غريزة العبد تُعشّشُ في أرواحهم كما تُعشّش العناكب في قصر مهجور، لأن فكرة الحاكم الاله والحق الإلهي للملوك والرؤساء تسيطر عليهم سيطرة كاملة ، فيرضخون له ولأحكامه وقراراته مهما كانت رضوخاً كاملاً لا يقبل النقاش.
عندما قام الرئيس الأميركي الأسبق ابراهام لينكولن بتحرير العبيد في ستينيات القرن التاسع عشر، شعر معظم السود بالفرحة العارمة، فأخذوا يرقصون ويُهللّون وهم لا يصدقون ما حدث، لكن البعض منهم شعر بالصدمة والحيرة، فبدؤوا يتساءلون فيما بينهم: ما هو مصيرنا؟ الى أين سنذهب؟ ماذا سنعمل لكسب قوت يومنا؟ لقد وُلِدنا وعشنا طوال حياتنا في ظل العبودية. خَبِرناها تماماً وتشرّبتها أرواحنا وتغذّت عليها، لا نعرف حياة غير هذه، ماذا سنفعل بهذه الحرية التي هبطت علينا فجأة؟! لقد كانت الحرية حملاً ثقيلاً لا يستطيعون النهوض به، وقيداً من نوع آخر لا يعرفون كيفية تحطيمه وكانوا ينوؤون تحت العبء المدمّر لغريزة العبد، هذه الغريزة الموجودة عند الكثير جداً من الناس في كل زمان ومكان، حتى في عصرنا هذا… عصر العلم والتكنولوجيا والدفاع عن كرامة الانسان، نراها واضحة تماماً في أفكار وسلوكيات العديد ممن وصلوا إلى أعلى مراتب العلم والتحصيل العلمي ، وتمكنوا من جني ثروات طائلة، ويعيشون حياة بذخ وترف مُسيّجة بالتكبّر والعجرفة، ومع ذلك فغريزة العبد تُعشّشُ في أرواحهم كما تُعشّش العناكب في قصر مهجور، لأن فكرة الحاكم الاله والحق الإلهي للملوك والرؤساء تسيطر عليهم سيطرة كاملة ، فيرضخون له ولأحكامه وقراراته مهما كانت رضوخاً كاملاً لا يقبل النقاش حتى يصبح هو والوطن شيئاً واحداً…وجهين لعملة واحدة ، تحيا البلادُ وتزدهر ببقائه، وتزول وتختفي من على وجه البسيطة بذهابه لكن هل هذا ما حدث للشعب الألماني بعدما تحرّر من غريزة العبد وفكرة الحاكم الفرد التي جسّدها هتلر؟ هتلر الذي أمر بإغراق
ألمانيا بالمياه بعدما شعر بقرب نهايته لاعتقاده أن هذا البلد لا يستحق الحياة من دونه، أتوجّه بكلامي هذا إلى الذين لايزالون يهتفون ليلاً ونهاراً وبأعلى صوتٍ والدموع تنهمرُ من مآقيهم: الله.. سورية. بشار وبس!!