدء به فكريا ولنحرك العقل بذلك الاتجاه، حيث أن منطقتنا تغلي غليان حمم البركان، فالإنسان أولا وآخرا مستهدفا والحضارة الإنسانية هي مستهدفة، وكلنا في سفينة تحترق بنيران التطرف والإيديولوجيات الحاقدة المتشددة التي لا تعرف إلا القتل والذبح والتدمير باسم الجهاد… مع كل ذلك علينا أن نواجه الحقيقة ونعلن الثورة على هذه الآفة التي سميت بالإرهاب.