في أحدث موجة من البروباغاندا الروسية المركزة، ساقت “هيئة الأركان الروسية” مجموعة من المزاعم عن وقائع وغايات عملياتها العسكرية في سوريا، تضمنت مقداراً غير مسبوق من الأضاليل والإدعاءات الزائفة.
إذ أعلنت هيئة الأركان الروسية، الاثنين، أن “هجمات المسلحين من منطقة إدلب أدت إلى مقتل 110 جنود سوريين و65 مدنياً خلال 4 شهور”. إلا أن مصادر “المدن” تؤكد أن عدد قتلى قوات النظام قد تجاوز فعلياً الـ600 منذ بدء معركة ريف حماة الشمالي.
وأفاد رئيس إدارة العمليات التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الفريق أول سيرغي رودسكوي، أن “الإرهابيين مستمرون في محاولة تنظيم الهجمات على قاعدة حميميم الجوية في سوريا”. وقال: “إن الإرهابيين لا يوقفون محاولات تنظيم هجمات على قاعدة حميميم الجوية. ولهذا الغرض يستخدمون أنظمة راجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار في عمليات القصف”.
المعارضة كانت قد كثّفت من قصفها لقاعدة حميميم لأنها المنطلق الرئيسي للهجمات الجوية على مناطق المدنيين في عمق إدلب، والتي تسببت بمقتل المئات من الأطفال والنساء.
شمال شرقي سوريا
وقال رودسكوي إن “الأراضي التي تسيطر عليها واشنطن والتحالف الدولي بمنطقة الفرات بسوريا شهدت 300 عملية إرهابية قتل فيها 225 شخصا، وذلك خلال شهري يونيو ويوليو”. وأضاف: “بالإضافة إلى تدريب المسلحين، تنشغل الوحدات الأميركية في سوريا بنهب المنشآت النفطية والحقول في منطقة الفرات التابعة للحكومة السورية الشرعية”، مشيرا إلى أن الشركات العسكرية الأميركية الخاصة تزيد من عدد موظفيها في المواقع النفطية السورية في منطقة الفرات وعددهم الآن يتجاوز 3500 شخص”.
وأوضح: “يتم استخراج وبيع النفط السوري من حقول كونكو والعمر وتنك الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات. هناك مخطط إجرامي لنقل النفط السوري عبر الحدود، يحدث ببساطة نهب الثروة الوطنية السورية”.
رودسكوي، تعامى عن هيمنة روسيا على مرفأ طرطوس، وقاعدة حميميم، وصناعة الفوسفات والأسمدة السورية، ومطار دمشق، والتنقيب عن الغاز في الساحل السوري، بعقود حصرية واحتكارية لا تقل عن 50 عاماً قابلة للتجديد، وحاول فبركة معلومات مغلوطة عن الاستثمار الأميركي في النفط السوري. فالإنتاج المتهالك للنفط السوري في الجزيرة السورية، عالي الكبريت وغير الصالح للتصدير، يتم بتقنيات باتت اليوم بدائية، ومع ذلك، يتم تهريبه عبر شركة القاطرجي، الوكيل الحصري للنظام، إلى مصفاة حمص، بالتواطؤ مع “الإدارة الذاتية” الكردية. “نقل النفط السوري عبر الحدود”، هو محض دعابة ساقها رودسكوي. فالعراق منتج حقيقي للنفط، وليس بحاجة للنفط السوري. و”وحدات حماية الشعب” الكردية لن تسمح بوصول تلك الكميات القليلة من النفط إلى تركيا، عدوها الأول.
الركبان
وشدد على أن مسؤولية مقتل المدنيين في مخيم الركبان تقع على عاتق الولايات المتحدة التي ترفض القيام بأي شيء لحل الأزمة الإنسانية هناك”. وتابع: “المئات، إن لم يكن الآلاف، من الناس الذين توفوا حفرت قبور لهم على عجل خلف سور المخيم. والصور التي التقطت من أقمارنا تؤكد ذلك. وتقع المسؤولية الرئيسية في وفاة المدنيين على الولايات المتحدة، التي رفضت منذ فترة طويلة فعل أي شيء لحل أخطر أزمة إنسانية في الركبان”.
حصار قوات النظام الخانق للركبان، ومنع الغذاء والدواء عنهم، وحتى الماء، ولو عبر الحدود الأردنية، هو سبب الموت في الركبان. الحل الروسي، هو تجويع المخيم حتى ركوعه. إلا أن غالبية سكان المخيم يرفضون العودة إلى مناطق النظام، مفضلين الموت جوعاً عليها. فالموت جوعاً، يتساوى لديهم مع الموت تحت التعذيب في معتقلات النظام.
كما أفاد المسؤول العسكري الروسي أن “المدربين الأميركيين يقومون بإعداد تشكيل مسلح في منطقة الـ55 كيلومتراً في التنف السورية”. وقال: “يقوم المدربون الأميركيون بإعداد التشكيل المسلح، مغاوير الثورة وعدد من المجموعات المسلحة الصغيرة التابعة لما يسمى بجيش الكتائب العربية في منطقة الـ55 كيلومتراً في التنف”.
ووفقاً له، فإن “المروحيات العسكرية الأميركية في شرق الفرات تقوم بنقل المسلحين، الذين أنهوا فترة الإعداد في التنف”. وأضاف أيضا أنه “يجري إرسال المخربين إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية لزعزعة استقرار الوضع ومنع تقوية مواقع الحكومة السورية هناك”. وأوضح: “مهامهم هي القيام بعمليات تخريب وتدمير البنية التحتية للنفط والغاز وارتكاب أعمال إرهابية ضد القوات الحكومية. ولوحظ تواجد مثل هذه الجماعات في بلدات السويداء وتدمر وأبو كمال”.
الأميركيون لم يكترثوا لموت الناس جوعاً في الركبان، ولا تدخلوا لفرض قرار دولي بإدخال المساعدات لهم. وهم يتلاعبون بفصائل المعارضة، عبر تمويلها وقطع التمويل عنها، بحسب الحاجة الأميركية. لكن الحقيقة، أن الأميركيين غير مهتمين بتخريب “البنى التحتية النفطية” التي سبق ودمرها النظام و”داعش”، ولا بإرسال 150 مقاتلاً هم كل تعداد “جيش مغاوير الثورة” لتنفيذ مهام في مناطق النظام. هدف الأميركيين الوحيد، هو تأمين قاعدة الـ55، ضد “الدواعش” والإيرانيين.
أكذب ثم اكذب..
وأعلن رودسكوي، أن “تحليق سلاح الجو الروسي في سوريا تم تقليصه إلى الحد الأدنى ويجري كجزء من التدريب القتالي والاستكشاف الإضافي للوضع”. وقال: “تقوم مجموعة القوات الجوية الروسية في سوريا بأنشطة تدريبية وقتالية، وهي على استعداد للقيام بمهام مكافحة الإرهاب. وتقلصت تحليقات الطيران إلى الحد الأدنى وغدت في إطار التدريب القتالي والاستطلاع الإضافي”.
وماذا عن عشرات الطائرات التي تقلع يومياً من حميميم لتصب صواريخها الفراغية والارتجاجية والفوسفورية ضد مواقع المدنيين في إدلب وأريحا وخان شيخون وغيرها، مخلفة المجزرة تلو المجزرة؟
وأضاف: “بالتعاون مع زملائنا الأتراك نتخذ تدابير لتحديد وتدمير نقاط النار للإرهابيين ومعداتهم وأسلحتهم ومستودعات الذخيرة”. وأكد أن “المقاتلات الروسية تحدد أهدافها فقط بعد استطلاع مسبق. ويتم دراسة الموقع مرارا وتكرارا من خلال 3 قنوات مستقلة على الأقل. وجميع الضربات دقيقة”.
طبعاً، طيران الاستطلاع الروسي لا يغادر سماء إدلب، بل هو معني برصد تجمعات المدنيين وتحديدها كأهداف عسكرية يتناوب الطيران على قصفها. الهدف الروسي هو تهجير المدنيين في عمق محاور القتال، وهذه طريقتهم الوحيدة المتبعة في القتال منذ بدء ندخلهم العسكري نهاية العام 2015.
وتابع: “في الوقت الجاري يسجل الاستطلاع حركة سرية وتمركز المسلحين في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة خفض التصعيد (في إدلب). وتتم إعادة نشر ما لا يقل عن 500 إرهابي من أحرار الشام من المناطق الشمالية من محافظة إدلب. ويجري الاستعداد لعمليات هجومية”.
وهذه معلومة قديمة جداً، إذ سبق وعاد معظم مقاتلي “أحرار الشام” من الشمال السوري إلى ريف حماة الشمالي، منذ 4 شهور. معظم مقاتلي “أحرار الشام” هم من ريف حماة الشمالي، وعادوا للمنطقة دفاعاً عنها، بعدما سبق وهجرتهم منها “هيئة تحرير الشام”.
كما أكد أن “صور وسائل الفضاء الروسية، والطائرات المسيرة الروسية، أكدت عدم المساس بسوق معرة النعمان، الذي زعمت منظمة الخوذ البيضاء تدميره خلال قصف جوي روسي”. وتابع: “قامت الطائرات المسيرة الروسية يومي 24 و26 يوليو الجاري بالتحقق مرتين من التقارير التي أفادت بتدمير سوق في معرة النعمان، وتصوير السوق والأماكن المحيطة به. أي بعد مزاعم توجيه ضربة جوية”. وأشار إلى أن “هذه المعلومات أكدتها أيضا صور وسائل الفضاء الروسية، التي تم التقاطها في 25 يوليو الجاري”.
قد يكون رودسكوي، صادقاً في هذه الجزئية وحدها. نعم، طيران النظام الحربي من ارتكب مجزرة سوق معرة النعمان، لا الطيران الروسي. لكن السؤال يبقى؛ ما الفرق بينهما؟.
المصدر: المدن